خسر المغرب خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري ما يزيد عن 39 مليار درهم (حوالي 4 ملايير دولار) من العملة الصعبة، بسبب تداعيات الأزمة الوبائية على الاقتصاد الوطني،حيث تعطلت المضخات الأربع الرئيسية المدرة للنقد الأجنبي (الصادرات، السياحة، تحويلات المهاجرين والاستثمارات الأجنبية المباشرة) التي سجل أداؤها تراجعا ملحوظا بالمقارنة مع وضعيتها في نفس الفترة من العام الماضي. وتفيد آخر الإحصائيات والبيانات الصادرة عن مكتب الصرف أن الصادرات التي تعد أكبر مدر للعملة الصعبة سجلت عند متم شهر ماي الأخير تراجعا ب 25.3 مليار درهم، إذ لم تتجاوز 100.8 مليار درهم عوض 126.2 مليار درهم خلال نفس الشهر من العام الماضي. وهو ما تسبب في تراجع نسبة تغطية الصادرات للواردات التي نزلت إلى 55.2 إلى 57.8 في المائة بدل 60.1 في المائة. وقد سجلت معظم القطاعات التصديرية الكبرى هبوطا حادا بدءا بقطاع السيارات الذي نزلت صادراته ب 13.8 مليار درهم (ناقص 39.8 %) ومرورا بقطاع النسيج الذي فقد أزيد من 5.4 مليار درهم من صادراته (ناقص 33.8%) وصادرات الفلاحة التي تراجعت بملياري درهم (ناقص 6.3 %) وانتهاء عند قطاع الطيران الذي خسرت صادراته أكثر من مليار درهم (ناقص 14.6 %). أما المضخة الثانية الأكثر جذبا للعملة الصعبة، أي السياحة والأسفار، فقد سجلت مداخيلها هي الأخرى تراجعا خطيرا ناهز 7 ملايير درهم حيث لم تتجاوز في ماي الماضي 21.6 مليار درهم بدل 28.6 مليار درهم في نفس الفترة من العام الماضين، أي بما معدله (ناقص 24.2 %). وإذا كانت تحويلات المغاربة القاطنين بالخارج تعد من بين أهم موارد العملة الصعبة في البلاد، فإنها لم تسلم هي الأخرى من تداعيات الأزمة الوبائية «كوفيد 19» إذ سجلت تراجعا بأزيد من 3.2 مليار درهم (ناقص 12.4 %) مقارنة مع وضعيتها في نفس الفترة من السنة الماضية، لتستقر في حدود 22.6 مليار درهم عوض 25.9 مليار درهم. وبدورها تراجعت تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة نحو المغرب نهاية شهر ماي من العام الجاري بناقص 15.9 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وهبطت الاستثمارات الخارجية بأزيد من 3.9 ملايير درهم لتستقر في حدود 10.5مليار درهم عوض 14.5 ملايير درهم المسجلة خلال ماي 2019، حسب ما أكده التقرير الشهري الأخير لمكتب الصرف حول المبادلات الخارجية للبلاد. وسجل حجم استثمارات الغاربة في الخارج خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري زيادة تقدر ب3.4 مليار درهم أي بأكثر من 78.8 في المائة لتسقر عند 7.7 مليار درهم في شتنبر 2019 مقابل 43 مليار درهم في 2018. ويثير استمرار تراجع مداخيل الاستثمارات الخارجية المباشرة للعام الثاني على التوالي قلقا في الأوساط الحكومية حول جاذبية المغرب للاستثمار الأجنبي بالنظر إلى الأهمية التي يكتسيها في ميزان الأداءات والاحتياطات الأجنبية للبلاد من العملة الصعبة. ومع ذلك فإن خسارة هذه المبالغ الهائلة من العملة الصعبة حد من وطأتها، تراجع قيمة الواردات التي هبطت هي الأخرى بحوالي 35.4 مليار درهم، بالإضافة إلى مبالغ القروض الكبيرة التي تلقاها المغرب خلال هذه الفترة، خصوصا 3 ملايير دولار التي سحبتها الحكومة من خط الوقاية والسيولة بواسطة آلية صندوق النقد الدولي. وظلت احتياطيات المغرب من النقد الأجنبي تتأرجح ما بين الارتفاع والهبوط خلال الأسابيع الأخيرة التي تزامنت مع جائحة فيروس كورونا التي تسببت في أضرار بالغة للاقتصاد المغربي وتأثر مصادر العملة الصعبة الرئيسية للبلاد. فقد بلغت احتياطيات المغرب من العملة الصعبة إلى غاية 1 يوليوز 2020 ما مجموعه 290.7 مليار درهم، بارتفاع نسبته 1 في المائة من أسبوع إلى آخر وبارتفاع نسبته 22.5 في المائة على أساس سنوي، حسب ما أعلنه بنك المغرب، في مذكرة حول مؤشراته الأسبوعية.