دخلت الشعيبية دنيا الشعر من غير تكوين أو مذاكرة أومدرسة أكاديمية أواحتكاك أو تتلمذ على يد شاعر. لم يسبق لها أن حفظت عن ظهر قلب قطعة شعرية، بل ولا بيتا يتيما من أي قصيدة. آثرت أن تتحرر من عدد من التفعيلات في السطر الواحد، أوالروي أوالقافية أوبحر بعينه. وليس شعرالشعيبية مجرد خواطر، وإنما ينتمي إلى القصيدة النثرية، حيث الصور والمعاني والدلالات والموسيقى الداخلية في اللفظ والمعنى.. ولو قُدر للشعيبية أن ترسم ما قالته شعرا، لكُنا أمام لوحة جميلة ، مثل لوحة (عاشورا) التي اشترتها الدولة الفرنسية من (رواق عين الثور) بعد أن انتدبت زمرة من خيرة النقاد الفنيين ومؤرخي الفن لذلك.وفي هذا المضمار، نشير إلى أن رواق الفن “لوفت”،باع بمبلغ مهم “الشعيبيسك”، وهوالعمل الذي أظهره للوجود الفنان فيريي ميشال باربو،والذي قدم طائفة من أشعار الشعيبية. شعرالشعيبية فن ناطق.. شعر وشعور لايتقيد بقواعدأو معايير محددة..من الوجدان إلى الأذن الشاعرة فالصدر الرحب. إنه تمرد على السياق والمساق المعهودين .. ومما جادت به قريحة الشعيبية، نقتطف قصيدة أسْمتها “الشجرة”، قام كل من الباحثة والكاتبة ليلى بنعلال والشاعر والكاتب الفرنسي مارك كوفنان بترجمتها من العامية البدوية إلى الفرنسية. ومن جهتي، أقوم بتعريبها، إذ نفتقد النسخة الأصلية وأي تسجيل صوتي، حتى تكون الفائدة على نطاق واسع. شعرت الشعيبية طلال، فقالت: “الشجرة عندما نهب الأرض، حبةً عندما تغدو الحبة شجرةً الشجرة تنمو. عندها تصبح الشجرة كبيرةً، تغوص جذورها عميقا في الأرض، تبدأ تشعر بالخروج لتحيى، يوما بعد يوم، في فرح الشمس غرسا،غرسا،غرسا أوراقا،أوراقا،أوراقا، الناس ينظرون إلى الشجرة التي تمنح فرحها بهجة جذورها صحة جذورها الشجرة تضحك،أيها الولد الطيب الشجرة تغني، الطيور تشقشق ويأتي كثير من العصافير لبناء أعشاشها الناس الذين يرون إلى الأسفل لم يعودوا يرون السماء زرقاء، الأعشاش تحجبها هذا رائع، الأمر شبيه بالعشب إلقاء الحب الأزهار تخرج بكل الألوان صفراء وحمراء وتجعل البيت ورديا بيت الحياة وتدخل في باقة ملأى بالزهور تذيب الأحزان والهواجس تنعش العالم أتحدث من أجل الأزهار الصفراء،الزرقاء،البنفسجية إنها ألواني، إنها حلمي أحلم، حلم حبات الأزهار” نظمَت الشعيبية في شعر الطبيعة، متخذة من الطبيعة الحية والصامتة مادتها.فهي تستلهم من طبيعة مسقط رأسها قرية اشتوكة، حيث الطابع السهلي والطابع الساحلي.. والسهول والعشب والحَب والأزهار والورود على اختلاف ألوانها من صفراء وبنفسجية وحمراء وزرقاء زرقة السماء والشمس وماء البحر والساقية والبئر والشجر وجذوع الشجر والأوراق والطيور تغرد والأعشاش والأطفال يمرحون ويلهون. اتسم شعر الشعيبية بصدق فني، فصُورُها القصارالمسترسلة والمتدفقة والمتتالية، تشير إلى وضع عاشته الشاعرة في صراعها مع الزمن والمحيط ونفسها، وعبرت عنه من غير حشو أو تزيُّد، وبإبداع بسيط للغاية وأحلام طفولية نزقة ورومانسية وشفافية وانسيابية، غارفة من منهل ثقافي ولغوي وهبته لها اشتوكة وأثْرتْه موهبتها وخيالها وعاطفتها الفياضة وحسها المرهف وطبيعتها القروية، وفطريتها وأحلامها وذكرياتها وتجاربها الشخصية في احتكاكها المباشر مع المعيش اليومي. ناضلت الشعيبية بالريشة كما ناضلت بالكلمة. فتلك النبتة التي خرجت في رحلة، واستمرت في مغامرة، حتى استوت شجرة، جذورها في الأرض ورأسها في السماء، تؤتي أكلها ثمرات صالحات،إن هي في واقع الأمر إلا الشعيبية بنت العروبية..ثم خادمة.. فسيدة من سيدات المجتمع.