رحل عنا إلى دار البقاء المجاهد سي عبد الرحمن اليوسفي، هذا المناضل الوطني الكبير، الذي وهب حياته للقيم والمبادئ السامية المؤطرة للوطنية الصادقة. رجل أنقى من البياض، وأسمى من تفاصيل الأنا الصغيرة، ناضل من أجل وطن يتسع للجميع على قاعدة الحرية والديمقراطية والتقدم والحداثة. من الحركة الوطنية كفاحا من أجل استقلال البلاد، إلى التضحية في رمزيتها المتعددة زمن سنوات الرصاص، إلى مرحلة النضال الديمقراطي وهندسة الانتقال إلى زمن الإنصاف والمصالحة عبر حكومة التناوب التوافقي التي قادها وزيرا أولا كرجل دولة مقتدر. إسهامه النضالي السياسي والنقابي والحقوقي واشتغاله في المحاماة والصحافة كواجهات للنضال، سواء في المنفى أو داخل الوطن، من موقع المعارضة أو من موقع التدبير، كان دائما منطلقه ومنتهاه الوطن أولا. أطلق جذوة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحقوقي، التي نمت واحتضنها الوطن، وكان الاختيار الديمقراطي الأحب إلى قلبه، ثابتا من ثوابت الأمة في دستور 2011. لم يكن عبد الرحمن اليوسفي مغربيا فقط، كان مغاربيا يحمل فكرة بناء المغرب العربي في يقينه، مذ بنى صداقاته مع قادة حركات التحرر في هذه البلدان، وناضل من أجل تجسيدها، وآخر المحطات النداء الذي وجهه بمهرجان وجدة في دجنبر 2018. كان أمميا فاعلا في إطار النضالات والمرافعات من أجل كونية حقوق الإنسان، ومؤثرا في الأممية الاشتراكية، نبراسه الحرية والعدالة الاجتماعية وحق الشعوب في العيش الكريم. مسؤوليته كوزير أول جعلته يجوب القارات معتدا بغزارة صداقاته مع ديمقراطيي العالم دفاعا عن قضايا الوطن ووحدة ترابه. يرحل عنا المجاهد عبد الرحمن اليوسفي والبلاد في حاجة إلى رجال من طينته، نفتقده ونفتقد معه زمنا سياسيا كان فاعلوه رجال دولة آمنوا بأن السياسة قيم ونبل وأخلاق يفتقده الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاديات والاتحاديين، وكل القوى الوطنية والديمقراطية الحزبية والنقابية والحقوقية، وستظل تجربته، فكره وذكراه رمزا للنضال الديمقراطي من أجل مجتمع حداثي ديمقراطي وحافزا للتمسك بالأمل في المستقبل. وداعا المجاهد، المناضل الوطني والمغاربي والأممي الكبير. وداعا يا آخر الكبار. باسم كافة الفيدراليات والفيدراليين، نتقدم بأحر التعازي إلى أسرته الصغيرة، وأصدقائه في المغرب وعبر العالم، وإلى قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكافة الاتحاديات والاتحاديين وكافة المواطنات والمواطنين المغاربة. رحم الله الفقيد سي عبد الرحمن وتقبله إلى جواره في أعلى عليين، مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وتغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنانه.