"التوحيد والإصلاح" تطالب بمنهجية تشاركية في إعداد مدونة الأسرة    38 قتيلا ونجاة 28 آخرين في حادث تحطم طائرة أذربيجانية بكازاخستان    هزيمة جديدة للمغرب التطواني أمام الجيش الملكي تعمق من جراح التطوانيين    وكالة المياه والغابات تعزز إجراءات محاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون    شاب ثلاثيني يلقى مصرعه تحت عجلات حافلة شركة "ألزا" بطنجة    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    قيوح يعطي انطلاقة المركز "كازا هب"    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    أخبار الساحة    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    الحصيلة السنوية للأمن الوطني: أرقام حول الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    ترامب عازم على تطبيق الإعدام ضد المغتصبين    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    مهرجان جازا بلانكا يعود من جديد إلى الدار البيضاء    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ندوة علمية بمراكش عبد الحميد اجماهري: الجهوية المتقدمة في مواجهة مخاطر التمركز بعد انتخابات 8 شتنبر

نقاش عميق في مآلات الجهوية عرفته الندوة التي نظمها بمراكش مركز أفروميد يوم الخميس 14 أكتوبر الجاري في موضوع « تأملات في مسارات الجهوية المتقدمة في ضوء مخرجات انتخابات 08 شتنبر 2021» بمشاركة عدد من الأكاديميين ومن المسؤولين في مجالس الجهوية، تقاطعت فيها الخبرة الميدانية بالخبرة المصاحبة الأكاديمية. ويأتي يتنظيم هذه الندوة في سياق القلق العلمي بعد إجراء انتخابات 08 شتنبر 2021 التي كان يعتبرها المهتمون والباحثون بمثابة نقطة انعطاف حقيقية في إبراز المآلات والمسارات الجديدة للجهوية المتقدمة، وعلى اعتبار أن تقرير اللجنة الإستشارية للجهوية المتقدمة والموسعة راهن على أن عامل النخب يبقى هو المحدد الأساسي في إنجاح التجربة.
الجهوية خيار يصعب
التراجع عنه:
في مداخلته التي حملت عنوان» الجهوية و تنزيل النموذج التنموي : أدوات السياسة و التنظيم» قدم عبد الحميد اجماهري عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و النائب الرابع لرئيس مجلس جهة الدار البيضاء في الولاية السابقة تشخيصا لما أسماه بمسالك ضيق التنفس الديمقراطي الترابي فيما يتعلق بالجهوية و تحولات الدولة المركزية.
و أكد أن الجهوية نقاش بدأ قبل دستور 2011 و اعتُبر أقصى إصلاح سياسي و ترابي يمكن أن يقدمه المغرب. بل ربما اعتبر الوثيقة الأساسية فيما يتعلق بالإصلاح السياسي و الإداري. موضحا أن السقف الذي وضع له هو تغيير طبيعة الدولة . و قال في هذا الصدد» بالطبع فمهمة تغيير طبيعة دولة مركزية عريقة فيها تراكمات ودوائر للمشروعية( دائرة المشروعية الدستورية، دائرة المشروعية التاريخية، دائرة المشروعية الدينية) كل ذلك يجعل من هذه المهمة برنامجا طموحا جدا. لكنه ظل محكوما بالسقف السابق لأحداث و دستور 2011، في حين ان النموذج التنموي يعتبر ثمرة استكمال 17 سنة من العهد الجديد. و هو ما يطرح سؤال ما يجمعهما اليوم كأفق للتفكير و النظر فيما يمكن أن يقدمانه لتطوير النظام السياسي ووتجويد السياسات العمومية و كل المفاهيم المهيكلة التي تقنن و تكيف تفكيرنا السياسي ومقترحاتنا وعرضنا السياسي؟»
ولاحظ اجماهري أنه في ضوء ما يحدث من تطورات اليوم هناك مستويين من التفكير، فإما أن ننحو في اتجاه التفكير العميق الاستراتيجي المهيكل و إما أنننا نسايره في التطبيق أي ما يتعلق بأدوات السياسة والتنظيم.
