ماذا حاق بمدينة فاس ؟ وما ذنبها حتى أصبحت في هذه الوضعية المتردية ؟نحن المقيمون بها لاننبهر بجمالية شارع الحسن الثاني الذي تؤثثه أحواض زاهية بعضها بأجمل الورود والرياحين، وجلها في وضعية من التردي والإهمال ، وبمجرد أن تغادر هذا الشارع الفسيح وتتعرج ذات اليمين في اتجاه شارع محمد الخامس ، أو تتعرج ذات اليسار في اتجاه مسجد المحسن الراحل التجموعتي، إلا وتطالعك حفر وشقوق عميقة على الأرصفة التي أصبحت تعج بالباعة الجائلين، عفوا التجار القارين، الذين لم يتركوا المجال للتجار الذين يؤدون الضرائب، الشيء الذي أدى بالكثير منهم الى الإفلاس أو هم في طريقه. وما أن يغادر المصلون مسجد التاجموعتي إلا وترتفع عقائر أصحاب العربات الذين يعرضون مالذ من الفواكه وهم يتنافسون على جلب الزبائن، وكلما حاول الراجلون المرور بالأرصفة، فإنهم لايستطيعون ذلك للاكتظاظ واختلاط الحابل بالنابل مما يضطرهم إلى المشي على قارعة الشوارع التي تعج هي الأخرى بالمتسولين والمتسكعين وبائعي الببوش والعصائر والعطور الرديئة ، هذه المظاهر تتكرر مشاهدتها أيضا في شارع محمد الخامس، هذا الشارع الذي كان مزهوا بزبنائه الأنيقين في الأيام الخوالي حيث كان يقصده سكان فاس من كل حدب وصوب للتجول والاستمتاع بالجلوس في مقاهيه وخاصة مقهى النهضة وزنزبار ، حيث تظل الدكاكين والحانات مشرعة إلى ساعات متأخرة من الليل فيخيل إليك وكأنك في إحدى المدن السياحية الاسبانية! تلك بعض المظاهر المقززة التي تقع كل يوم أمام مرأى أعين ممثلي السلطات المحلية والجماعية الذين عجزوا عن إنقاذ شوارع فاس من هذه المظاهر الشائنة ، حيث يتعرضون للسب والقذف وأحيانا للضرب وإشهار السيوف والسكاكين في وجوههم من طرف هؤلاء الباحثين عن لقمة العيش ،أما مدارات شوارع فاس فهي الأخرى أصبحت غارقة بالمهاجرين الأفارقة الذين أصبحوا يحاصرون سائقي السيارات ويستشيطون غضبا إذا لم يُجد الناس عليهم بقليل من المال! إنها بعض المظاهر التي أصبحت تحاصر فاس وسكانها ،فمتى يتم إنقاذ هذه المدينة العريقة التي تعد مفخرة ومكسبا لسكان فاس خاصة، و لكل المغاربة عامة ؟