شقران أمام: إجراء إصلاح ضريبي واسع ومهيكل أصبح يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى السيد الرئيس السيد الوزير السيدات والسادة النواب المحترمون يشرفني أن أتناول الكلمة، باسم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، للمناقشة العامة لمشروع قانون المالية المعدل رقم 35.20 للسنة المالية 2020. كأول مشروع قانون مالية معدل منذ دخول القانون التنظيمي رقم 130-13 المتعلق بقانون المالية حيز التنفيذ سنة 2016، ومنذ آخر قانون مالي معدل سنة 1990. هي لحظة استثنائية إذن، وتاريخية، في واقع متسم بكثير من الضبابية والترقب، ارتباطا بالجائحة، والتفاعل الاستباقي لبلادنا مع آثارها المحتملة حينها، بتوجيهات ملكية حكيمة وضعت صحة المواطنات والمواطنين كأولوية، من جهة، وآثارها التي أصبحت اليوم واقعا فرض نفسه، سلبا، على مختلف مناحي الحياة عبر ربوع العالم من جهة ثانية. السيد الوزير المحترم. إننا اليوم بصدد قانون مالي تعديلي، أملته حالة عالمية خاصة، لم تكن متوقعة، لم نعش مثلها، بل ولا نعرف حدود تماسها مع مستقبلنا في صورته القريبة. ونحن بصدد ذلك، ندرك كفريق اشتراكي لحزب وطني مواطن، بأن الظرفية صعبة … في مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية بالأساس … صعبة جدا بالنسبة لمن يحملون هم الوطن، وشغلهم الشاغل أجوبة الخروج من تداعيات الجائحة بأقل الخسائر الممكنة ….. قاسية، مؤلمة لمن يئنون، سرا وجهرا، تحت وطأة الحاجة والحرمان والقلق المستمر من تداعيات صدمة أوقفت عصب الحياة. إن اللحظة تاريخية بامتياز …. وكل سيترك بصمته فيها بما سيقدمه للوطن والمواطن أولا وأخيرا. وهنا يجب أن نسجل، وبكل وضوح، المواطن يقبل وينخرط ويدعم بكل قوة القرارات المفصلية في اللحظات الصعبة وإن على حساب عدد من الحقوق والمكاسب … القرارات التي لا مناص منها … لكن، وفي نفس الآن المواطن المغربي يرفض الركون للقرارات السهلة واعتباره حائطا قصيرا يقفز منه، إليه، لخلخلة الوضع بحلول ترقيعية ظرفية … وقد عشنا، جميعنا، مستوى الوعي والالتزام والصبر، المصاحبين لحالة الطوارئ الصحية وفرض الحجر الصحي، بالرغم من الآثار السلبية التي مست مئات الآلاف من المواطنات والمواطنين في قوتهم اليومي بشكل وبآخر. أيضا، و نحن بصدد مناقشة هذا المشروع كنتاج واقع فرضته جائحة كوفيد 19 نجد أنفسنا، بالضرورة، أمام أسئلة كبرى تتجاوز النص في بعده التقني و ما جاء به من إجراءات استدراكية، أملتها عدد من المتغيرات التي مست بالاساس الفرضيات التي بني عليها قانون المالية لسنة 2020 . ونحن بصدد ذلك، وقد طفت على السطح، في لحظة إجماع وطني لمواجهة الوباء، أمور كثيرة كثر فيها القيل والقال، مطمئنون إلى يقظة الشعب المغربي، وقدرته على مواجهة أي خيارات تروم ضرب المكتسبات السياسية والحقوقية، والاقتصادية والاجتماعية … يقظة ومكتسبات نعتز كاتحاد اشتراكي للقوات الشعبية بلعب الدور الأساسي في تهييئء شروطها وترسيخها كثقافة ومكتسب وطني، بفضل سنوات من التضحيات و النضال و الجهر بالمواقف الصعبة، المواطنة، في مغرب كانت فيه كلمة الرفض بقلع الناب. مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس. لم تعد القوة في جرأة الخطاب بالضرورة، بل، بمصداقية الموقف في علاقة بالخطاب والسلوك والقدرة على تمكين البلاد من الحلول العملية لإشكالات اقتصادية واجتماعية متجددة. ونحن في الفريق الاشتراكي، في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في