فنلندا تغلق مكتب انفصاليي البوليساريو وتمنع أنشطتهم دون ترخيص مسبق    السد القطري يعلن عن إصابة مدافعه المغربي غانم سايس    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    انفجار يطال قنصلية روسيا بمارسيليا    ألوان وروائح المغرب تزين "معرض باريس".. حضور لافت وتراث أصيل    وزيرة الفلاحة الفرنسية: اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي    إصابة نايف أكرد تقلق ريال سوسييداد    البيضاء.. توقيف 5 أشخاص للاشتباه في تورطهم في السرقة باستعمال العنف    اختتام النسخة الأولى لبرنامج الدبلوم الجامعي في تقييم التكنولوجيات الصحية بفاس    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    طقس بارد نسبيا في توقعات اليوم الإثنين    بنسليمان.. إطلاق الرصاص لتوقيف مسن هاجم الشرطة بسكين لتمكين إبنه المتورط في تجارة المخدرات من الفرار    الداخلة تحتضن مشروعًا صحيًا ضخمًا: انطلاق أشغال بناء المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بسعة 300 سرير    الملك يأمر بنقل رئيس جماعة أصيلة إلى المستشفى العسكري بعد تدهور حالته الصحية    آزمور.. مولود نقابي جديد يعزز صفوف المنظمة الديمقراطية للشغل    غياب الإنارة العمومية قرب ابن خلدون بالجديدة يثير استياء وسط السكان    قاضي التحقيق بالجديدة يباشر تحقيقًا مع عدلين في قضية استيلاء على عقار بجماعة مولاي عبد الله    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    نقابة UMT تختم المؤتمر الوطني    وفد برلماني فرنسي يزور العيون    قطار يدهس رجل مجهول الهوية بفاس    نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    انتخاب محمد انهناه كاتبا لحزب التقدم والاشتراكية بالحسيمة    اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي (وزيرة الفلاحة الفرنسية)    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    الملك محمد السادس يهنئ سلطان بروناي دار السلام بمناسبة العيد الوطني لبلاده    ألمانيا.. فوز المحافظين بالانتخابات التشريعية واليمين المتطرف يحقق اختراقا "تاريخيا"    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    الإمارات تكرم العمل الجمعوي بالمغرب .. وحاكم دبي يشجع "صناعة الأمل"    الكاتب بوعلام صنصال يبدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام احتجاجًا على سجنه في الجزائر.. ودعوات للإفراج الفوري عنه    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    لقاء تواصلي بمدينة تاونات يناقش إكراهات قانون المالية 2025    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    هل الحداثة ملك لأحد؟    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجسد المشتهى – 26- علاقة الكاتب بالجسد


ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ
كانت مصادفةً أَن أكونْ
ذَكَراً …
ومصادفةً أَن أَرى قمراً
شاحباً مثلَ ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات
ولم أَجتهدْ
كي أَجدْ
شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !
(محمود درويش)
كان مصادفة أن ولدنا في أجسادنا. الجسد غلافنا الذي يقدمنا إلى العالم بهويات يحددها المجتمع. كيف يتعامل الكاتب/ة مع هذا المجسم الإجباري الذي وُجد فيه؟ هل ساءل يوما علاقته به؟ هل يمكنه أن يختار التدخل فيه لتجميله أو تحويله؟
ثم إن الكاتب/ة، له قدرة اختيار الجسد الذي يكتبه، فيتحول الأمر إلى نوع من المساكنة داخل هويات جنسية أخرى. هل يتدخل الكاتب/ة في هذا الاختيار؟ وهل يسمح للذات وهي تكتب أن تنزاح لستستقر داخل جسد مختلف عن جنسه؟

مفهوم الجسد للإنسان له حضوره والتباساته وإشكالاته على أصعدة الحياة كافة، فكيف إن كان الموضوع المطروح يتعلق بالذّات الكاتبة، الذّات المأزومة التي تترجم جسدها وكيانها، وكل ما حولها منذ عنوان عملها أو نصها باسم يبرز أنوثتها أو ذكورتها، تلك الذّات التي تخلق عوالم جسدية في نص سردي أو شعري؟! كون الجسد يركز ركيزة أساسية فاعلة في أعمال أي كاتب.
ولكن بداية دعنا نسأل؟ ما الجسد الذي نعني؟ فللجسد في عوالم الإنسان وإرهاصاته وتبعاته حضور تفاعلي ومؤثر، وسنقتصر حديثنا –هنا- عن الجسد لدى الكاتب، أو كما ينظر إليه الكاتب من خلال أعماله.
