عادت حركة السير بمعبر الكركرات إلى وضعها المعتاد، فيما خيمت أجواء من السكينة والهدوء على المنطقة، بعد أن تمكنت القوات المسلحة الملكية في الساعات الأولى لصباح الجمعة من إقامة جدار أمني وفرار العناصر التابعة للجبهة الإنفصالية وعناصرها المسلحة. وبعد هذه العملية الناجحة باشرت العديد من الشاحنات والسيارات عبور المعبر من الاتجاهين بين المغرب وموريتانيا منذ زوال أول أمس السبت. وأظهرت صور وأشرطة من عين المكان الانسياب الطبيعي لحركة السير بالمعبر الحدودي، وأشاذ العديد من السائقين بعودة الأمور إلى نصابها، بعد أزيد من ثلاثة أسابيع من العرقلة التي كان يقوم بها قطاع الطرق الذين أرسلتهم الجبهة الانفصالية، مشيدين بالقوات المسلحة الملكية التي أمنت المعبر بشكل كامل. وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، أكدت يوم الجمعة، أن معبر الكركرات بين المغرب وموريتانيا، أصبح مؤمنا بشكل كامل من خلال إقامة القوات المسلحة الملكية لحزام أمني بتعليمات سامية من جلالة الملك، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية. وأوضح البلاغ أنه «طبقا للتعليمات السامية لجلالة الملك، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تم يوم 13 نونبر 2020، القيام بعملية، وفقا لقواعد تدخل واضحة تقتضي تجنب أي احتكاك بالأشخاص المدنيين». وأضاف المصدر ذاته أنه خلال هذه العملية، فتحت الميليشيات المسلحة للبوليساريو النار على القوات المسلحة الملكية التي ردت عليها، وأجبرت عناصر هذه المليشيات على الفرار دون تسجيل أي خسائر بشرية، مؤكدا أن هذه العملية تأتي على إثر إغلاق ميليشيات البوليساريو للمحور الطرقي العابر لهذه المنطقة الرابطة بين المغرب وموريتانيا. وأبرز البلاغ أنه «وبعد أن أخذت علما بتدخل القوات المسلحة الملكية الذي تم طبقا للتعليمات السامية لجلالة الملك، نصره الله، أقدمت عناصر ميليشيات البوليساريو عمدا على إحراق معسكر الخيام الذي أقامته، وعمدت إلى الفرار على متن عربات من نوع (جيب) وشاحنات نحو الشرق والجنوب تحت أنظار مراقبي بعثة الأممالمتحدة (المينورسو)». وخلص البلاغ إلى أن «معبر الكركرات أصبح الآن مؤمنا بشكل كامل من خلال إقامة حزام أمني يؤمن تدفق السلع والأفراد عبر الممر الذي يربط بين المركزين الحدوديين». مصادر إعلامية بعين المكان أكدت من جهتها أن المعبر الحدودي أصبح حاليا تحت حراسة القوات المسلحة الملكية ، فيما يتم على قدم وساق تعبيد الطريق بين نقطة الكركرات والنقطة 55 بالحدود الموريتانية، وبناء جدار عازل لحماية مستخدمي الطريق من أي استفزاز قادم لقطاع الطرق. النجاح المدوي للعملية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية وتمكنها بسرعة وحرفية كبيرة من تأمين المعبر الحدودي للكركرات وفتح حركة السير أصاب الجبهة الإنفصالية بحالة من الهستيريا، وجعلها، في محاولة للهروب إلى الأمام وتسويق انتصارات وهمية في المخيمات، تلوح بالحرب وتلجأ إلى حملة من الأكاذيب والافتراءات التي لم تستطع الصمود أمام الحقائق على الأرض. فقد أعلنت الجبهة الإنفصالية رسميا انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار، وقامت ، كما أوضحت أشرطة من المخيمات، بالدعوة إلى التطوع والقتال، لتجميع مجموعة من الشباب المغلوبين على أمرهم، للذهاب إلى مواقع المواجهة حسب ادعاءاتها. وزعمت وسائل الإعلام التابعة للإنفصاليين أن الجبهة قامت بالهجوم على عدة نقاط تابعة للقوات المسلحة الملكية على طول الجدار الأمني، دون أن تقدم أي دليل على قيامها بذلك، حيث أن ما نشرتها من أشرطة على مواقعها عبارة عن بعض العناصر التابعة لها التي تقوم بإطلاق النار في الهواء وبمناطق نائية وبعيدة عن تمركز القوات المسلحة الملكية. الإدعاءات الكاذبة والأباطيل التي تروجها الجبهة الإنفصالية لم تقف عند هذا الحد، بل إنها نشرت تسجيلات مصورة لمواجهات عسكرية باليمن وأخرى بين أرمينيا وأذربيدجان، للإدعاء بأنها أشرطة مصورة للمعارك الدائرة بالمنطقة، وهو ما فنذه العديد من النشطاء المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، بالدليل