ممارستنا السياسية، بمشروعنا المجتمعي، لا نضع سقفا لأحلامنا تجاه الوطن والمواطن، لكن نؤمن بضرورة قراءة الواقع بعقلانية، وتلمس التغيير بمسؤولية لتحقيق الحلم … ما دون ذلك فتجارة الوهم رائجة وسهلة الاحتراف لكن دون أثر ايجابي على مستقبل البلاد والعباد. لذلك، فاذا كانت هناك من حسنات لهذه الجائحة فإنها وضعت النقط على حروف الأولويات ونبهت الجميع إلى وضعية غير سليمة تتحكم في مسار التحولات ببلادنا. السيد الوزير المحترم، لقد جعلتم من تسريع تعافي الاقتصاد الوطني والحفاظ على مناصب الشغل وتسريع الإصلاح الإداري، ركائز ثلاث لمشروع قانون المالية المعدل. وعطفا على ذلك، اسمحوا لي أن أثير معكم الملاحظات التالية: – إذا كانت الفرضيات التي تأسس عليها قانون المالية لسنة 2020، قد أضحت متجاوزة بفعل تراجع الموسم الفلاحي وتداعيات الجائحة على المستوى الخارجي والداخلي، وما خلفه ذلك من تراجع في موارد الدولة من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل وتراجع الطلب الخارجي الموجه إلى بلادنا، وانعكاسه سلبا على العائدات الجمركية وموارد الضريبة على القيمة المضافة؛ فإن الضبابية وعدم وضوح الرؤية، يشكلان العنوان البارز للمرحلة المقبلة، بالنظر إلى تناسل مختلف المؤشرات السلبية المرتبطة بنسبة النمو العالمي، والتحديات الاقتصادية لمنطقة اليورو (شريك المغرب الأول)، واحتمال موجة ثانية من انتشار الفيروس وما قد يواكبها من توقف للمعاملات وركود في الاقتصاديات. وفي هذه الظروف الدقيقة، فبلادنا مثل العديد من الدول، مطالبة بالتعامل مع نسبة النمو ونسبة العجز وتراجع الموارد وارتفاع النفقات ومع التدابير الجمركية، بالقدر الذي يخدم مصالحها ويحافظ على توازناتها الاجتماعية قبل المالية. وهو ما يدفعنا إلى التعاطي مع مقتضيات القانون المعدل الذي بين أيدينا، وعيوننا على المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية لسنة 2021، وما يُفترض أن يتضمنه من إجراءات وتدابير تساهم في تحقيق قفزة نوعية نحو مستقبل أفضل على كل المستويات. – إن القراءة المتأنية لعدد طلبات الاستفادة من مختلف أشكال الدعم التي قررتها الحكومة للحد من تداعيات الجائحة، تظهر بالملموس الحضور القوي للقطاع غير المهيكل في بنية نسيجنا الاقتصادي؛ وحجم الهشاشة البنيوية لفئات مهمة من شرائحنا المجتمعية، والحاجة الماسة لتحيين المؤشرات الماكرو اقتصادية، والمعطيات المرتبطة بالشغل والتشغيل، على ضوء المعطيات الجديدة التي أفرزتها هذه التجربة، ووضعها رهن إشارة الجامعة الوطنية، إغناء للبحث العلمي وتعزيزا للحق في الوصول إلى المعلومة المتوفرة لدى الإدارة. السيدات والسادة لقد كانت مصالح وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة في الموعد، إلى جانب قطاعات ومؤسسات كانت في الواجهة، بتضحيات مهمة في سبيل حماية الوطن والمواطنين. وقد سجلنا بكل إيجابية انخراط مصالحكم المركزية ذات الامتداد الجغرافي، في التفاعل السريع مع مقتضيات الظرفية. وهو مجهود نأمل أن يستمر في معالجة الطلبات العالقة الخاصة بالاستفادة من الدعم المخصص للمواطنين غير المسجلين في نظام راميد. كما نأمل أن تسهر مصالحكم، بنفس روح الفعالية، على وفاء مختلف المؤسسات والمقاولات العمومية والقطاعات الوزارية بالتزاماتها المالية تجاه المقاولات وموردي الطلبيات العمومية وتسريع أداء مستحقاتهم لتخفيف الضغط عليهم. وهو نفس الاتجاه المحمود الذي نرغب فيه في معالجة ما تبقى من الارجاعات