بدل اللجوء إلى إعداد قانون مالية معدل، اكتفت حكومة سعد الدين العثماني بالمصادقة على مشروع مرسوم قانون يستهدف تجاوز سقف التمويلات الخارجية ، وهو ما يطلق يدها في اللجوء إلى الاقتراض من الخارج، في ظرفية تتسم بتراجع سيولة العملة الصعبة ما سيضطرها الى الخروج نحو الأسواق العالمية للبحث عن مزيد من القروض التي من شأنها أن تساعدها على مواجهة التداعيات غير المسبوقة لفيروس كورونا التي شلت قطاعات واسعة من النسيج الاقتصادي الوطني. وكانت الحكومة قد حصلت على ترخيص من البرلمان في إطار قانون المالية 2020 يسمح لها باللجوء إلى الاقتراض من الخارج في حدود 31 مليار درهم، غير أن هذا المبلغ لم تعد له أية قيمة بالنظر إلى الظرفية العصيبة التي تمر منها البلاد، خصوصا على مستولى انحباس تدفق النقد الأجنبي، سواء ذاك المتأتي من المبادلات التجارية الخارجية، بسبب توقف الآلة التصديرية للبلاد (السيارات النسيج، الفلاحة)، أو من القطاع السياحي الذي سيخسر هذا العام، حسب تقديرات المكتب الوطني للسياحة، حوالي 34 مليار درهم على مستوى رقم المعاملات، ناهيك عن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، التي ستتأثر هي الأخرى بتداعيات الوباء على اقتصاديات دول الاستقبال. وكذا توقف تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وخلافا للمرسوم الذي تم الإعلان عنه يوم الجمعة الماضي والذي كان يتضمن نقطتين (تجاوز سقف التمويلات الخارجية و وقف جميع النفقات التي أقرتها في قانون المالية لسنة 2020، مع بعض الاستثناءات التي تهم تداعيات كورونا). غير أن الحكومة قررت في آخر لحظة تعديل مشروع مرسومها بحذف الفصل المتعلق بوقف جميع النفقات التي تضمنها قانون المالية لسنة 2020، والإبقاء على فصل وحيد ، والمتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية . و إذا كان مشروع المرسوم الذي صادقت عليه الحكومة قد جاء في ظرف استثنائي محكوم بوضعية قانون الطوارئ الذي فرضته الجائحة الوبائية “كوفيد 19″، فإنه يطرح مع ذلك إشكالا قانونيا ودستوريا يجعله قابلا للطعن في أية لحظة من طرف نواب الأمة، وذلك لأن الحكومة تجاهلت نص القانون التنظيمي لقانون المالية الذي لا يسمح بإدخال تعديلات جوهرية على قانون المالية إلا بقانون مالية معدل يقدم للبرلمان وذلك في إطار مسطرة مصادقة خاصة لا تتعدى أسبوعين، والحال أن الحكومة ستقوم بتعديل أهم ركن من أركان قانون المالية 2020 ، والذي يهم رفع سقف التمويلات الخارجية.