الذي لا يرقى إليه الشك، مما جعل الجبهة والمواقع التابعة لها محل سخرية مختلف المتتبعين وفيما تمكن المغرب من تأمين المنطقة وضمان السير العادي لحركة السير، حظي على الصعيد الخارجي بمواقف مؤيدة عديدة، أكدت جميعها حق المغرب في الدفاع عن حقوقه المشروعة، ومعبرة عن رفضها الكامل لعرقلة حركة السير والتجارة بين المغرب وعمقه الإفريقي وفي هذا الإطار قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يوم الجمعة، إنه «قلق للغاية بشأن العواقب المحتملة» للتطورات الأخيرة بالكركارات، الناجمة عن الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة التي أقدمت عليها ميليشيات «البوليساريو»، في الآونة الأخيرة، بالمنطقة العازلة بالكركارات، في الصحراء المغربية، معربا عن خيبة أمله إزاء عناد الأطراف الأخرى الذي أدى إلى تصعيد الوضع. وأكد المتحدث باسم غوتيريش، خلال لقائه الصحفي اليومي بنيويورك، أن «منظمة الأممالمتحدة، بما في ذلك الأمين العام، انخرطت، خلال الأيام الأخيرة، في مبادرات عديدة للحيلولة دون تصعيد الوضع في المنطقة العازلة بالكركارات، وللتحذير من انتهاكات «وقف إطلاق النار والعواقب الوخيمة لأي تغيير للوضع القائم». كما أعرب عن أسفه لتجاهل انفصاليي «البوليساريو» لنداءات الأمين العام للأمم المتحدة، موضحا أن «الأمين العام يعرب عن أسفه لعدم تكلل هذه الجهود بالنجاح، وعن قلقه البالغ إزاء العواقب المحتملة للتطورات الأخيرة». وأبرز أن الأمين العام للأمم المتحدة «يظل ملتزما ببذل كل ما في وسعه لتجنب انهيار وقف إطلاق النار الساري منذ 6 شتنبر 1991، وهو مصمم على بذل قصارى جهده لتجاوز كل ما يعيق استئناف العملية السياسية» الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي متفاوض بشأنه لقضية الصحراء. وخلص المتحدث باسم الأمين العام إلى أن «بعثة المينورسو ملتزمة بمواصلة ولايتها، وأن الأمين العام يدعو الأطراف إلى ضمان حرية كاملة لتنقل بعثة الأممالمتحدة طبقا لمهام ولايتها». كما أكدت العديد من الدول العربية وقوفها إلى جانب المغرب، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية، قطر، البحرين، اليمن، الكويت والمملكة الأردنية، إضافة إلى البرلمان العربي ومنظمة التعاون الإسلامي. وفي أروربا عبر العديد من السياسيين والخبراء عن تأييدهم للخطوات التي اتخذتها المملكة المغربية لحماية مصالحها الوطنية ووحدة أراضيها في مواجهة الاستفزازات المتكررة للبوليساريو والميليشيات التابعة لها، ووضع حد لها لضمان عودة الحركة الطبيعية لتنقل البضائع والأشخاص في منطقة معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا، كما نددوا بتصرفات «البوليساريو»، المدعومة من طرف الجزائر، وبأعمالها الاستفزازية ضد بعثة المينورسو. وأكدت هذه المواقف عن مشروعية العملية التي قام بها المغرب، في مقابل العزلة الدولية للجبهة الإنفصالية، التي لم تعد تجد من يصدق ادعاءاتها فبالأحرى الدفاع عنها. وآخر ثمرات هذا التأييد الدولي، ما أعلنت عنه يوم السبت جمهورية غيانا التعاونية، بسحب اعترافها ب»الجمهورية الصحراوية» المزعومة، بحسب ما أفاد به بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج. وأصبحت جمهورية غيانا التعاونية البلد الرابع عشر من أمريكا اللاتينية والكاريبي الذي يسحب اعترافه بالجمهورية الوهمية منذ سنة 2010. وفي هذا الإطار أكد بلاغ وزارة الشؤون الخارجية أن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية غيانا، هاغ هيلتون تود، أكد في رسالة وجهها إلى الوزير ناصر بوريطة، أن «حكومة غيانا لن تعترف بعد الآن ب»الجمهورية الصحراوية» المزعومة، مبرزا أن غيانا «ستقدم دعمها الكامل لجهود الأممالمتحدة بغية إيجاد حل سلمي ومقبول لدى الأطراف». وأشار المصدر ذاته إلى أنه بفضل الزخم الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس، تتواصل الدينامية الدولية لدعم مغربية الصحراء، بينما يتوالى سحب الاعترافات ب»الجمهورية» الوهمية، مسجلا أن عدد البلدان التي لا تعترف ب»الجمهورية الصحراوية» المزعومة بلغ 164 بلدا عبر العالم.