الضريبية لفائدة المؤسسات والأفراد. كما نعول عليكم، بالتنسيق مع القطاعات الإدارية المعنية، من أجل تمتيع جميع المرتفقين بالضمانات التي يخولها لهم القانون في ظل حالة الطوارئ الصحية، والانكباب بالسرعة اللازمة على كل القضايا الخلافية المرتبطة بتوقيف سريان مفعول الآجال خلال مدة حالة الطوارئ، سواء في ما يخص الفوائد المرتبطة بالقروض أو في ما يخص الصفقات العمومية أو في ما يخص تطبيق الإدارة الضريبية للغرامات الناتجة عن التأخير بالدفع أو التصريح بالتسجيل خلال مدة حالة الطوارئ أو غيرها. كما نأمل أن يتم تمديد الدعم للفئات الأكثر هشاشة لمدة ثلاثة أشهر إضافية، تساعد المستهدفين في تجاوز الصعوبات المرتبطة بالبحث عن الشغل وتضمن استقرار الاستهلاك للأسر، خاصة أمام الطابع التكراري للأزمة. السيد الرئيس؛ السيد الوزير؛ السيدات والسادة النواب المحترمون؛ بالقدر الذي نفتخر ببلادنا في تدبيرها لهذه الجائحة، وبتجند كل المؤسسات للحد من تداعياتها على مختلف المستويات؛ بالقدر الذي سجلنا، بكل أسف، أن بين ظهرانينا عقليات لاتزال تعيش على حنين زمن قد ولى، ولايمكن لها أن تقارب الاستثمار إلا من زاوية الريع، ولاتقرأ الالتزام إلا في حدود ما يخدم مصلحتها الفردية. وكذلك كان، في تفسير مخرجات لجنة اليقظة الاقتصادية من طرف بعض المؤسسات، من خلال قراءة ضيقة وتأويل يعاكس الإجماع الوطني المفروض في لحظات دقيقة كهاته. فمن غير المقبول أن يرفع بنك المغرب الشروط الاحترازية عن المؤسسات البنكية وأن يراجع السعر المرجعي للفائدة إلى 1.5 في المائة، دون أن تفكر هذه الأخيرة في تخفيض سعر الفائدة للمنتوجات والقروض الموجهة للأفراد والمقاولات. فكيف سنعيد الحيوية للدورة الاقتصادية في ظل تعطل أحد محركاتها الأساسية؟؟؟ فَحَرِيُ بنا أن نستخلص الدروس، ونحن نتأمل التسهيلات والإعفاءات الجبائية والامتيازات المختلفة والاحتكارات المتوارثة التي تقدمها الدولة لأولئك الذين خلفوا موعدهم مع نداء التضامن،……. مع نداء الوطن والمواطنين. لقد غابت على الحكومة في زمن الطوارئ الصحية وما واكبها من تدابير لتخفيف تداعيات الجائحة، أن تنتبه إلى ما قد تشكله بعض القرارات، من مقدمات لاستصغار الأدوار الأساسية المنوطة بالمؤسسات المنتخبة كما عرفها الدستور ونظمها القانون. وفي هذا الباب، يكفي التذكير بالقراءات المتعددة، بحسب كل جهة وعمالة، للنصوص التنظيمية المؤطرة لعمليات النفقات. وكيف تحولت مناسبة إعداد اللوائح الخاصة بتحديد نفقات التسيير والتجهيز الاستعجالية والضرورية المنصوص عليها في دورية وزارة الداخلية رقم ف/1248، إلى مناسبة لتكريس الوصاية، عوض ممارسة السيدات والسادة رؤساء المجالس الترابية لاختصاصاتهم وترتيب الآثار القانوني عليها. وفي هذا الإطار، اسمحوا لي أن نؤكد على تفعيل الحساب المرصود لأمور خصوصية المسمى "صندوق التضامن بين الجهات" المحدث طبقا لمقتضيات المادة 234 من القانون التنظيمي رقم 111.14، من خلال إصدار قرار وزير الداخلية المحدد للنسب المئوية ومعايير استفادة كل جهة. لم يأت مشروع القانون المعدل بأي إجراء يهم التخفيف من الضغط الضريبي على الدخل أو مراجعة نظام الضريبة على القيمة المضافة، رغم ما يمثلهما من دعامات للرفع من القدرة الشرائية للمواطنين. وقد يجد المتسائل في عدد التعديلات والإصلاحات التي همت الضريبة على الشركات خلال العشر سنوات الأخيرة بالموازاة مع استقرار الضغط الضريبي على الدخل وعدم التفاتة الحكومة إلى تخفيفه، ما يذكي