في عام 1915، أوكلت «مصلحة الفنون الأهلية» في المغرب إلى بروسبير ريكار (1874 – 1952) مسؤولية الإشراف على نسخ مجموعة من القطع الأثرية والتحف والمشغولات التراثية لتعرض في الدارالبيضاء في السنة نفسها، ثم في فرنسا بعد عامين، ليطلب منه سنة 1918 البدء ببناء أرشيف يوثّق الفنون والمعارف والمهارات التقليدية. تخضع سياسات الاستعمار الفرنسي تجاه الثقافة المغربية إلى العديد من المراجعات التي تشير إلى سدّ الفجوة التشريعية من خلال سنّ نصوص قانونية لحماية التراث المادي ما دام أنه لم يتعارض مع سياسة الفرنسيين التوسعية، مقابل إقصاء التراث غير المادي المتعلق باللغة والعادات والممارسات الشفوية. في هذا السياق، نشرت مؤسسة «أرشيف المغرب»، مؤخراً، على موقعها الإلكتروني، فهرس مجموعة بروسبير ريكار التي تتكون من وثائق مختلفة ومتنوعة المضامين عمل على جمعها لمدة تقارب عشرين سنة، وتتكون من الوثائق المخطوطة باليد أو المطبوعة وكذا مجموعة من الرسومات والصور والرسائل ومسودات المقالات والمنشورات. تمثّل المجموعة حصيلة جهد قام به جان لالدوي ومارسيل فيكاير إلى جانب ريكار في المغرب وتونس والجزائر، وقد تمّ تسليمها العام الماضي إلى «مؤسسة أرشيف المغرب» من أجل صيانتها وحفظها في إطار الاحتفال بفعاليات شهر التراث لسنة 2020، حيث تتاح مجاناً أمام الباحثين، وممّا تضمه كتيب ملون عن السجاد المغربي، إلى جانب مخطوط نادر يُنشر لأول مرة ويتضمن معجماً للغتين الأمازيغية والفرنسية أنجز بين عاميْ 1920 و1935. ويشير تقديم المجموعة إلى أن هذه الوثائق «تنقسم إلى مخطوطات صغيرة ومخطوطات كبيرة الحجم، وتتضمن المخطوطات صغيرة الحجم الدروس التي قدمها بروسبير ريكار في «المعهد العالي للدراسات المغربية»، والتي شملت مواضيعها مجال الفنون والحرف وتأسيس المدن الإسلامية والتجمعات الحرفية التقليدية». أما المخطوطات كبيرة الحجم، بحسب التقديم، فتحتوي على مقالات ودراسات وصور ورسائل ووثائق تدون محتوى التسجيلات الإذاعية التي كان يلقيها ريكار حول الفنون والحرف المغربية، بالإضافة إلى ملفات مختلفة تتعلّق بمجالات متنوعة من الحرف التقليدية في شمال أفريقيا. كما تضم هذه المخطوطات أيضاً رسومات حول فن حياكة الزرابي وفن الزينة من حلي ووشم، بالإضافة إلى ألبومات صور لمجموعات متحفية قديمة تتعلق بالنواة الأولى للمتاحف المغربية.