ضمن الزيارة التي يقوم بها لوران فابيوس إلى المغرب جاء وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي حاملا في حقيبته حزمة من الملفات الاقتصادية التي تحاول من خلالها فرنسا استرجاع مكانتها كأول شريك اقتصادي للمملكة بعد سنة من الجفاء السياسي وثلاث سنوات من الفتور الاقتصادي. وتسعى فرنسا من خلال زيارة فابيوس إلى بعث الدفء في أوصال ملفات الشراكة الفرنسية المغربية، فبالإضافة الى مكافحة تغيّر المناخ، ومحاربة الإرهاب والوقاية من التطرف، والأمن والتنمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا. حمل وزير الشؤون الخارجية لوران فابيوس الى محاوريه المغاربة ملفات اقتصادية وازنة يتوخى من خلالها استحداث مشاريع مشتركة من أجل تطوير الشراكة الاقتصادية، المغربية الفرسية في القطاعات الواعدة مثل النقل والطاقة المتجددة والمدن المستدامة والسياحة، ولا سيما المشاريع التي تستهدف الأسواق الناشئة في المنطقة. علما بأن الشركات الفرنسية فشلت خلال 2014 بالظفر بالصفقات التي أطلقها المغرب في مجال الطاقات المتجددة . ويذكر أن سنة 2014 كانت سنة فتور سياسي أثرت سلبا على سير الملفات الاقتصادية المشتركة التي كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد أطلقها عند زيارته للمغرب سنة 2013 وخصوصا تلك المتعلقة بملف «التوطين المشترك» co-localisation الذي جاء كرد على موجة إعادة التوطين التي مازالت تشكل نقطة شائكة في المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوربي وخصوصا بسبب الموقف الفرنسي الرافض لموجة ترحيل الخدمات والصناعات. في المقابل تحاول فرنسا من خلال اقتراحها لمشاريع «التوطين المشترك» إقناع الرأي العام الفرنسي على الخصوص بعدم اعتبارها ك «تهريب» للصناعة الفرنسية في اتجاه دول صاعدة كالمغرب وإنما بإبرازها كفرصة لإنقاذ بعض الصناعات الفرنسية التي تأثرت بفعل الأزمة الاقتصادية وباتت تعاني من أزمة كلفة وهو ما يجعل تحويل جزء من أنشطتها نحو المغرب عاملا للتخفيف من تكاليف الانتاج الذي تعاني منه المقاولات الفرنسية ، المرتبطة بالأجور أساسا، و السماح لها بالتوسع نحو أسواق أخرى. وفي سياق هذا التوطين المشترك أصبحت صادرات المغرب من السيارات السياحية نحو فرنسا تحتل الممرتبة الثالثة ضمن وارداتها من المغرب من حيث القيمة إذ بلغت العام الماضي 4.4 مليار درهم بعدما كان المغرب لا يصدر أية سيارة نحو فرنسا قبل 2011. وبالموازاة مع ذلك تراجعت واردات المغرب من السيارات السياحية القادمة من فرنسا بنحو 43 في المائة بين 2011 و 2014 حيث لم يعد المغرب يستورد من السيارات الفرنسية سوى 1.2 ملياردرهم بعدما كان يستورد 2.22 مليار درهم. من جهة أخرى باتت صادرات المغرب من الكابلات والأسلاك الكهربائية 5.6 مليار درهم في مقدمة الصادرات المغربية نحو فرنسا متجاوزة الملابس الجاهزة التي احتلت المرتبة الثانية ب 4.4 مليار درهم متبوعة بصادرات المهن الجديدة كالسيارات وأجزاء وقطع الطائرات. أما واردات المغرب من فرنسا فتصدرها القمح الذي مازال متقلبا بحسب المواسم الفلاحية حيث بلغ العام الماضي 5 ملاييلر درهم بزيادة 70 في المائة متبوعا بقطع وأجزاء السيارات و المحركات والمكونات الكهربائية والالكترونية. غير أن هذه المنتوجات الصناعية شهدت مع ذلك هبوطا كبيرا بالموازاة مع الاستثمارات الصناعية التي شهدها المغرب في هذا المجال. وبالتالي فقد انخفضت واردات المغرب من أجزاء السيارات النفعية من فرنسا بنسبة 32 في المائة كما تراجعت وارداته من المحركات بنسبة 36 في المائة في 2014 رغم أنها ما زالت تحتل مركز الصدارة ضمن الواردات المغربية من فرنسا.