الإحساس بالغبن وباختلال توازن القوى في المجتمع، في ظل ارتفاع مديونية الأسر وعدم قدرة 94,6 % منها على ادخار جزء من أجرها. إن إجراء إصلاح ضريبي واسع ومهيكل أصبح يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى. إصلاح يندرج في إطار الإنصاف والعدالة الاجتماعية. عبر توسيع القاعدة الضريبية للمقاولين العاملين في قطاع الصناعة ليشمل العاملين لحسابهم الخاص، وتخفيف العبء الضريبي على الطبقات المتوسطة من خلال إعادة تنظيم جداول معدلات الضريبة على الدخل والزيادة في النسب لاسيما بالنسبة للدخل المرتفع، والمراجعة الشاملة للضريبة على القيمة المضافة والتطبيق التدريجي لضريبة جديدة على الميراث أو على التراث وغيرها. السيد الرئيس، السيد الوزير، السيدات والسادة النواب إننا في الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، نستشعر دقة المرحلة والصعوبات المرتبطة بها، وحريصين على المساهمة الايجابية، من موقعنا كمكون للأغلبية الحكومية، في اتخاذ القرارات الأساسية لحماية بلادنا والنهوض باقتصادها. ولا نريد أن يتأسس على حالة الطوارئ الصحية، تقعيدا لممارسة الاستثناء في التشريع والتنظيم وفي الحياة العامة. وبنفس الحرص: 1. نؤكد على ضرورة احترام كل الأطراف المشاركة أو المعنية بالإجراءات المتخذة من طرف الحكومة، لالتزاماتها وتحمل مسؤولياتها في حسن تنفيذ مخرجات لجنة اليقظة الاقتصادية، وأخص بالذكر مؤسسات الائتمان وتلك التي تدخل في حكمها ومؤسسات التأمين والاتحاد العام لمقاولات المغرب. حتى لا نبدد المجهودات الجماعية في نقاشات هامشية لا ترقى لمستوى حساسية الظرفية. 2. ندعو إلى تعزيز الموارد المالية للخزينة من خلال معالجة الإشكالات المرتبطة بتحصيل الديون المستحقة لفائدة الدولة. وبمناسبة إطلاق الاستشارات حول الهيكلة الجديدة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة فالدعوة مفتوحة للتفكير في وكالة وطنية للتحصيل تمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تكون نموذجا للارتقاء بالممارسة الإدارية في مجال التحصيل وملتقى متميز لتفعيل الالتقائية والعمل المتكامل بين مختلف مصالح التي يعهد لها القيام بالتحصيل. 3. نحرص على مراجعة سُلَم أولوياتنا في السياسات العمومية، وما يترتب عليه من مواكبة قانونية واعتمادات مالية وموارد بشرية، لتقوم قطاعاتنا الاستراتيجية بأدوارها الأساسية، خاصة منها قطاع الصحة والتعليم ومنظومة الرعاية الاجتماعية. وفي هذا الباب، نؤكد على فتح نقاش حقيقي حول تدبير الموارد البشرية المختلفة العاملة في قطاع الصحة، بعيدا عن مقاربة سلاليم الوظيفة العمومية. ذلك أن المنظومة الحالية، في كل تجلياتها، غير قادرة على توفير بيئة حاضنة ومحفزة لأطرها. كما أنها لن تتمكن، في ظل تحول البنية الديموغرافية لمجتمعنا، وفي ظل مواردها الحالية، من الإجابة عن التحديات المستقبلية لبلادنا في هذا المجال، والحد من نزيف هجرة كفاءاته سواء نحو القطاع الخاص أو نحو الخارج. 4. نطالب بالمرونة في التعامل من طرف المصالح الإدارية المعنية بتطبيق منشور رئيس الحكومة رقم 03/2020 بخصوص تأجيل الترقيات وإلغاء مباريات التوظيف، وذلك عبر استثناء المحالون على التقاعد برسم سنة 2020 من مقتضيات هذا المنشور، لما قد يسببه لهم من حرمان في تسوية وضعيتهم الإدارية وإمكانية تحسين تقاعدهم بشكل لا رجعة فيه. 5. نشدد على الانكباب بشكل جلي على معضلة آجال الأداءات، سواء في المعاملات بين الخواص أو في علاقتهم مع الإدارات العمومية أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، بما يمكن من إنقاذ مجموعة من المقاولات الصغرى والمتوسطة من الإفلاس. 