بيد المساء كانت أسراب اللقالق والطيور تعود إلى أعشاشها من جهة الشمال عبر طول النّهر فيما أقف على عشب الضفّة، مستمتعاً بهواء في رائحة سمك البوريّ يحرّك القوارب الصّغيرة. بهدوء مشي التأمّل في المياه، هنا مرّت طفولتي إلى أن برزت تفاحة آدم، فجأة مع خوفي من الجحيم.. في الوقت الذي بدأت فيه أتمرّن مثل أيّ مراهق على الحياة العالية ككرة السلّة. عرفتُ النّهر مبكّرا جدّا، يرتفع منسوبه وينخفضُ بسلطعوناته الفزعة في النهار قبل أن تكونَ وجبة مغذيّة في صحن العشاء. جبهتي كانت كجبال في الثلج مرتفعة من الجهل واللّه مثل هذا الهواء لم يكن يطلب مني أكثر ممّا يُبقيني حيّاً أتنفّس لذا عشتُ فيه سعيداً، كأنّ حياتي نَفَسٌ في فلوت الطبيعة. مثلما لم يكن من الضّروري أن أعرف كم من عضلة تدفعني إلى الجري لم أعرف اللّه لم أعرف من أنا!، كنتُ باطني كنحلة على الزّهر.. وكان الصمتُ فيه أعلى شيء من كياني الحرّ وإليه كنتُ أنخطفُ. الآن، في منتصف حياة تذوب كالجليد وبعد كلّ ذلك الرّهاب الذي تمّ تجليده كتبا في اللاهوت أبسطُ رأسي على الورقة كسمفونية يجب أن تُعزف بدقّة محاولا أن أستعيد الله بالشّعر وحدهُ أن أستعيده مجهولا مثلما كان ملموسا بلا كيف ولماذا؟ محسوساً كبرد غيمة في اليدين.