الوضعية المالية لخزينة جماعة الدارالبيضاء بلغت حدا أصبح يستدعي وقفة حقيقية جدية من لدن المسؤولين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالجماعة أصبحت مدينة ماليا لعدد من الجهات والمؤسسات بل حتى لموظفيها، فهي لم تؤد لهؤلاء الموظفين مستحقاتهم عن الترقية المهنية التي تمر عبر امتحانات الكفاءة المهنية منذ سنة 2018، وتتعدى هذه المستحقات 6 ملايير من السنتيمات لفائدة المئات منهم، كما أنها لم تقم بتسوية مستحقات الأحكام الناجمة عن الأحكام القضائية لفائدة مئات من الموظفين الذين لم تسو وضعيتهم الإدارية، والأكيد أن المبلغ الإجمالي بخصوص هذا الأمر هو بملايين الدراهم، ما يعني أن التذمر هو عنوان مقرات المقاطعات والجماعة والمصالح التابعة لها، خاصة وأن هناك موظفين غادروا للتقاعد دون أن يتوصلوا بحقوقهم المالية، المثير أن هذه النقط رغم أن مذكرة وزارة الداخلية قد حثت على برمجة النفقات الإجبارية في ميزانية الجماعة إلا أننا نجد أن دورات المجلس تغيب هذه النقطة ويعلم الجميع بأن الجماعة لجأت لدورة استثنائية مؤخرا لتعديل ميزانيتها، بعد أن رفضت السلطات التأشير عليها لتغييبها لعدد من النفقات الإجبارية في دورة أكتوبر، وهي الدورة التي كشفت بأن المجلس الجماعي لأكبر مدينة بالمغرب لم يؤد حصته القانونية بخصوص صفقات النقل العمومي عبر الحافلات واقتناء حافلات جديدة، وهو أمر خطير أن نجد مدينة كبيرة يعد النقل الحضري من عصب مرافقها الحيوية لا تجد ما تؤد به تعويضات هذه الخدمة التي تعد أولى الضروريات، كما أنها لم تجد ما تسدد به تعويضات تحركات الطراموي لتتجه من جديد صوب البنك الدولي كي تقتطع من دفوعات القرض الذي منحه لها وفق شروط واتفاقيات أخري لتضخه في مرفق النقل الحضري، رغم أنها لم تتوصل بأي مباركة من هذا البنك، وتلك حكاية أخرى، أيضا ومنذ سنين تسبح جماعة الدارالبيضاء في يم غامق من الديون الناجمة عن المحاكم المغربية ضدها، والتي تصل مبالغها إلى 8 ملايير سنويا، أضف إلى ذلك قرض البنك الدولي الذي تفوق قيمته 200 مليار سنتيم، دون أن ننسى أنها بلغت الخطوط الحمراء في ما يخص الاقتراض من صندوق التجهيز الجماعي، ويزداد الوضع قتامة عندما نعلم أنها مدينة لشركة ليدك بما يفوق 90 مليار سنتيم لأنها لا تؤدي مستحقات من قبيل الكهربة العمومية ووواجب الماء والكهرباء الخاص بمنشآتها والبنايات التابعة لها، وهذا يعني أن أموالها الخاصة بالبنى التحتية قد تذهب لتسديد ديون الشركة وبالتالي على المدينة أن تنتظر أعواما طويلة لتحصل على بنى تحتية جديدة، هنا لا يسع المجال لذكر الديون كلها، ولكن لابد من الإشارة إلى أن كل هذا العجز المالي يقابله فشل عظيم في الإدارة الجبائية إذ يكفي أن نذكر أن حجم الباقي استخلاصه من مستحقات الجماعة يبلغ 800 مليار سنتيم، وهي مداخيل الأكرية واستغلال الملك العمومي، ووجه الفشل يبدو جليا عندما نعلم أن هذا الباقي لم يكن يتجاوز 55 مليارا في سنة 2016 وبعد أربع سنوات قفز لهذا الرقم المهول .