ويتمثل مفهوم الجسد لدى الكاتب في مسارين:
الأول: مفهوم الجسد كإنسان حاله حال البقية المحيطة به، جاء ذكرا أو أنثى دون اختيار منه، بمعنى يجد الإنسان نفسه خلق بيولوجيا بالهيئة الذكورية أو الأنثوية التي رأى نفسه فيها وشبّ عليها، وعليه أن ينسجم معها بفطرته. وهنا تظهر قضية أخرى؛ أن الجسد ليس معني به الجنس، بل هو كائن إنساني يعي ذاته، يعي جنسه، يعي جسده، وهو في هذا يواجه نفسه كإنسان، كائن متفرد بذاته، مستقل بروحه. ويبرز حديثنا هنا عن وعيه بأنه إنسان ينتمي للعالم، ويعيش في مجتمع له وضعية خاصة، وثقافة خاصة. وجسده هذا منزه عن الخطيئة أو منقاد لها، كون الجسد يحمل صفة الطهر والبراءة، لذلك عليه إلا يشوهه فجسده (قلبه وقالبه) وعليه أن يعي أي (الإنسان) أن جسده هو أصل كينونته، التي تتطور وتتنامى مع مسار الزمن، فجسده طفلا، صبيا، شابا، كهلا، وهرما. وكل هذه المراحل تؤثر على تجربته ومراسه في الحياة.
الثاني: مفهوم الجسد للكاتب، ونعني هنا، تشكل الجسد بين فكر الكاتب وحبره على الورق. ويتطلب ذلك منه، رسم الشخصيات من خلال الأحداث في قلب الزمان والمكان، فتحضر مجموعة نقاط علينا التوقف عندها، لعل أبرزها:
علاقة الكاتب بجسده
إن المفهوم المادي للجسد يعني الحركة في الزمان والمكان، أو حضورا ديناميا قائما بالعلاقة بين ذكر وأنثى، ما يعني أن جسدي كامرأة أولا، وككاتبة ثانيا يجعل مني شخصية مختلفة عن شخصية المرأة التي أكتبها؛ وأعني في ذلك أن مفهوم جسدي كامرأة يختلف عن مفهوم جسدي ككاتبة حتى لا يترك ذلك المفهوم أثرا على بنية شخصية المرأة التي أكتب عنها، والتي أريد أن أعالج قضاياها في نصوصي. فالجسد داخل العمل الإبداعي هو العلاقة المادية للحب، والحب عندي أبعد من الجنس، إنه عبور إلى الحرية والحياة؛ وما تحوّل الجسد إلى مجرد جنس سوى تشويه مصدره قادم من سلطة المجتمع القمعية في تجلياتها مع الذكورة.
تصوير الجسد في شخصيات الكاتب
تتفاوت عند الكاتب ظاهرة الجسد في أعماله، حسب الحدث وثيمة الموضوع وما يتطلبه مسار السرد في ذاك العمل؛ لذلك أرى أن الكاتب الحذق هو الذي يستطيع أن يشكل أجساد شخصياته بناء على أدوارها في العمل الواحد. والكاتب الواعي هو الذي يستطيع تجديد متطلبات الجسد حسب أدوار الشخصية أو الشخصيات في أعمال متنوعة تسبر واقع المجتمع وثقافته؛ ليبتكر أنواعا من متطلبات الجسد بين العفة والرذيلة، بين البراءة والطهر، بين النزاهة والفضيلة، بين السليمة والمشوهة ليدخل في عمق الهامش المجتمعي. لتظهر صفات مختلطة يستمدها من عمق المجتمع كل حسب منظوره الفكري ومستواه الاجتماعي. فنراها تنبثق بعضا من أجساد الشخصيات متمثلة في الخطيئة والندم، وندخل في نزاع الإنسان بين المحرمات والقيود المجتمعية بكل ما يتقبله جسد الإنسان من بساطة وتعقيد بين الجسد والروح في تشابكه مع الاجتماعي والنفسي والثقافي.
الجسد بين الكاتب/ الذكر، والكاتبة/أنثى
لا شك أن مفهوم جسد المرأة قد ترك أثره الإشكالي لدى أغلب الكتاب. فالجسد يتنوع، وثقافته تتوزع:
بالنسبة للكاتب أمامه (أم، زوجة، ابنة، حبيبة، معشوقة) تسير العلاقة بين الذكورة والنوثة من خلال اندماج هذه الأنواع بشكل مرتبك، خاصة إن قاربت الحلال والمحرم المتمثل في: زوجة أو معشوقة أو حبيبة.
وكذا الحال بالنسبة للكاتبة هناك (أب، زوج، ابن، حبيب، معشوق) ولكن يبدو الساطور هنا أقوى وأحد فعلا وقولا، من خلال أشجان الذات الكاتبة وخذلانها مجتمعيا وإنسانيا فتبوح في الورق ما لا تستطيع قوله في الحقيقة.
تتأسس على قاعدة هذه المعادلة بين السلطوي والجنسي المنطوية على منظومة القمع المزدوج أو القمع المضاد، فتبرز أهمية تحرر الجسد في البحث عن الحب المتمثل عند أغلب الكتاب في ثيمات ما يكتبون من قصص أو روايات أو أشعار أو نصوص مفتوحة، وما يجتهدون فيه عند بناء ثشخصياتهم، وتأجج مشاعرهم.
وأخيرا، علينا أن نكون ككتاب متصالحين مع أجسادنا لا ناقمين، حتى يكون خطابنا تنويريا مختلفا، أو حداثيا سابرا. فمسألة تحرير الجسد وتبعاته هامة جدا تتجاوز مستوى المتعة. فالجسد لا جنسا، بل مكونا جذريا في علاقة تحررية بين كائنين متكاملين هما: رجل وامرأة/ ذكر وأنثى علاقة أساسها اليقظة والحلم.
* كاتبة من سلطنة عمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.