ابتدعت وزارة الثقافة خلال هذا السنة تصورا جديدا في الدعم المسرحي، ينضاف إلى التجارب السابقة، ويتمثل في دعم توطين الفرق المسرحية بالفضاءات المسرحية، الأمر الذي خلق نقاشا حادا داخل المشهد المسرحي المغربي. ويرى العديد من المتتبعين أن الفكرة تفتح الباب لهدر المال العام، حيث تكلف العملية أزيد من سبعة ملايين درهم، وهو مبلغ مغري جدا، ويسيل لعاب بعض الانتفاعيين من أجل "السطو" على حصة من هذه الكعكة، خاصة وأن القانون يشترط فقد تقديم عشرة عروض بفضاء التوطين. وحملت تجارب الدعم المسرحي السابقة مجموعة من التجاوزات، وكلفت الدولة خسائر بالملايين، حيث اختص بعض الأشخاص في الاستفادة من الدعم، عبر استنساخ فرق تفترق بانتهاء العروض المتفق عليها، الأمر الذي أثر على مستوى الفرجة، وبات الهاجس الأول لدى بعض المشتغلين في المجال هو كيف الحصول على قسط من المال العام بأقل مجهود، وفي أقصر مدة، حيث ابتدعت في هذا الباب عدة أشكال من أوجه التحايل والتلاعب، عكست بالفعل بؤس المشهد المسرحي، فتحول الدعم في بعض تجلياته إلى وجه من أوجه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أسست في بعض تجلياتها لريع جمعوي فاضح. صحيح أن تجربة الدعم فتحت لنا العديد من أوجه الاشتغال المسرحية، وأغنت الساحة ببعض الأعمال الجديدة، لكنها تظل معدودة على رؤوس الأصابع، وتبين أن العملية في حاجة إلى تقييم دقيق، وإعادة بناء جديدة استنادا إلى أسس ومعايير وضوابط محددة. سنظل متفائلين، غير أننا لن نقبل بأن يتحول مسرحنا إلى مجال تثبت فيه بعض الطفيليات والفطريات، التي أساءت كثيرا للمشهد. إن أملنا كبير في أن تفعل الوزارة آليات المراقبة بشكل صارم، وأن تراقب أوجه صرف مبالغ الدعم، بعيدا عن أي تساهل أو محسوبية، حتى نجب المشهد المسرحي مزيدا من التفسخ والتشرذم.