وسجل اجماهري غياب تصور لإعداد التراب الذي ينبغي أن يكون قاعدة للمخططات الجهوية للتنمية التي من المفروض أن تستجيب لما أسماه بالقلق الترابي الذي ينفجر من حين لآخر في جهة من الجهات، و هو ما يشكل عطبا كبيرا في فعالية الأداء الجهوي.
وأشار إلى غياب إطار تعاقدي بين الدولة و الجهات، وهي إحدى توصيات مناظرة أكادير حول الجهوية. حيث أن هذا الإطار لم يحدث فيه اتفاق إلا بالحد الأدنى موقع بالأحرف الأولى، فانتهت الجهوية إلى مرحلة التكريس في الوقت الذي لم يحدث أي تقدم في هذا الإطار التعاقدي ليظل في مستوى المفهوم أكثر منه بنية دالة قانونيا وماليا.
وأكد المتحدث أن تجربة الولاية السابقة كشفت أن هناك ضرورة للتأمين المالي للجهة، حيث أن تقرير النموذج التنموي يعتبر ان الجهة مصدرا للثروة في حين أنها في واقعها تبحث عن الثروة, وهو ما يطرح معضلة الاستخلاص أي مصدر تحقيق التأمين المالي للجهة. موضحا أن الحاجة اليوم تدعو إلى الانتقال بالجهة من شريك في الصرف إلى شريك في الاستخلاص. و هو ما يطرح ضرورة تغيير النظام الجبائي على أساس أن يكيف المركز نفسه مع الجهة لا أن تكيف الجهة نفسها مع المركز.
واعتبر اجماهري أن هناك حاجة ملحة للتأمين الثقافي للجهة، و ذلك باعتبار الثقافة المكون الأساسي لهذه الوحدة الترابية. حيث أنه من دون الاستجابة لهذه الحاجة ستواجه الجهة خللا هوياتيا عميق جدا. مؤكدا في هذا السياق أن دستور 2011 يمثل متنا ثقافيا، إذ لأول مرة نحصل على دستور بمنزع ثقافي واضح وهو ما يؤكده تكرار عبارة ثقافة عدة مرات، إلا أن هذه القوة الثقافية للدستور تضمحل على مستوى الجهة التي لا يشار في قانونها التنظيمي إلى الثقافة ولو مرة واحدة باستثناء الإشارة إلى الترفيه و حماية المآثر التاريخية. يضاف إلى ذلك أن هذا التأمين الثقافي غير وارد لدى جزء كبير من النخبة الجهوية و لا يحظى لديها باهتمام جدي.
وبالنسبة للتأمين القانوني للجهة لاحظ عبد الحميد اجماهري أنه من الصعب جدا التراجع عن خيار الجهوية، لكن هناك دائما نزعات للتمركز لدى الفاعل المركزي وقدرته المركزية.
وقدم اجماهري تشخيصا للتأمين السياسي للجهوية في ضوء ما جرى بعد انتخابات 8 شتنبرالتي أظهرت وجود هندسة مؤسساتية انطلقت من الجهات بالاتفاق على وظيفية سياسية حزبية في تدبير الجهات و هي التي أعطت من بعد القاعدة الترابية للحكومة. مسجلا أن الامتداد الترابي للحكومة في الجهات يشكل تجاوزا لهاجس التوازن الذي كان يشغل العقول المركزية للدولة بين الحكومة و الجهات و الذي ظل سائدا منذ اعتماد وحدة المدن الكبرى في 2003 وتكرر في 2011 و2015 حيث المدن في يد أحزاب المعارضة و المركز في يد أحزاب الأغلبية . و تساءل المتحدث هل هذا الوضع الذي طرأ بعد انتخابات 8 شتنبر يجسد تخليا من قبل العقول المركزية للدولة عن فكرة التوازن بين الحكومة و الجهات؟ و عبر عن تخوفه من أن يؤدي إغلاق حقل الجهوية وإغلاق الحقل المركزي إلى إغلاق الحقل السياسي كله بأن يصبح الفاعلون فيه محدودين جدا، مثلما تكمن خطورته أيضا في أن تصبح الجهات قاعدة للتمركز حيث تصبح الجهة في خدمة الحكومة عوض أن تكون الحكومة في خدمة الجهة، في حين أن مسلسل الجهوية المتقدمة بقتضي أن تنتقل الصلاحيات من المركز إلى الجهات، لا أن تتحول الجهة إلى الحصن الترابي القريب لدعم المركز.
