تدهورت حقينة السدود في المغرب خلال العام الجاري بشكل يبعث على القلق، فقد تسبب شح التساقطات المطرية وعدم انتظامها هذا العام في تراجع ملحوظ للمخزون المائي بمعظم سدود المملكة. وتفيد آخر إحصائيات قطاع الماء بوزارة التجهيز حول وضعية السدود يوم 19 يونيو 2020، أن مجموع المياه السطحية المخزنة في السدود الرئيسية بالمملكة لا يتعدى 7.4 ملايير متر مكعب عوض 9 ملايير متر مكعب المسجلة في نفس التاريخ من العام الماضي، أي بفارق يناهز 1.5 مليار متر مكعب . وقد سجلت الحقينة التي تبلغ سعتها الإجمالية 15.6 مليار متر مكعب نسبة ملء لا تتعدى 47.8 في المائة، أي بعجز إجمالي يناهز 8.2 مليار متر مكعب. ويتوقع أن تتفاقم هذه الوضعية خلال الأشهر القادمة بفعل ارتفاع درجة الحرارة المرتقبة خلال شهري يوليوز وغشت القادمين، بفعل تبخر المياه السطحية. ويتوفر المغرب حاليا على حوالي 145 سدا كبيرا، و250 سدا صغيرا، وتتفاوت نسبة الملء داخل هذه السدود حسب موقعها الجغرافي، فبينما تعرف بضعة سدود واقعة على الأنهار الكبرى وفي المناطق المطيرة نسبة ملء عالية، كما هو الحال بسد وادي المخازن بالقصر الكبير 98.3%، وسد النخلة بتطوان 100 % وسد شفشاون 100 % ... تعاني السدود الواقعة في وسط وجنوب المملكة من تراجع ملحوظ في مخزونها المائي كما هو الحال بالنسبة لسد الوحدة بتاونات، وهو أكبر سد في المغرب، والذي تراجعت نسبة ملئه إلى أقل من 63 %، كما تراجعت نسبة ملء سد بين الويدان بإقليم أزيلال من 64% في 19 يونيو 2019 إلى 34 % في 19 يونيو 2020، ونفس التدهور عرفه مخزون سد يوسف بن تاشفين الواقع على وادي ماسة حيث هبط معدل ملئه من 55 % إلى 38 %. وبينما شكلت السدود، عبر عقود، صمام أمان للمغرب الذي يعتمد اقتصاده على الموارد المائية بشكل كبير، أصبحت هذه الأخيرة تتناقص عاما بعد عام، بفعل التقلبات المناخية، حتى أصبحت المملكة اليوم في وضعية حرجة دقت ناقوس الخطر بشأنها العديد من المنظمات والمؤسسات الوطنية والدولية. ولمواجهة هذه الوضعية الحرجة، شرع المغرب منذ بداية 2020 في تعبئة موارده المائية، خصوصا بعد الاجتماع الذي ترأسه جلالة الملك في القصر الملكي بمراكش ، في يناير الماضي والذي خصص لبرنامج الأولويات الوطنية لتوفير مياه الشرب والري 2020-2027. وشكل هذا الاجتماع جزءا من اللقاءات التي ترأسها جلالة الملك من أجل تطوير مشروع متكامل لهذا البرنامج يغطي كافة مناطق المملكة. ويتعلق الأمر بتحسين إمدادات المياه، ولاسيما من خلال بناء السدود وإدارة الطلب على المياه، وخاصة في القطاع الزراعي، وتعزيز إمدادات مياه الشرب في المناطق القروية، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة في ري المساحات الخضراء والتواصل والتوعية بهدف تعزيز الوعي المرتبط بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استخدامها. وقد أعطى الملك تعليماته السامية لتنفيذ هذا البرنامج الذي ستبلغ كلفته الإجمالية 115 مليار درهم. وبشكل ملموس ، يهدف البرنامج إلى تعزيز الإمكانات الوطنية من خلال بناء 20 سدا كبيرا بسعة 5.38 مليار متر مكعب. بالإضافة إلى السدود الصغيرة والسدود التلية، نظرا لما لها من أهمية خصوصا بالنسبة لسكان المناطق الجبلية والقروية البعيدة ودورها في تعبئة المياه المحلية الناتجة عن الأمطار الغزيرة المؤقتة.