اتفقت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين وقطاع الاتصال، الجمعة، على وضع مخطط على المدى المتوسط والطويل من بين أهم مرتكزاته عصرنة المقاولة الصحفية، كما اتفق الجانبان، خلال اجتماع بين رئيس الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، عبد المنعم دلمي، ووزير الثقافة والشباب والرياضة، عثمان الفردوس، على خلق لجنة خاصة لتتبع هذا المشروع. وأوضح بلاغ للجمعية الوطنية للإعلام والناشرين أن هذا الاجتماع يأتي بناء على الاجتماع التأسيسي للجمعية الأربعاء الماضي الذي أسفر عن انتخاب مكتب الجمعية وانتخاب عبد المنعم دلمي رئيسا لها، وبناء على تكليف الجمع العام الرئيس بربط الاتصال بشكل مستعجل بالجهات الوصية على القطاع الإعلامي المغربي باسم الجمعية لأجل البدء الفوري في تقديم حلول عملية وملموسة للأزمة الخانقة التي تهدد الميدان. وأضاف المصدر ذاته أن دلمي قدم، خلال هذا الاجتماع، نظرة شاملة عن مختلف الإكراهات التي تعرقل سير المقاولات الإعلامية مكتوبة وإلكترونية وإذاعية، وخصوصا الجرائد الورقية وما يرتبط بها من طباعة وتوزيع. وأشار بلاغ الجمعية إلى أن الوزير عبر عن تفهمه للمشاكل والإكراهات واستعداد وزارته للشروع في تطبيق خطة إنقاذ مستعجلة مع الانفتاح على دراسة والاستجابة لمختلف المقترحات المتوسطة والبعيدة المدى التي تقترحها الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين لتمكين المقاولات الإعلامية الوطنية من الاستمرار في أداء رسالتها الإعلامية في ظروف طبيعية. وذكر البلاغ بأن الفردوس كان قد قال، بهذا الخصوص، أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب حول موضوع الإعلام، إن الدعم التقليدي تبين أنه غير كاف وتم إقرار إجراءات استثنائية، حيث أكد الوزير الوصي أن هناك «عملا بطريقة مكثفة مع وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، على مخطط استعجالي لإنقاذ الصحافة المكتوبة». المنطق التجاري
وأكد الوزير أنه حان الوقت بالنسبة للمقاولة الصحفية أن تؤسس وتدمج في منطق تدبيرها الجانب التجاري. وأوضح الفردوس، خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، أنه يتعين على المقاولات الصحفية أن تفرق أيضا بين المجال الصحفي والميدان المقاولاتي الذي يفترض وجود كفاءات خاصة، ملمة بقواعد ومنطق السوق بهدف تطوير المنتوج الصحفي، مبرزا أن قطاع الاتصال في تتبعه لمجال الصحافة، ما فتئ يقدم الدعم للمقاولة الصحفية لمساعدتها على تقوية نموذجها الاقتصادي، «ويتجلى ذلك في الارتفاع المستمر لقيمة الدعم العمومي، الذي انتقل من حوالي 45 مليون و808 آلاف درهم سنة 2005 إلى 58 مليونا و710 آلاف سنة 2020». وذكر بأنه تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات لفائدة الصحافة قبل حدوث هذه الأزمة، وقامت بتعزيزها حاليا، حيث عملت الوزارة في إطار تفهمها للظرفية الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها الصحافة الورقية والإلكترونية على الإعلان بتاريخ 24 أبريل 2020 عن فتح أجل تلقي طلبات الدعم العمومي بالنسبة للصحف التي كانت تستفيد من الدعم سابقا، وكذلك بالنسبة للطلبات الجديدة الراغبة في الاستفادة منه لأول مرة، وذلك بتنسيق مع مصالح وزارة المالية وإصلاح الإدارة. وقال إن الوزارة بصدد دراسة هذه الملفات تحضيرا لعقد