فجع الجسم الصحي والحقوقي والسياسي لفقدان البروفسور محمد الدخيسي، الذي فارق الحياة الجمعة الأخيرة بمستشفى ابن رشد بالدارالبيضاء، متأثرا بتداعيات إصابته بفيروس كوفيد 19، الذي عجّل بوفاته بشكل كان صادما لأسرته الصغيرة والكبيرة، خاصة وأن الفقيد كان دائم البشاشة، محبا للحياة ومقبلا عليها، الذي ترك بصمات كبيرة وراسخة في الساحة النضالية والحقوقية عامة، وفي المشهد الطبي خاصة، وكان يقوم بدور كبير في التكفل بضحايا سنوات الرصاص صحيا واجتماعيا إلى جانب ثلة من الأطباء والمناضلين الحقوقيين في هذا الباب. البروفسور محمد الدخيسي، رأى النور في 1956 بالسعيدية، وتابع دراسته الابتدائية والإعدادية في وجدة، حيث حصل على شهادة الباكلوريا سنة 1973، ثم التحق بكلية الطب والصيدلة بالرباط وهناك بصم على مسار دراسي ونضالي متميزين، وهو الذي كان ممثلا للقطاع التلاميذي في ثانوية ابن عطية، وللطلبة بعد ذلك في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، مما عرضه للتعسف والاعتقال، كما كان ممثلا للأطباء الداخليين ثم مناضلا بالنقابة الوطنية للتعليم العالي، بعد أن التحق كطبيب داخلي سنة 1982 بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، ثم أصبح أستاذا مساعدا فأستاذا جامعيا في مجال جراحة العظام والمفاصل، تكوّنت وتخرّجت على يديه أجيال من الأطباء. وكان الراحل محمد الدخيسي، مناضلا صنديدا إلى جانب زملائه وزميلاته في المهنة، من أجل منظومة صحية عادلة تسمح بولوج كافة المواطنين للعلاج بشكل متكافئ، وتُحصّن من وضعية المهنيين العاملين في القطاع، وظل دوما مرافعا ومناديا بضرورة التشبث بأخلاقيات المهنة وبالقيم النبيلة المؤطّرة لها، كما حرص على أن يكون صوتا للطبقة الهشة والمقهورة اجتماعيا، مبادرا لتأطير وقيادة عدد من المبادرات الخيرية والتضامنية سواء في منطقة الشرق حيث مسقط الرأس أو غيرها، التي يشهد له أهاليها بآثاره الطيبة هناك، صحيا واجتماعيا. ونعت الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة الفقيد الذي كان يعدّ أحد أبرز وجوهها ومؤسسيها، وهو الذي شغل خلال الولاية الحالية مهمة أمين مال الجمعيةّ، وأبلى البلاء الحسن وساهم إلى جانب زملائه في كل الخطوات التي كان القطاع الخاص من ورائها لمواجهة الجائحة الوبائية عند ظهورها، مشددة على أنه كان رجلا بقيمة كبيرة مشهود له بإنسانيته ونضاليته، وكان دائما متواجدا في الصف الأول للدفاع عن مهنة الطب، وبأنه رغم الفراق الذي جاء صادما فسيظل حاضرا في قلوب الجميع على الدوام، متمنية له كل المغفرة والرحمات، وموجهة تعزيتها الخالصة إلى أسرة الفقيد الصغيرة والكبيرة. بدورها، وجهت الجمعية المغربية للعلوم الطبية والتجمع النقابي للأطباء الاختصاصيين في القطاع الخاص رسالة تعزية على إثر هذا المصاب الجلل، معربين عن مشاطرتهما أسرة الراحل وزملائه وأصدقائه لألم الفراق، ودعتا له بالرحمة والمغفرة وبأن يسكنه الباري سبحانه فسيح جناته. وكانت مجموعات التخاطب الفوري ومواقع التواصل الاجتماعي قد عجّت برسائل التعزية المعبرة عن لوعة فراق الراحل، التي تقاسمها الأطباء ومهنيو الصحة وعموم المناضلين في الشأن الحقوقي، منذ مساء الجمعة بعد أن انتشر خبر وفاة الفقيد ،الذي خلّف رحيله خسارة كبيرة، وهو يغادر الدنيا معززا قائمة ضحايا شهداء الواجب الذين قضوا وهم يقومون بمهامهم وبواجبهم بمنتهى نكران الذات، يسعفون المرضى ويقدمون لهم الخدمات الصحية ويخففون عنهم آلامهم، إلى أن رحلوا بعد أن داهم فيروس كوفيد 19 أجسامهم، رحمة الله عليهم جميعا، إناثا وذكورا، ومن مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية. وأمام هذا المصاب الجلل، نتقدم بدورنا، بخالص العزاء لأرملة الراحل ورفيقة دربه وحياته، وأبنائه كنزة وعمر ويوسف، وإلى أشقائه الحسين، مصطفى، امحمد، وإلى كافة أفراد الأسرة الصغيرة والكبيرة، ورفاق الفقيد وأصدقائه في الحقل المهني والحقوقي والسياسي، ونتمنى من الباري عز وجلّ أن يمطر على المرحوم البروفسور الدخيسي شآبيب رحمته ومغفرته وأن يجعل قبره روضا من رياض الجنة. وإنا لله وإنا إليه راجعون.