تمكن برنامج التاهيل الحضري لمدينة الصويرة من تغيير جزء كبير من ملامح موكادور بعد سنوات عجاف وصلت فيها بنياتها التحتية وخدماتها الاساسية الى اقصى مستويات التهالك والبؤس، سواء تعلق الامر بالطرقات أوالارصفة أوالانارة العمومية أوالفضاءات الخضراء أوتنظيم السير والجولان بشكل أساء كثيرا الى صورتها وإلى سمعتها لدى عشاقها وزوارها من مختلف الجنسيات. رؤية 2018 للتأهيل الحضري للصويرة ذات صبغة تعاقدية عبأت مجموعة من المتدخلين في أفق عصرنة المحطة الساحلية الوحيدة لجهة مراكش تانسيفت الحوز، حسب التقسيم الجهوي الحالي، ورسملة عمقها التاريخي . 300 مليون درهم ستتم تعبئتها اذن من أجل خلق قطب حضري، تأهيل البنيات التحتية، تطوير المشهد الحضري، تثمين التراث الثقافي والمعماري للمدينة ثم تطويرها على المستوى السوسيو اقتصادي. البرنامج يولي أهمية خاصة للمدينة العتيقة ول 12 حيا مهمشا ، كما سيستثمر 15 مليون درهم في انجاز الفضاءات الخضراء و 12م ونصف أخرى من أجل وضع البنيات التحتية الضرورية لحماية المدينة من الفيضانات. بالمقارنة مع السياق / الاشكال السابق، يمكن الجزم بتحسن المشهد العام للمدينة وتحسن طرقاتها وأرصفتها وإنارتها العمومية وكورنيشها. الا أن القراءة السليمة لا يمكن ان تتم بناء على مؤشرات سابقة تتخذ طابعا استثنائيا وغير طبيعي. بل يجب الارتكاز، في تقييم المنجزات الحالية، على الوضعية المأمولة مضمنة في تصور البرنامج ودفاتر تحملات مشاريعه. فإلى اي حد يمكن القول بأن المنجز الى حدود الساعة يحترم معايير النجاعة على مستوى احترام معايير الجودة وتدبير زمن المشروع؟ للأسف، مازالت مجموعة من المظاهر والممارسات السلبية جدا، والتي رافقت مشروع التأهيل الحضري للصويرة منذ بدايته قبل ثلاث سنوات، مستمرة، لتطفو نتائجها على واجهة المشهد الحضري بمختلف أحياء المدينة، وعلى الخصوص تلك التي تعتبر مهيأة الى نسب متقدمة. " كما تلاحظون ، هذا الزقاق المتواجد بحي ازلف استفاد بدوره من أشغال اعادة تهيئة الطريق والرصيف. الا أن الفحص الدقيق ولو بالعين المجردة للمنجز سيخلص بنا الى واقع أن الاشغال غير مكتملة كما أنها لم تستوف المطلوب على مستوى الجودة . فالأرصفة لم تغير بالكامل كما ان مستوى علوها لا يتناسب مع علو الطريق. من جهة أخرى، تمت تهيئة ممر الراجلين من ناحية فيما تم إغفال الامر من الناحية المقابلة. أما بالنسبة للبالوعات فهي ترتفع عن مستوى الطريق بشكل غير مفهوم. فهل يتضمن دفتر التحملات هذا المستوى من الجودة وهذا النوع من الأشغال غير المكتملة؟ يجب على المصالح المختصة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة على مستوى المراقبة والتتبع لأن الوضعية الحالية تبقى بعيدة عن الصورة المأمولة" صرح للجريدة أحد سكان حي أزلف. الوضعية نفسها عاينتها الجريدة بمجموعة من الأحياء والأزقة والممرات، أشغال غير مكتملة على مستوى الأرصفة وممرات الراجلين والفضاءات الخضراء بدون الحديث عن البالوعات المفتوحة التي باتت تشكل خطرا على الأمن العام للمواطنين. واتصالا بحالة البالوعات، فإن وضعيتها تدعو الى الكثير من السخرية بسبب مستوى علوها وخيار " البريكولاج" الذي يراهن عليه المسؤولون من أجل تغطية بعضها ممن تحطمت او سرقت أغطيته. "هذه البالوعة المتواجدة عند مدخل زقاق بحي البحيرة مفتوحة منذ سنتين تقريبا. وحتى يتم إشعار الراجلين وأصحاب السيارات والدراجات بوجود هذا الخطر يتم اللجوء في كل مرة الى تثبيت غصن شجرة كبير داخل البالوعة. فهل بهذه الطريقة نحل هذا النوع من المشاكل؟ الامر مثير للشفقة خصوصا وان الوضعية تستمر منذ مدة ليست بالقصيرة على مرأى ومسمع من المسؤولين." صرح للجريدة أحد سكان حي البحيرة بكثير من الحسرة. وجه آخر من أوجه التخبط يعرفه مشروع التأهيل الحضري للصويرة، وهو المدارات الطرقية التي تم تصميمها وإنجازها في غياب أي منطق يحكم مقاساتها ووظائفها. واذكر في هذا الباب تصريحا لمسؤول أمني أكد بأن مصالحه لم تتم استشارتها او إشراكها قبل تصميم وتثبيت المدارات... وفي هذا الاطار، لايزال الصويريون يتنذرون بالمدار "البيضوي" الشكل الذي تم تثبيته قبل سنوات أمام الساحة المقابلة لمقر عمالة الصويرة. مدار «خرافي» لا وظيفة له تسبب في الكثير من حوادث السير الليلية ليتم في الأخير اتخاذ قرار حذفه. أما المدارات الطرقية الأخرى، فهي في حاجة مستمرة الى التشوير والانارة وخصوصا مدار المحطة الطرقية الذي حل الكثير من المشاكل، الا أنه يعرف حالة من الاهمال الى حدود الساعة. " لقد كانت فكرة تهيئة فضاءات خضراء داخل المدارات فكرة جد مستحسنة ومنحت جمالية للمشهد العام للمدينة. الا أن هذه العملية توقفت مع رحيل العامل السابق الذي كان يولي عناية خاصة للفضاءت الخضراء. في الوقت الحالي لا تزال ثلاثة مدارات في حاجة الى تهيئة من اجل أن تدمج في محيطها وتساهم في تحسين جماليته لا العكس. الا أنني غير متفائل بهذا الخصوص باعتبار الاهمال الملحوظ الذي باتت تعرفه الفضاءات الخضراء منذ فترة..." علق فاعل جمعوي بكثير من الأسف. إشكال بنيوي مسكوت عنه لايزال يعيق مجهودات مشروع التأهيل الحضري للصويرة، وهو انهيار الطرق والأرصفة في العديد من النقط، قرب مقر عمالة الصويرة مثلا. وهو إشكال يسائل القائمين على تدبير المشروع لإيجاد حلول ناجعة ومستديمة . " لا يمكن للمسؤولين أن يواجهونا عند كل انهيار طريق أو رصيف بالخصوصيات الجيولوجية لأرضية المدينة. نحن نعرف بأن هشاشة أرضية المدينة تعتبر عاملا سلبيا غير مساعد على ثبات البنيات التحتية، إلا أن المسؤولين مطالبون بإيجاد حل ناجع. فما الداعي اذن لدفع عشرات الآف من الدراهم لمكاتب الدراسات اذا كنا سنجد انفسنا في كل مرة في مواجهة هذا الاشكال الذي لا يجب التعامل معه على أنه قدر" صرح للجريدة مقاول من أبناء المدينة. من جهة اخرى، تثير رزنامة تنفيذ مختلف أشغال التهيئة في أحياء المدينة استياء وغضب المواطنين الذين يعاينون واقع هدر المال العام بسبب سوء تنسيق توالي أشغال التهيئة. فالمنطقي أن يتم إنجاز البنيات التحتية السفلى سواء تعلق الامر بشبكتي التطهير السائل والماء الصالح للشرب والانارة العمومية وشبكة الهاتف، قبل المرور الى تهيئة الطريق والرصيف وممرات الراجلين. الا ان السائد في مدينة الصويرة هو العكس. تتم تهيئة الطريق او الرصيف، لتدخل شركة الانارة العمومية على الخط بعد شهر وتقوم بحفر الطريق والرصيف طولا. ثم تحفر اشغال التطهير السائل الطريق عرضا، وبعد سنتين او اكثر، تأتي شركة للاتصالات لتقوم بتثبيت شبكتها وتعيد حفر الطريق طولا وعرضا. في كل مرة يتم حفر الطريف، ويتم ترقيعه وإضعافه وتشويه جماليته. مشهد عبثي لا مسؤول يؤشر على خلل كبير على مستوى التنسيق بين مختلف المتدخلين في المشروع. حالة التساهل التي تطبع تتبع ومراقبة المنجز من أشغال المشروع تجد دليلها في غياب الاتقان وغياب اللمسة النهائية في مختلف النقط، سواء تعلق الامر بالطرق أو الأرصفة او الفضاءات الخضراء .حتى الجزء المهيأ من الكورنيش له نصيبه من العيوب التي لا تغفلها العين المجردة. من جانب آخر، مازالت بعض السلوكات المضرة بالمحيط البيئي تنفلت من رقابة المسؤولين، حيث يمكن معاينة تراكم الأتربة والأحجار في مجموعة من النقط أسابيع بعد نهاية أو توقف الأشغال. وهو مشهد يعكس حالة فظيعة من الاستهتار وغياب الحس المدني. كما يمكن في الظرفية الحالية معاينة نموذج الأحجار المتراكمة عند زاوية المركز السابق لتكوين المعلمين اذا كانت لمصالح المعنية في حاجة الى نموذج، علما بأننا نبهنا الى الامر منذ اكثر من سنتين. سينتهي برنامج التأهيل الحضري للصويرة سنة 2018، ففي ظل اية شروط سيتم إنجاز مشاريعه وتدبير أوراشه وأشغاله؟ سؤال ملح يستدعي تحمل المصالح المختصة مسؤوليتها الكاملة على مستوى المراقبة والتتبع، حتى لا يكون المنتوج هجينا كما هو عليه الحال بأزقة التجزئة الخامسة حيث تمت تهيئة الطرق وأهملت الارصفة والساحات والممرات. ختاما، فالمواطن الصويري مدعو بدوره لتحمل مسؤوليته على مستوى تتبع المنجز، وتملكه والحفاظ عليه. اذ تعتبر بعض مظاهر التخريب والتشويه غير مقبولة على الاطلاق، وتستدعي ، بالتالي، تعاملا رادعا من طرف الجهات المسؤولة . الفقيه بن صالح الفقيه بن صالح