اجتماع اللجنة الثنائية في القريب العاجل لمنح الدعم العمومي للمقاولات الصحفية من أجل مواجهة تحملاتها المالية والاجتماعية، خاصة تجاه العاملين بها، لمساعدتها على تجاوز هذه المحنة وضمان استمرارية تقديم خدماتها للمواطنين والمجتمع. وأشار إلى أن عدد الملفات المتوصل بها بلغ 135 ملفا موزعة بين 40 ملفا بالنسبة للصحافة الورقية؛ و22 ملفا بالنسبة للصحافة الجهوية؛ و29 ملفا بالنسبة للصحافة الإلكترونية؛ و04 ملفات للصحف المستفيدة في إطار التعددية؛ و08 ملفات لطلب الدعم لأول مرة بالنسبة للصحافة الورقية؛ و32 ملفا لطلب الدعم لأول مرة بالنسبة للصحافة الإلكترونية. أما بخصوص التدابير المستقبلية لمواجهة تداعيات وباء كورونا على مستقبل قطاع الصحافة الوطنية المكتوبة، فاعتبر الفردوس أن ذلك يجب أن يتم بشراكة مع الهيئات المهنية الأكثر إلماما بوضعية وخصوصية قطاع الصحافة، من أجل وضع استراتيجية وبرنامج عمل متكاملين، مضيفا في هذا الصدد أن الوزارة ستعمل في القريب العاجل على فتح النقاش مع الناشرين والنقابات المهنية لتقييم أثر الأزمة على قطاع الصحافة وتحديد الإكراهات الآنية التي يعرفها، ووضع تصور استراتيجي متكامل ومشترك يهدف إلى اقتراح الحلول والخطط للنهوض بالقطاع، كما ستعمل الوزارة على وضع برامج عمل لتحقيق أهداف تنمية قطاع الصحافة، وذلك وفق جدولة زمنية محددة ،بإجراءات واضحة يمكن قياس نتائج أثرها بمؤشرات ملموسة على أرض الواقع. أما في ما يتعلق بالإشهار، كأحد المكونات الأساسية في تحريك العجلة الاقتصادية، أكد الوزير أن قطاع الاتصال استطاع أن يساهم في تنظيم مجال الإشهار بأن يدرج بابا خاصا بالإشهار في الصحافة المكتوبة أو الإلكترونية ضمن قانون الصحافة والنشر، وإضافة مقتضيات أخرى ضمن القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري. وأشار إلى أنه حسب آخر الدراسات المعدة في مجال الإشهار، فإن سنة 2020 افتتحت على إيقاع إيجابي في ما يخص سوق الإشهار، موضحا أنه بالرغم من بداية الشعور بأثر الجائحة ابتداء من النصف الثاني من شهر مارس 2020، فإن نهاية الثلاثة أشهر الأولى من هذه السنة سجلت ارتفاعا في الاستثمارات الإشهارية يقدر ب 3 في المئة. وسجل الوزير أنه، حسب دراسة أعدتها «أمبريميوم ميديا» حول وقع الأزمة على مختلف وسائل الإعلام، فإن الإشهار على التلفزيون وعلى الدعامات الإلكترونية شهد ارتفاعا بنسبة 6 في المئة و4 في المئة على التوالي، بينما انخفضت حصة الدعامات الإعلامية الأخرى بشكل ملفت خاصة بالنسبة للصحافة الورقية التي كانت مضطرة للتوقف عن الطبع والتحول إلى صيغة إلكترونية بديلة. وعليه وصلت نسبة انخفاض هذه الأخيرة إلى ناقص 62 وبذلك لم تتجاوز حصتها 11 في المئة من ميزانية الإشهار التي قدرت ب 1.4 مليار درهم خلال هذه الفترة، مقابل 1.38 مليار خلال نفس الفترة من سنة 2019، في حين كانت نسبة الإذاعة ناقص 38 في المئة، واللوحات الإشهارية ناقص 32 في المئة. على صعيد آخر، توقف الفردوس عند الدور الذي لعبه قطب الإعلام العمومي في المواكبة الإعلامية والتأطير الثقافي والتربوي في ظل جائحة كوفيد19، من خلال تكثيف التغطيات اليومية والمراسلات المباشرة من مختلف ربوع المملكة، مشيرا في هذا الصدد، إلى التقرير الذي أعدته الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري حول مواكبة الخدمات الإذاعية والتلفزية العمومية والخاصة للحالة الوبائية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، والمجهودات المرصودة للحد من انتشاره، وذلك طيلة الفترة الممتدة من 19 مارس إلى 9 أبريل 2020. وأشار في هذا السياق إلى أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة خصصت حيزا زمنيا مهما من برمجتها لمواكبة تطورات فيروس كورونا، من خلال بث قنوات (قناة الثقافية، الرياضية، العيون وتمازيغت) الدروس التعليمية الخاصة بجميع المستويات الدراسية من المرحلة الابتدائية إلى الجامعية، للمساهمة في تعزيز التدريس عن بعد، وبث وصلات التوعية على مدار اليوم لتبسيط العديد من المفاهيم والإجراءات التي اتخذتها المملكة باللغات العربية، الأمازيغية والفرنسية ولغة الإشارة. كما بثت القناة الأولى، خلال الفترة الممتدة من مارس إلى غاية 12 يونيو الجاري، 624 موعدا إخباريا و80 نشرة استثنائية تضمنت 450 اتصالا مباشرا مع خبراء وفاعلين في شتى المجالات من مختلف جهات المملكة فضلا عن استضافة 70 آخرين «ببلاطو» نشراتها الإخبارية، فضلا عن إنجاز وبث 3050 ربورتاجا وتغطية إخبارية ميدانية، تستوفي مبادئ التوازن وموثوقية المصدر، حول الوضعية الوبائية والتدابير المتخذة من أجل تجاوز تداعياتها. وأضاف الوزير أن كل القنوات الاذاعية بادرت، بدورها، إلى إنتاج وبث مجموعة من البرامج الإخبارية والتحسيسية المرتبطة بداء «كوفيد 19» في جوانبها الاجتماعية والصحية والاقتصادية، وبث الدروس الجامعية بتنسيق مع رؤساء الجامعات، مسجلا من جهة أخرى أنه تم تعديل برمجة القنوات التلفزية الوطنية لتلائم مواكبة المجهود الوطني لمكافحة الجائحة من خلال برمجة استثنائية متمثلة في بث البرامج التعليمية، والوصلات والبرامج التحسيسية، والنشرات الإخبارية. وبالنسبة للقناة الثانية، أشار الوزير إلى أن القناة قامت ببث العديد من البرامج بهدف التأطير التربوي والثقافي والموجهة لفئة الناشئين والمراهقين والشباب والنساء والتي تمت ملاءمتها مع طبيعة السياق الوبائي وتداعياته، مفيدا أن القناة إضافة إلى بث برامجها القارة التي تندرج ضمن الصنف الثقافي والتربوي، بادرت إلى إحداث بعض المواعيد البرامجية الجديدة،ومواصلة بث مجموعة من الأعمال الوثائقية. وأفاد الوزير أن القنوات التلفزية المغربية نجحت في ظل حالة الطوارئ الصحية في استعادة شريحة واسعة من جمهورها، محققة نسب مشاهدة عالية لمجموعة من برامجها، حسب ما سجلته شركة «ماروك ميتري» المتخصصة في قياس نسب المشاهدة. وتابع أن إجراءات الحجر الصحي دفعت المغاربة إلى اللجوء إلى مشاهدة التلفاز لوقت أطول مقارنة مع الأيام العادية، إذ وصل معدل الساعات التي قضاها المشاهد المغربي أمام التلفاز إلى 5 ساعات، فيما كان المعدل يتراوح في الأيام العادية بين 4 ساعات و4 ساعات ونصف الساعة، حسب ما أعلنت عنه مؤسسة «ماروك ميتري». 200 مليون درهم للصحافة المكتوبة