6. نحث على إعطاء مدلول عملي لربط المسؤولية بالمحاسبة، والتفاعل الإيجابي مع كل المبادرات الرامية لشجب التعاملات المشبوهة في الصفقات العمومية، أو في الاستفادة من أشكال الدعم المقررة لمواجهة تداعيات الجائحة بدون وجه حق، مع استحضار الجدوى والنجاعة في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتعزز الشفافية وتضمن التنافسية بين المقاولات في الوصول للصفقات والطلبيات العمومية. 7. نؤكد على مراجعة شاملة لمختلف النفقات الجبائية، وتقييم وقعها على النسيج الاقتصادي والاجتماعي، وإلغاء الإعفاءات والامتيازات المختلفة التي تلغي مداخيل للدولة من أجل أهداف محدودة النفع، واعتماد مقاربات متجددة لدعم المقاولة المغربية من خلال إعادة توجيه الإنفاق الضريبي نحو القطاعات العالية الإنتاج ذات القيمة المضافة، وربط أشكال التحفيز بمستوى الامتثال الضريبي والمسؤولية الاجتماعية للمقاولة واحترامها لقانون الشغل. إن حجية الرفع من إنتاجية وتنافسية المقاولة المغربية لا يجب أن يكون مبررا لاستنزاف الموارد المالية للدولة دون أن نصل إلى الهدف المنشود. 8. نثير الانتباه إلى ضرورة إعداد سيناريوهات استباقية لمواجهة احتمال حذف مناصب شغل مهمة أو إعادة توطين بعض الشركات العالمية العاملة في قطاع الطيران وفي قطاع السيارات وفي قطاع تحويل الخدمات، في بلدانها الأصلية، إثر تضررها من تداعيات الجائحة وتراجع نشاطها عالميا. 9. نشدد على توطيد وتعزيز الدولة الاجتماعية، عبر اعتماد تدابير لتعميم الحماية والتغطية الاجتماعية للجميع بشكل تدريجي. ذلك أن المعطيات الاقتصادية والاجتماعية المتوفرة اليوم، تظهر قدرة بلادنا، على تعميم التغطية الصحية لجميع السكان، وعلى ضرورة التفكير الجدي في تحويل المساعدات الممنوحة للأسر في إطار الحد من تداعيات هذه الجائحة، إلى نظام دائم يضمن حدا أدنى موحدا للدخل لفائدة الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة. السيدات والسادة تبين الصدمة الفجائية لتداعيات جائحة كورونا، الحاجة إلى اعتماد خطة شاملة للدعم القوي والواسع النطاق، تأخذ بعين الاعتبار الخاصية المصاحبة وغير المسبوقة لهذه الأزمة على مستوى العرض والطلب. وهو ما يستوجب أجوبة استراتيجية قوية ومتماسكة لإنعاش النمو، وإيجاد تنظيمات وصيغ بديلة للإنتاج كفيلة بمواجهة هذا النوع من الأزمة والخروج منها؛ وقادرة أيضا على تقديم الدعم القوي للطلب الذي يعاني من تباطؤ غير مسبوق؛ عبر الارتكاز على تنشيط رافعة الطلبيات العمومية وتخصيص جزء كبير منها للمقاولات الصغيرة والمتوسطة خاصة الصغيرة جدا والمقاولين الذاتيين. واستمرار المجهود الحكومي في خلق أدوات تمويل وضمان مناسبة لمختلف مكونات النسيج الاقتصادي الوطني، بالإضافة إلى تطوير منظومة الاستهداف المباشر للمواطنات والمواطنين الأكثر هشاشة. لقد أبانت هذه التجربة على أن لا أحدا بمقدوره ان يجيب لوحده، من منظوره السياسي او اختياره الايديولوجي أو موقعه الإداري عن الأسئلة الحارقة للمغاربة. ذلك أن مصلحة المغرب ليست في قوة طرف دون آخر، بل في سمو سيادة القانون، وفي متانة المؤسسات، وفي الذكاء الجماعي للمغاربة في إبداع توليفة مغربية الأصل، تنشد احترام الاختصاصات وتكامل الأدوار والعمل المشرك. والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته".