أمام الدكتور سعد الدين العثماني، في البرلمان اليوم، سؤال مركزي وجوهري: ماذا ستفعل بلادنا يوم 20 ماي القادم؟.. في جلسة مشتركة،بين غرفتي لبرلمان سيقف رذيس الحكومة محاطا بهالتين:هالة التهويل ،في ما أعلن عنه المندوب السامي في التخطيط في حالة رفع الحجر بعد غد، وهالة الانحباس الاجتماعي والحيوي في المجتمع، التي بدأت شحناتها الكهربائية تلمس في الهواء.. لا أحد يود أن يكون في مقامه، في هذه النازلة، ولا أحد يود أن يُطرح عليه سؤال بدهي ومعقد مثل هذا في الوقت الحاضر، لكنه مجبر بأن يتوقع انتظارات المغاربة من جهة، ومتطلبات العودة إلى الدينامية الاقتصادية من جهة ثانية، ومراعاة الوضع الوبائي، وما قد يجلبه أي خطأ في معالجته من جهة ثالثة… سيكون أمام سيناريوهات، قد لا يحيط بكل عناصرها: سيناريو اقتصادي عن لجنة اليقظة الاقتصادية، وسيناريو اجتماعي، لا توجد له لجنة اجتماعية خاصة به لكنه جوهر كل الإجراءات اقتصاديا وماليا…وسيناريو صحي، لا يملك فيه أيضا الكثير من معامِلات الجواب، فهو لا يملك منه الكثير من العناصر: ما هي آخر أخبار الفيروس الشخصية، وما هي آخر أخبار العدوى، وما هي احتمالات الفيروس لو تم رفع الحجر؟ وكلنا لا نملك سوى نماذج للمقارنة… كلنا في لحظة مقارنة مع ما تم في بلدان عديدة، بلدان منها من لم تتخذ أي إجراء كما هو حال كوريا الجنوبية ، أو تلك التي تأخرت فيها، ولكنها كانت سباقة في اتخاذ رفع الحجر التدريجي،كفرنسا وأخرى تعيش تحت قبة الخوف من عودة الفيروس على كل موجة ثانية… هل الحجر الصحي اليوم على بوابة مرحلة ثالثة أو يستنفد المرحلة الثانية؟ هذا السؤال الذي يتكرر، مرتبط بمعامل الانتشار المعروف ب “R0″، وقد كشف محمد اليوبي أنه وصل إلى 1.015، وهو معدل عام، في حين أن المقاربة الترابية قد تعطي تباينا في درجة ارتفاعه وانخفاضه، بمعنى آخر، فالمقاربة الجغرافية – إذن الجهوية- تفرض نفسها. وهو ما يطرح سؤال التعطيل المؤسساتي للجهوية في ما يتعلق بالتدبير العام للوباء.. اليوم، لا بد من أن تكون للسيد رئيس الحكومة أجوبة في ما يخص إشراك الجهات في حلول النهاية بعد أن غابت في حلول البداية والإجراءات التابعة لها. ومبدأ التدرج الجغرافي والقطاعي ثابت يفرض نفسه في أي معالجة مستقبلية.. وفي غياب تطوير لقاح يعطي القوة لصاحب القرار في تسريع الوتيرة في هذا التدرج، تبقى عملية التكييف مع التدابير المفروضة من أساسيات أي تصور في المستقبل.. وهو – التصور -ما لم يعد التدرج فيه ممكنا للأسف! أين يمكن أن نرفع الحجر، إضافة إلى المدن والمناطق التي تسجل فيها نسبة صفر أو صارت النسبة فيها صفر حالات؟ يمكن الجزم، بالعودة إلى الوراء، كما تم بخصوص التدرج في فرض الحجر؟ أي العودة إلى الممارسات الفردية التي لا تتطلب المشاركة الواسعة للناس، وقد اقترح أطباء المستعجلات مثلا التمارين الرياضية الفردية مع استعمال الكمامات، والمحلات التي لا تعرف ارتيادا واسعا، والتجمعات التي لا تتجاوز 50 شخصا، والسياحة الداخلية … ماذا سيفعل الدكتور العثماني؟ لقد مرت قرابة أسبوع على آخر خروج إعلامي لرئيس الحكومة، وهو خروج كان تلقيه موضوع تقديرات متباينة، تقديرات تأرجحت بين الاندهاش وبين التفهم، مع استحضار تعقد الوضع الوبائي في الهنا والهناك. والواضح أنه لا يمكن أن يتكرر نفس الأداء الإعلامي للسيد الرئيس أمام ممثلي الأمة.. فما يُسمح به في وضع »لا مؤسساتي« لا يسمح به في وضع مؤسساتي يعطي معان كثيرة لأي موقف حكومي.. الواضح كذلك،أننا سنخرج، كيف ما كان جواب الدكتور، من أزمة واحدة إلى أزمات متعددة، ولا يمكن أن نعول إلى ما لا نهاية على صندوق “كوفيد 19” في التغطية على الزمن الممكن أن تأخذه هاته الأزمات، كما لا يمكن أن نضمن موارده بشكل لا نهائي، وهو ما يفرض علينا مواجهة أسئلة حقيقية حول الدورة الاقتصادية والآثار الاجتماعية، في أفق مناسبات لا يغفلها أي قرار ممكن، العيدان والصيف والدخول المقبل، اجتماعيا وسياسيا ومؤسساتيا…