أصدرت جامعة ابن طفيل كتابا ثانيا يوثق لتجربة خلية الاستماع والدعم النفسي التي أنشأتها بمبادرة علمية وإنسانية من فريق مسلك علم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية. ويمثل إصدار هذا الكتاب استجابة لحاجة مجتمعية ملحة، في هذه الظرفية الاستثنائية المتمثلة في : جائحة كوفيد 19، وتعبيرا عن الاحساس بالمسؤولية الذي تحلى به أساتذة وأستاذات الكلية وانخراطهم الطوعي في تقديم الدعم والمساعدة النفسيين للمواطنين والمواطنات وللمهنيين(خصوصا في مجال الصحة) في مواجهتهم للتداعيات النفسية للجائحة.كما يأتي هذا الاصدار، الذي يوثق لتجربة علمية وإنسانية فريدة، من أجل تأكيد عمق العلاقات التي تسعى جامعة ابن طفيل جاهدة لإقامتها مع محيطها السوسيو-اقتصادي القريب: مدينة القنيطرة ومنطقة الغرب عموما. يتضمن الكتاب، الذي قام بتنسيق أعماله الأستاذين فوزي بوخريص وعائشة زياني، كلمة لعميد كلية الآداب، وتسع مساهمات لباحثين في حقل علم النفس بالمغرب، من آفاق جامعية مختلفة، آمنوا بفكرة إنشاء خلية للاستماع والدعم النفسي بكلية الآداب والعلوم الانسانية، جامعةابن طفيل، وانخرطوا فيها – بحماس قل نظيره – بالاستماع والدعم والاستشارة والمواكبة، والمساندة والتشجيع. يرصد الباحث مصطفى حدية في أولى مساهمات الكتاب أشكال و كيفيات حضور «جائحة كوفيد 19 «في منصات التواصل الاجتماعي. من خلال جرد أهم الاسئلة أو التساؤلات التي تم التعبير عنها من قبل مختلف الأفراد والجماعات عبر مختلف المنصات التواصلية، طيلة مدة الحجر الصحي من قبيل: تمثل المرض، العنف ضد المرأة، معاملة الأطفال،قضايا العولمة و ما يرتبط بها من أزمات في المنظومة الاقتصادية و المالية العالمية و العلاقة بين الدول، فيما عرضت الباحثة عائشة زياني في مقالها تجربة خلية الاستماع والدعم النفسي عن بعد، باعتبارها واحدة من الاستجابات الواعية والإنسانية التي أقدم عليها أساتذة علم النفس بالجامعة المغربية لمواجهة الواقع الوبائي المستجد. وتتوخى مساهمة الباحثة، رصد تجربة الخلية منذ لحظات التأسيس والتفعيل الى التطلعات، من خلال تتبع مسارها ومناقشة أهدافها ومطامحها وسبل تطويرها في المراحل المستقبلية، مع إبراز أهمية هذه التجربة، من حيث إنها شكلت في الوقت نفسه، آلية للاستماع للمعاناة وللدعم النفسي لساكنة منطقة الغرب، لا سيما الأشخاص في وضعية هشة. ومن خلال استقراء الحالات التي لجأت للدعم النفسي عن بعد أيام جائحة كرونا، تناولت الباحثة خديجة وادي موضوع الاضطراب النفسي و العقلي و دوره في ظهور القلق الزائد…. وفي نفس سياق رصد التداعيات النفسية للجائحة،انصبت مساهمة الباحث عليوي عبد العزيز، على موضوع «التدخل النفسي عن بعد «و مقتضياته وحدوده، من خلال دراسة نماذج من الحالات التي تم التكفل بها من طرف فريق خلية الدعم النفسي(حالة رهاب كورونا- حالة التوحد…الخ). وفي هذا الصدد اقترح الباحث نبيل شكوح، في مساهمته ، تصورا وفق المقاربة المعرفية لبناء بروتوكول عملي للدعم النفسي عن بعد لفائدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق، التي اعتبرت، كما أثبتت عدة دراسات إحصائية، الاضطرابات الأكثر انتشارا في زمن جائحة»كوفيد 19». من جهته قدم الباحث زكريا بدري مساهمة موسومة ب»الاكتئاب وتدبير الانفعالات: تدبير انفعال الحزن نموذجا»، قام فيها بدراسة انفعالالحزن و الكشف عن الاستراتيجيات التي يوظفها المكتئب لتدبير هذا الانفعال،فيما تناولت الباحثة عائشة أفرفار، في مساهمتها، «استراتيجيات الضبط الانفعالي في زمن جائحة كوفيد 19» اقتناعا منها بأن الحجر الصحي سبب ضغوطات نفسية لدى بعض الأشخاص، خصوصا الأطفال، والمسنين، و ذوي الاحتياجات الخاصة…الخ. من جانبها، قاربت الباحثة كريمة امريزيق»علاقة جائحة كوفيد – 19 باضطرابات القلق»، ليس القلق العادي والمفيد، ذي القيمة التكيفية، والذي يجهز ويثير الكائن الحي نحو الاستجابة السريعة، و نحو القيام بردود أفعال آنية تجاه المثيرات الخطرة المهددة لوجوده،وإنما القلق المرضي غير التكيفي والذي يؤثر سلبا على حياة الفرد الكتاب تضمن أيضا مساهمات لكل من الباحثة فدوى نيد عبد الله بعنوان»النوموفوبيا» كما يتضمن ملحقا ، يشمل عينة من القصاصات الإعلامية، المنشورة في عدد من المنابر الإعلامية، المكتوبة والالكترونية، التي واكبت تأسيس خلية الاستماع والدعم النفسي بكلية الآداب والعلوم الانسانية-جامعةابن طفيل وتتبعت تجربة اشتغالها… تتميز مقالات الكتاب، التي تزاوج بين النظرية والتطبيق،بالتنوع وبالغنى على مستوى المواضيع المطروقة، والمقاربات المعتمدة، والنتائج المتوصل إليها. لكنها جميعا عبرت عن الرغبة القوية في تطوير تجربة الاستماع والدعم النفسي ، من خلال تجويد أدوات وتقنيات التدخل النفسي عن بعد وبناء نماذج نظرية وامبريقية ملائمة لها، لكن أيضا من خلال توفير الشروط المادية والقانونية والمؤسساتية الكفيلة بالنهوض بممارسة وتنظيم التدخل النفسي، للاستجابة للحاجة الدائمة والمزدوجة إلى خدمات خلية الدعم النفسي: الحاجة الداخلية إليها بجامعة ابن طفيل من أجل تقديم خدمات الاستماع والاستشارة والدعم النفسي لساكنة طلابية هائلة وساكنة مهنية مهمة… الحاجة الخارجية من أجل تقديم المساعدة والدعم النفسيين لمختلف شرائح ساكنة الغرب، لمواجهة ليس فقط تداعيات جائحة كورونا، بل كل الاضطرابات والمشاكل ذات الطبيعة النفسية(الانتحار، إدمان الشباب، التطرف…إلخ)