وأكد على ضرورة أن تكون للجهة اختصاصات إجبارية غير قابلة للتفويت، مضيفا أن ما هو اختصاص محض للجهة مازال معطلا و مقيدا بمجموعة من القوانين التي صارت في حاجة إلى ملاءمة تشريعية و تنظيمية. و لاحظ أن تدبير الاستثناء الذي أظهرته الجائحة كشف هشاشة قانونية و مؤسساتية حيث يمكن في أي لحظة تعليق الجهوية في انتظار إنهاء الظرف الاستثنائي، في حين أنه لا يمكن الحكم على الديمقراطية إلا من خلال قدرتها على تدبير الحالات الاستثنائية.
وخلص اجماهري في ختام مداخلته إلى أن إنجاح ورش الجهوية المتقدمة يحتاج إلى ثقافة ديمقراطية حقيقية تتغير فيها نظرة الفاعلين لكل مراتب القرار، بما يصاحب ذلك من معركة فكرية لكل النخب و الأحزاب و مؤسسات التفكير ليكون النموذج التنموي كإطار مرجعي وكقيم وكوثيقة رفعت شعار مغرب الجهات لكي لا نعود إلى مغرب الرباط، و حتى لا نصبح أمام 12 جهة ممركزة.
التناسق التشريعي غياب مكلف:
وفي مداخلة بعنوان «حدود النظام الانتخابي في ترسيخ البعد الجهوي في المسلسل التنموي» تناول الأستاذ بجامعة القاضي عياض محمد الغالي مسألة التناسق التشريعي و أثره على ترسيخ الجهوية كما هو الحال بالنسبة لحالة التنافي حيث نجد التشريع ينص أن أن يكون برلماني رئيسا لجماعة يفوق عددها 300 ألف نسمة تفاديا لتراكب المسؤوليات، لكنه في نفس الوقت يسمح للوزير بتدبير جماعة بملايين السكان. مؤكدا أن هذا الوضع يطرح بحدة إشكالية الإطار المرجعي للهندسة التي تحكمت في التشريع وتناسقها.
وأشار إلى أن مسلسل السياسات العمومية له مدخلات و مخرجات و علبة سوداء تتضمن تفاصيل مؤثرة. مؤكدا أن إعلان النتائج الخاصة بالانتخابات يتعلق بمسلسل من التفاعلات بين مستويات متعددة من موازين القوى.
و توقف المتحدث عند مجموعة من الأمثلة المرتبطة بإشكالية التجانس التشريعي و التي لها أثر على فعالية المجالس من مثل اشتراط التزكية بالنسبة للمترشح للرئاسة و عدم استراطها للنواب، و كذا عدم تجانس النخب الجهوية بسبب اعتماد لوائح إقليمية في انتخابات مجلس الجهة عوض لوائح جهوية. وكذا مسألة نمط الاقتراع باعتماد نظام اللائحة عوض الاقتراع الاسمي الفردي. إضافة إلى الطعون في الرؤساء من دون 21 سنة مع العلم أن الدستور يحدد سن الرشد في 18 سنة.
