اعتبر مثقفون ومبدعون، شاركوا أول أمس السبت في لقاء بمدينة المحمدية حول الإبداع ما قبل وبعد كورونا، أن استئناف العمل الثقافي صورة من صور الإصرار على الحياة وتحدي الفناء. وأكد هؤلاء المشاركون، في اللقاء الذي نظمته جمعية «ملتقى الثقافات والفنون بالمحمدية» تحت عنوان « ما قبل الجائحة ما بعدها ..كتابات مغايرة»، أن عودة المشهد الثقافي إلى حيويته السابقة عن زمن الجائحة لهو السبيل الوحيد للانتصار على حالة اليأس والخوف التي عمت بسبب انتشار الوباء، مشيرين إلى أن استعادة هذا المشهد لكامل ألقه وعنفوانه كفيل بأن ينسي الجميع معاناتهم خلال فترة الحجر الصحي. وفي هذا الصدد، أبرزت رئيسة الجمعية فتيحة واضح أن اللقاء اختار أن يتحدث عن ما قبل الجائحة وما بعدها، في محاولة لرسم معالم حياة جديدة بعد فترة الحجر الصحي التي ناهزت ستة عشر شهرا بكل ما مثلته من ضغط نفسي على الجميع، مشددة على أن الحياة لا يمكنها أن تستمر بدون إبداع من قصة وشعر وغيرها من التعبيرات الفنية. وقالت، في تصريح بالمناسبة لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذا اللقاء الفني «يتيح لنا اليوم فرصة الانطلاق من جديد نحو الثقافة والشعر والقصة، نحو كتابات مغايرة عن ما قبل زمن الجائحة». ومن جهته، ذهب منشط اللقاء الكاتب والناقد محمد علوط إلى أن للجائحة وجها مشرقا رغم رائحة الموت التي نشرتها في كل مكان، فوتيرة النشر والكتابة ارتفعت بشكل ملحوظ خلال فترة الحجر، كما قال، مع زيادة ملموسة في منسوب القراءة، وذلك رغم أن الجائحة سياق وبائي ابتدأ وما يزال ممتدا زمنيا في المشهد الثقافي. وأضاف أن انتشار الفيروس فرض وضعا ثقافيا استنائيا تعطلت معه مجموع دواليب المؤسسات والأنشطة الثقافية، ومع ذلك فقد شكلت،برأيه، عامل تحفيز على الكتابة والنشر والتواصل من خلال الكتاب، ما فتح باب الأمل في أن يسترجع نهر الثقافة ماءه بعد هذا الانفراج.وشدد على أن لقاء اليوم هو وجه من أوجه انبعاث الحياة الثقافية، ورجوع مختلف المؤسسات الثقافية لعملها الاعتيادي خاصة وزارة الثقافة التي تعد الداعم الأساسي للفاعلين في الميدان. وبمنظار الشاعر، رأى صلاح بوسريف، في تصريح مماثل، أن الثقافة هي «النبض الذي يمكن أن نعيد به الحياة إلى قوتها من خلال الفكر والإبداع والجمال، ومن خلال الإحساس». وتابع أن عقد هذا اللقاء، وهو أول لقاء ثقافي بمدينة المحمدية بعد الحجر الصحي، يعني وجود رغبة كبيرة في أن نعيد الحياة إلى مجراها الطبيعي، من خلال فضاء المدينة، الذي هو في الآن نفسه فضاء للحوار والنقاش وكذلك للتعبير على أن الوباء لا يمكنه أن يهزم الإبداع. وهذه المبادرة، يضيف هذا الشاعر، تعني أنه لابد من إزالة الحاجز النفسي الذي يحول دون الانطلاق مجددا، فالحجر اليوم «لم يعد حجرا جسديا بل أصبح حجرا نفسيا، وهناك نوع من التردد وشعور بالخوف والتهيب، وينبغي أن نتجاوز هذه الحالة ونقتحم الحياة مع الاحتياط طبعا عبر الحفاظ على الشروط الذاتية والموضوعية لتفادي كل ما يمكن أن يؤدي بنا إلى العودة إلى ما لا نرغب في العودة إليه». أما الكاتب والشاعر محمد بوجبيري فقد لفت إلى أن «هذا أول لقاء مع الجمهور والمبدعين والأصدقاء، أي ولادة أخرى بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، الذي كان يترصدنا يوميا». وبالنسبة إليه، فإن فرحة تجدد الوصال مع الجمهور تجد صداها في النصوص التي قرئت في اللقاء، سواء النصوص الشعرية أو القصصية، لتوثق للفرح «الذي استشعرناه ونحن نتجاوز هذه المحنة التي جعلتنا نلتزم بيوتنا قهرا». وأكد أن المبدعين والفنانين انتصروا على الحجر بالقراءة والكتابة والتأمل، ليبدعوا نصوصا وأشكالا متنوعة من التأليف «تتغنى بالحياة رغم ما مررنا به من موت كان يهددنا يوميا». وعرف اللقاء مشاركة أسماء لها وقعها في المشهد الثقافي الوطني، من بينها على الخصوص محمد صوف وصلاح بوسريف ومحمد بوجبيري وأنيس الرافعي وسعيد منتسب وبوجمعة أشفري. وشهدت هذه الاحتفالية الإبداعية، التي أثثها موسيقيا الفنان محمد العلوي، تقديم قراءات قصصية وشعرية للمشاركين، حملت صوتا مغايرا لصوت الاندحار، متطلعة إلى أن تحدث الفرق بين ما كان وما سيكون.