ألقت قوة عسكرية سودانية، أمس الاثنين، القبض على وزراء ومسؤولين سودانيين، وسط أنباء عن وضع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية في منزله، وحديث عن «انقلاب عسكري». جاء ذلك في بلاغ للحكومة السودانية التي قالت إن قوة من الجيش اعتقلت رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ونقلته إلى مكان مجهول. إلى ذلك، أعلن القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حل مجلسي السيادة والوزراء، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد. وقال البرهان، في بيان مقتضب عبر التلفزيون الرسمي، إن الجيش ملتزم بالوثيقة الدستورية للعملية الانتقالية، لكنه في الوقت ذاته أعلن تعطيل عدد من بنودها، مع التعهد بالالتزام بالمواثيق الدولية التي أبرمت خلال الفترة السابقة. كما أشار إلى قرار بتجميد عمل، ما يعرف بلجنة التمكين، ومراجعة آليات عملها وأهدافها، والتي عملت خلال الفترة الماضية على ملاحقة وفصل كافة المنتمين للنظام القديم. وقرر البرهان كذلك إقالة جميع ولاة الولايات، وتكليف الأمناء العامين للوزارات بتسيير أعمال وزاراتهم، كما قال إن الجيش سيشكل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، لحين إجراء الانتخابات المقبلة، وتسليم السلطة للمنتخبين. وبشأن خلفيات قرار الجيش بالسيطرة على السلطة، قال البرهان، إن تكالب بعض الأطراف وتنازعها، عطل مناحي الحياة، ودفعنا لاتخاذ هذه الخطوات. وشدد على أن ما يمر به السودان «خطر حقيقي، يبدد مطالب الشباب بالسلام والحرية والعدالة»، مضيفا «المرحلة الانتقالية، قامت على التراضي المتزن حتى الوصول للانتخابات، لكن الأمور انقلبت إلى صراعات، والانقسامات تسببت في خطر وشيك على البلاد». وأكد قائد الجيش على التزام القوات المسلحة السودانية، بتحقيق «شعارات الشباب بالحرية والعدالة والسلام، وستمضي قدما في الانتقال الديمقراطي إلى حين تسليم السلطة إلى حكومة منتخبة». وكانت وزارة الإعلام قد أكدت على صفحتها بموقع فيسبوك، أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وجه رسالة من مقر إقامته الجبرية، طلب فيها من السودانيين «التمسك بالسلمية، واحتلال الشوارع للدفاع عن ثورتهم»، وفق ما نقلته. وتابعت: «القوات العسكرية المشتركة، التي تحتجز حمدوك داخل منزله.. تمارس عليه ضغوطات لإصدار بيان مؤيد للانقلاب». من جانبه قال مكتب رئيس الوزراء السوداني، في بيان عبر صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، إنه تم اختطاف حمدوك وزوجته فجر أمس الاثنين، من مقر إقامتهما بالخرطوم، واقتيادهما لجهة غير معلومة. من جانبها نقلت وكالة رويترز، عن ثلاثة مصادر سياسية قولها، «إن جنودا اعتقلوا معظم أعضاء مجلس الوزراء السوداني، وعددا كبيرا من قادة الأحزاب المناصرة للحكومة، اليوم الاثنين، في ما يبدو أنه انقلاب عسكري». إلى ذلك قالت وزارة الإعلام، عبر فيسبوك، إن قوات عسكرية مشتركة اقتحمت مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان واحتجزت عددا من العاملين. وشهدت العاصمة السودانية، ومناطق أخرى، منذ ساعات الصباح الباكر، احتجاجات واسعة وإغلاقا لطرق رئيسية، من قبل الجيش ومحتجين، رفضا لانقلاب الجيش. وتدفق آلاف السودانيين إلى مقر قيادة الجيش في الخرطوم، وتمكنوا من دخول الشارع المؤدي إليه، لكنهم قالوا إن القوات المتواجدة في المكان، أطلقت النار ما أدى إلى إصابة عدد من المتظاهرين، وجرى نقلهم على الفور لتلقي العلاج. وقالت لجنة أطباء السودانية المركزية، إن 12 شخصا، تم تسجيل إصابتهم بالرصاص وقنابل الغاز، منذ اندلاع التظاهرات صباحا. وقالت اللجنة، إن بعض الإصابات خطيرة، مشيرة إلى إصابة بالرصاص لأحد المتظاهرين في أم درمان، وإجراء عملية عاجلة له. ونقلت رويترز عن وزارة الإعلام قولها: «إن ما حدث انقلاب عسكري متكامل الأركان وندعو الجماهير لقطع الطريق على التحرك العسكري لقطع الطريق أمام التحول الديمقراطي». وأضافت: «ندعو لإطلاق سراح المعتقلين ونرفع الصوت عاليا لرفض المحاولة الانقلابية». وقالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، أمس الاثنين، إن «أي انقلاب في البلاد مرفوض وسنقاومه بكافة الوسائل المدنية». وأضافت المهدي، في تصريحات متلفزة، أن «احتجاز رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في جهة غير معلومة أمر خطير جدا وغير مقبول». وتابعت: «لا أعتقد أن حمدوك سيقبل الإملاءات لإقالة حكومته». وحذرت من أن «الشراكة بين المدنيين والعسكريين أصبحت في محك خطير». وذكرت أنه «لا توجد أي اتصالات بين وزراء الحكومة بسبب انقطاع وسائل التواصل المباشرة وإغلاق الجسور». وأشارت إلى أن الإنترنت وجميع الاتصالات مقطوعة في البلاد. وقالت المهدي، إن وزراء الحكومة غير المعتقلين سيجدون طريقة للتواصل وترتيب الأمور خلال الساعات القادمة، دون تفاصيل أكثر. وأضافت: «نحذر الجميع من إراقة قطرة واحدة من دماء الشعب». إلى ذلك دعا تجمع المهنيين السودانيين، في بيان، الشعب السوداني و»قواه الثورية للخروج إلى الشوارع ومقاومة أي انقلاب عسكري، قائلا: «نناشد الجماهير للخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين والعصيان المدني في مواجهتهم».