وأكد الأستاذ الغالي أنه لا يمكن الفصل بين النظام الانتخابي و الفصل بين السلط، مستحضرا الترتيبات السياسية التي جاءت بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات و التي لم تؤسس على التفاعلات السابقة. بل إن المركز انطلاقا من الاتفاق الثلاثي الذي تأسست منه الأغلبية الحكومية تدخل في الشون المحلية وأملى قراراته عليها بمنع مَن حصل على الأغلبية في بعض المجالس من الحصول على التزكية للترشح لمنصب الرئاسة. وهو ما يعكس غيابا للتحرر من النسق العمودي في تفكير الفاعل المركزي. و خلص إلى أن غياب التناسق التشريعي يمس أيضا الأمن القانوني في علاقته بالأمن القضائي.
من يحاسب لا صلاحية له:
هل مكن نمط الاقتراع من إفراز نخب تتوفر على الكفاءة لتدبير الشأن العام و تنزيل النموذج التنموي الجديد؟ ما هي الآليات التي يمكن بها تفعيل هذا النموذج بغاية تحسين شروط عيش السكان؟ و كيف يمكن أن نجعل الدولة المركزية في خدمة الجهوية المتقدمة؟ طرح هذه الأسئلة عبد العالي دومو الرئيس السابق لجهة مراكش (20032009) في مداخلته حلو تفعيل النموذج التنموي و رهان النجاعة المجالية للدولة.
واعتبر أن هناك مدخلا أساسيا لحل هذه الإشكالية هو وحدة المسؤولية، موضحا أن النظام المزدوج الذي يضم الدولة المركزية و الدولة الترابية ثم المجالس المنتخبة، يؤدي إلى كثرة المتدخلين وضبابية في المساءلة و أزمة في المسؤولية. و يتجلى ذلك في الموارد المالية التي يدبر 90 بالمائة منها مركزيا في حين أن 10 بالمائة فقط هي التي يدبرها المنتخبون محليا. وهو ما يعني أن المسؤول السياسي لا يتوفر على الصلاحية الإدارية.
وأكد أن تقوية نجاعة الدولة الترابية ستتحقق بشرط جوهري هو المحاور الواحد ترابيا بصلاحيات الآمر بالصرف و تدبير الموارد البشرية، و هي النجاعة التي يجب أن يرافقها تحسن في نجاعة المجالس الجماعية.
كوفيد19 الدولة
المركزية تهيمن:
وخلص الأستاذ عمر أحرشان من جامعة القاضي عياض في مداخلته حول « مخرجات انتخابات 8 شتنبر وترسيخ الجهوية المتقدمة: مجالات التقدم والتراجع» إلى أن جائحة كورونا كانت أهم تمرين للإجابة عن سؤال هل هناك لامركزية حقيقية، حيث كشفت هذه الظرفية عن عودة لمنطق الدولة المركزية وغياب مؤسسة المنتخبين، مثلما كرست خضوعا لوزارة الداخلية.
وتساءل المتحدث ما الذي يمنع من اعتماد المندوب الجهوي للحكومة الذي يغني عن إشراف وزارة الداخلية، و ذلك لتحقيق الالتقائية؟ مؤكدا أن المغرب مازال محجوزا في منطق الوزارة القوية.
وبعد توقفه عند تموقع الجهوية في صلب قضية الصحراء، أكد أن لا جهوية حقيقية من دون لا تمركز حقيقي. مسجلا غياب الآليات التشاركية التي يمكن أن تجلب فئات جديدة، و تهميش المجتمع المدني وإضعاف الأحزاب هو ما يؤثر على جاذبية الجهوية بالنسبة للشعب.