و كشف الوزير أنه تم رصد أزيد من 200 مليون درهم للصحافة المكتوبة في إطار مخطط استعجالي لإنقاذ هذا القطاع الحيوي الذي يضطلع بدور مهم في البناء الديمقراطي. وقال الفردوس، في عرض قدمه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، إنه تم خلال اجتماع عقده مع مهنيي قطاع الصحافة، وخصص لتدارس إشكالات قطاع الصحافة المكتوبة والإلكترونية والورقية، التأكيد على « أن الدعم التقليدي غير كاف ويتعين اللجوء الى إجراء استثنائي والتمييز بين الإشكالات الظرفية والهيكلية»، مفيدا بأنه تم الاشتغال بشكل مكثف مع وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة على مخطط استعجالي لإنقاذ الصحافة المكتوبة، يرتكز على أربعة إجراءات تتعلق بالظرفية الحالية. ويهم الإجراء الأول، وفق الوزير، تخصيص مبلغ 75 مليون درهم تتكلف خلالها الدولة بدفع كتلة أجور هذه المقاولات لثلاثة أشهر (يوليوز وغشت وشتنبر)، مبرزا أن أزيد من 130 مقاولة صحفية طلبت الدعم عبر طلب العروض الذي أطلقته الوزارة بالنسبة للدعم التقليدي، منها أزيد من 30 مقاولة حديثة، كشفت دراسة ملفات هذه المقاولات عن تأزم وضعيتها المالية. ويتمثل الإجراء الثاني في تخصيص وزارة المالية ل75 مليون درهم وضخها في «حساب المورد» للمقاولات الصحفية من أجل التكفل بسلسلة القيمة الاقتصادية لقطاع الصحافة المكتوبة لتخفيف العبء عنها. أما الإجراء الثالث فيهم تخصيص 15 مليون للمطبعات التي تطبع أكثر من 500 ألف نسخة، وذلك من أجل تمكين هذه المقاولات الصحفية من دفع أجور المناولين، فيما يتمثل الإجراء الرابع في تقديم دعم مباشر ل «سابريس» المكلفة بالتوزيع التي تواجه مشاكل تتعلق بالظرفية يقدر ب15 مليون درهم، على أن تواصل وزارة المالية دعمها الذي بدأته السنة الماضية لهذه المقاولة من خلال إعادة رأسملتها برصد 10 ملايين درهم لتقوية رأسمالها. كما تم تخصيص غلاف مالي بقيمة 15 مليون درهم للإذاعات الخاصة التي قال الفردوس إنها «قامت بمجهود كبير في توعية المواطنين خلال الأزمة الصحية». وعلى المستوى الهيكلي، أكد الوزير أنه تم الاتفاق خلال هذا اللقاء، على تشكيل فريق عمل مشترك للاشتغال على المعطيات والبيانات لتشخيص الوضعية، بعد ذلك سيتم العمل على دراسة مقترحات مهنيي القطاع سيما المتعلقة بالعصرنة والتكوين والمشاريع الاستثمارية لهذه المقاولات عبر عقد برنامج. من جهة أخرى، قال الفردوس إن أزمة جائحة كورونا كشفت عن العديد من المشاكل التي لا تهم قطاع الاتصال فحسب، بل تشمل كل القطاعات ويتعين معالجتها من خلال اعتماد مقاربة عقلانية تقوم على تحديد المشاكل الظرفية المرتبطة بالأزمة ووضع مخططات خاصة بها والمشاكل الهيكلية التي تستلزم العمل وفق تصور على المدى المتوسط والبعيد. كما أكد على أهمية التقائية المشاريع بين قطاعات الثقافة والإعلام والشبيبة من خلال مشاريع ملموسة، مذكرا في هذا الصدد، أن قطاع الشبيبة قام بإعداد برنامج «أطفال وثقافة» عبارة عن منصة تفاعلية سهلة الولوج تهدف إلى تعريف الأطفال بثقافة وتراث المملكة، وبرنامج مسابقات يومي مخصص للأطفال على القناة الأولى، ولم يفت المسؤول الحكومي التأكيد على أهمية التحولات التكنولوجية والمنصات الرقمية التي أصبحت تؤثر على مفهوم الديمقراطية، وسوق الإشهار الذي أصبح يكتسي أهمية قصوى في ظل هذه التحولات. وأشار في هذا الصدد، إلى النقاش الدولي المطروح حاليا على مستوى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول الإشكالية المرتبطة بالوعاء الضريبي للمنصات الرقمية، معتبرا ان هذا النقاش مهم للغاية بالنسبة لبلدان مثل المغرب والتي «ستمكننا من قوة التفاوض مع الشركات الكبرى سيما وأن عدد المغاربة المتوفرين على حساب «الفايسبوك» يبلغ ما يقارب 15 مليون منها 8 مليون من الشباب».