إداري فاقد للثقة وحزبي بقناعة ممركزة
مازالت الجهوية تخدم المركزية أكثر من اللامركزية، ذلك ما أكده الأستاذ سعيد بوفروى من جامعة القاضي عياض في مداخلته بعنوان» الجهوية بالمغرب بين الفاعل الرسمي والفاعل الحزبي: انتخابات 8 شتنبر أية قراءات ممكنة؟»
وبعد تسجيله أن هناك إشكال في مأسسة اللاتركيز، حيث من الصعب انطلاق جهوية حقيقية من دون لا تركيز فعلي، أكد أن الأمر لا يتعلق بنصوص قانونية بقدرما يخص ثقافة تقوم على عدم الثقة في الفاعلين الذين يوجدون خارج مراكز القرار بالعاصمة.
واعتبر المتحدث أن تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضي تحرير الفاعل الجهوي متسائلا هل يمكن أن نحاسب من لم يتخذ القرار؟
وتساءل عن مدى تملك الأحزاب السياسية لثقافة الجهوية، ملاحظا أن الأحزاب مركزية في قناعاتها, ليخلص إلى أن مصير الجهوية مرتهن بين عقيدة الإداري الفاقد للثقة في أي فاعل آخر خارج المركز وعقلية الأحزاب القائمة على المركزية.
التخفيف من أزمة المركز:
الجهوية نسق لتجاوز نمط الوحدة إلى نمط التعدد والتكامل، كان ذلك المدخل الذي انطلق منه الأستاذ ربيع أوطال من جامعة السلطان مولاي إسماعيل في مداخلته التي تناول فيها رهانات المجتمع المحلي التنموية حول الجهوية المتقدمة، موضحا أن الفعل الديمقراطي في الهامش لا يعتمد على الحزب، بل إن المؤشر الحزبي يعتبر في هذا الفضاء مسالة ثانوية، لأن المحدد الرئيسي هو النفوذ داخل المجتمع المحلي، ومن ثمة فالقوة السياسية يأتي بها من المجتمع ويلبسها رداءا حزبيا. واعتبر المتحدث أن الأعيان تعبر من الناحية السوسيولوجية عن طبيعة النخب في المجتمعات المحلية الهامشية، مشيرا إلى أن مسألة الجهوية تهم المعركة الجدلية بين المركز و المجتمع المحلي، أي بين سلطة التعيين و سلطة الانتخاب، مثلما ترتبط بأنسقة قديمة فرعية.
ولاحظ أن الانتخابات الأخيرة أظهرت انتقالا من القبيلة إلى الماكرو قبيلة التي أصبحت متحكمة. مؤكدا أن الرهان على الجهوية يتمثل في التخفيف من أزمة المركز بتنمية قدرات المجتمع المحلي التي تنطلق من الإنسان كهدف أساسي.
وتساءل زكريا أخنوش الأستاذ بجامعة مولاي إسماعيل في مداخلته عن مدى قدرة الفاعل الترابي على تنزيل النص التشريعي المتعلق بالجهوية على أرض الواقع، معتبرا أن أي استراتيجية تعتمد على أسس مؤسساتية وقانونية و مدخل ثقافي. وأكد أن سؤال الجهوية يضع على المحك استعداد النخب الجهوية و إرادتها و الثقافة السياسية للأحزاب.
هل هناك فصل عمودي للسلط بالمغرب؟ كان ذلك السؤال الذي حاول الباحث هشام خلفادير الأستاذ بجامعة القاضي عياض تحليله من خلال مداخلته التي حملت عنوان الجهوية المتقدمة بالمغرب: أي فصل عمودي للسلط؟
واعتبر أن فصل السلط يمكن أن يشمل فصلا زمينا كما هو الشأن بالنسبة للانتخابات وفصلا للدين عن السياسة، أما الفصل العمودي فيشير إلى فصل السلطة المركزية و السلط اللامركزية انطلاقا من مفهوم المصلحة العامة المحلية. ليخلص إلى أنه يصعب القول أن هناك فصل عمودي للسلط بالمغرب، وهو الفصل الذي يفترض استقلالا ذاتيا كاملا انطلاقا من مبدأ سيادة القانون.
وتناول يونس الشامخي الأستاذ بجامعة القاضي عياض موضوع الوظيفة العمومية الترابية على ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، مسجلا أن الدستور لم يؤسس لوظيفة عمومية ترابية، داعيا إلى إعادة هيكلة الوظيفة العمومية الترابية و إحداث هيئات تتولى مهام تدبير الموارد البشرية الترابية.
ووضع الباحث عبد الرحيم العلام الأستاذ بجامعة القاضي عياض سؤال تحدي النخب و الجهوية المتقدمة في محك المفارقات التي يكشفها الواقع. و تساءل هل تنضبط النخب المغربية للشروط التي يتضمنها مفهوم النخبة، وهل يمكن التعويل عليها لإحداث اللتحول اللازم؟ مجيبا أنه من الصعب الحديث عن نخبة محلية أو جهوية أو وطنية بالمفهوم الأكاديمي، حيث أن هناك عدة مؤشرات ( منها مؤشرات المعطى المعرفي..) التي توضح بالملموس أن من يصل إلى البرلمان أو المجالس الجماعية أو الجهوية ليس الأكثر تأهيلا من الناحية المعرفية.
واستفاض الباحث في أسئلته : هل هؤلاء هم أخير الناس؟ هل هم أحسن ما يوجد؟ هل من وصل بالمال أو بدعم من جهة ذات نفوذ يمكن اعتباره يمثل فعلا مفهوم النخبة؟ إذ هناك من صدرت في حقهم أحكام قضائية وهناك رؤساء ليست لهم أية فكرة عن المشروع الذي سينفذونه على المستوى الترابي. بل إن هذه النخب المحلية خاضعة أكثر منها مخضعة.
وبعد تأكيده أن صلاحيات سلطة التعيين أهم من صلاحيات المنتخب، تساءل العلام هل يمكن أن تكون لدينا جهوية بدون ثقافة جهوية؟ و هي معضلة تظهر عمق المشكل، فالمركز يتدخل في التعيينات الجهوية من الناحية الإدارية . مثلما يتدخل حزبيا في انتخاب العمد ورؤساء الجهات. مشددا أنه طالما أن رئيس الجهة لا ينتخب باقتراع مباشر وليس بناء على تحالفات فإن هذا الوضع سيستمر.
ولاحظ أن نفس الأزمة تطال الأحزاب التي صارت بدون نخب والدليل على ذلك أن نفس الوجوه يتم تدويرها في مناصب مختلفة.
ومن جهته تساءل الباحث محمد العيساوي الأستاذ بجامعة محمد ابن عبد الله بفاس عن أية إسهامات مؤسسة للفاعل المدني و السياسي في ترسيخ الذهنية الجهوية، مؤكدا أن الجهوية تمثل مجالا خصبا للسياسة والتسييس.
واعتبر ان المسار الديمقراطي يتضمن انتقالا سياسيا وديمقراطيا. متسائلا كيف يمكن للفاعل المدني و السياسي المتشبع بثقافة تقليدانية و بعقيدة المركزية الدغمائية أن يؤسس للجهوية؟ مؤكدا أن الأحزاب مدعوة لتجاوز أعطابها البنيوية، لأن هناك عدة عقلانية ينبغي أن ترافق كل المفاهيم و الؤسسات التي تخص الديمقراطية و الجهوية.
وعرفت الندوة التي جرت في ثلاث جلسات علمية سيرها الأساتذة توفيق عتيقي و عبد الحميد اجماهري وعبد الصادق حيضرنقاشا عميقا حول مجموعة من القضايا الشائكة التي تهم بناء جهوية حقيقة مدعومة بثقافة متخلصة من أبوية المركز سواء من قبل الفاعل المركزي أو الفاعل المحلي و تنازع الاختصاصات وتنقيح الإطار التشريعي لضمان شفافية أكبر في المسؤوليات ونجاعة ميدانية على مستوى اتخاذ القرار و تنفيذه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.