فيروس «كورونا» الذي بدأ منذ ديسمبرالماضي في سوق للحيوانات الحية في مدينة يوهان بالصين، (لايعرف لحد الآن ماهو الحيوان الذي لعب دور الوسيط في نقل المرض)، وهو يسبب عدوى في الرئة تسمىCovid-19، أدى إلى وفاة الآلاف بالصين التي انتقل منها إلى باقي البلدان وخلق موجة من الخوف والارتباك والهلع خيمت بظلالها على الجميع، هذا الفيروس يعتبر خطرا حقيقيا تواجهه السلطات الصحية بالمغرب، التي تعاني أصلا من إكراهات عديدة إذا اعتبرنا أن الحالات التي تصاب بهذا المرض تتكاثر بشكل مطرد واستثنائي خلال أسابيع قليلة، بكل ما يعني ذلك من تحديات وصعوبات أقلها الخصاص في الأسرة والموارد البشرية. ما هو التقييم الحالي لوباء فيروس كورونا العالمي؟ 169 ألفا و387 حالة هو عدد المصابين لحد يوم أمس الاثنين بالعالم في أكثر من 148 دولة ومنطقة وتسبب في وفاة 6513 شخصًا، وتعافى منه 77.257 وفق الخريطة الوبائية لمنظمة الصحة العالمية يوم أمس في الساعة 9.30 صباحا، وهي أرقام تتغير بشكل مستمر خلال ساعات اليوم الواحد. وأكثر الدول تضررا، وفق ذات الخريطة، هي الصين ب 81020 مصابا توفي منهم 3099، لكنها أعلنت يوم السبت الماضي أنها تغلبت على الوباء بعد تراجع حالات الإصابة يوم السبت الماضي إلى 11 حالة إصابة جديدة و 13وفاة. وتأتي إيطاليا بعد الصين حيث قتل بها 1809، ثم إيران ب 724 قتيلا وإسبانيا ب292 قتيلا وفرنسا ب127قتيلا. وفي أوروبا، التي اعتبرت «المركز» الجديد للمرض وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن النظم الصحية بهذه القارة تتعرض للضغط حيث سجل بها أكثر من 36000 حالة. إن تطور عدد الحالات واضح بشكل خاص على الخريطة، والتي يتم تجميع بياناتها من قبل الجامعة الأمريكية جون هوبكنز، وتظهر أن ما يقرب من 50٪ من المرضى هم خارج الصين. أما في بلدان مثل الولاياتالمتحدة (التي أعلنت حالة الطوارئ) أو في المملكة المتحدة أو روسيا ، التي اعتقدت في السابق أنها قد نجت من الوباء، فقد أعلنت يوم السبت الماضي التحول إلى السرعة القصوى في مواجهة انتشار الوباء الذي لا يرحم، كما أن منظمة الصحة العالمية أعلنت أنه من « المستحيل» التكهن بموعد ذروة الوباء. الأرقام الخاصة بعدد الإصابات في المغرب أعلن المغرب عن إصابة 29 حالة مؤكدة بالفيروس في آخر بلاغ لوزارة الصحة صباح أمس الاثنين، وآخر الإحصائيات إلى حدود يوم السبت سجلت إصابة 18 حالة من بينها حالة وزير التجهيز و النقل عبد القادر عمارة. وكان مدير مديرية الأوبئة قد أعلن في ندوة صحفية، السبت الماضي، أن أصغر مصاب يبلغ من العمر 9 أشهر وأكبرهم هي السيدة المتوفاة بسبب الفيروس التي كانت تبلغ من العمر 89 سنة.كما أن هناك حالة شفاء للمريض رقم 0 الذي غادر المستشفى بعد تعافيه من المرض. وفي ظل هذا الوضع اتخذ المغرب عدة اجراءاتلمحاصرة الوباء والحيلولة دون انتشاره لباقي المواطنين، ولحد الساعة فإن الحالات المسجلة هي لأشخاص وفدوا من خارج المغرب إلا حالة امرأة واحدة تم نقل المرض إليها من طرف زوجها الذي كان خارج البلاد. وأكد اليوبي في نفس الندوة الصحفية ليوم السبت الماضي أن: «6 حالات حملوا الفيروس من فرنسا و5 حالات من إيطاليا و5 حالات من إسبانيا اضافة إلى حالة الزوجة التي انتقل إليها الفيروس من زوجها الذي قدم أيضا من الخارج». أما بالنسبة للحالات التي سجلت يوم الأحد فتتعلق ب6 حالات وافدة من إسبانيا وحالتين من فرنسا و حالتين وافدتين من إيطاليا، وحالة واحدة من النمسا. وذكرت وزارة الصحة، من خلال الإحصائيات الصادرة عنها، يوم أمس أن عدد الحالات المستبعدة بعد التحاليل السلبية قد بلغ إلى 135 حالة يوم ، وقد كانت محددة في 122 ضمن إحصائيات أول أمس. واتخذ المغرب حزمة من إجراءات استباقية لمحاصرة الفيروس و الحيلولة دون انتشاره أهمها توقيف الدراسة بالجامعات والمدارس ابتداء من يوم أمس الاثنين وتوقيف جميع الرحلات الجوية إلى إشعار آخر، ومنع التجمعات التي تتجاوز 50 شخصا وإلغاء التظاهرات الثقافية والاقتصادية والرياضية والمواسم الدينية. وإغلاق المقاهي والمطاعم والقاعات السينمائية والمسارح وقاعات الحفلات والأندية الرياضية والحمامات وقاعات الألعاب وملاعب القرب، لكن لم يتم الإعلان عن أي حجر صحي بأي منطقة بالمغرب حسب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في أول ظهور إعلامي له منذ انتشار وباء كورونا الذي شدد على أنه لا وجود لأي حالة حجر على مدن أو وجود بؤر لانتشار المرض كما يتم الترويج له حاليا، قائلا: «تعاملنا مع الموضوع بجدية منذ البداية بتدخل لجنة القيادة، ولجنة اليقظة والرصد، ولجنة علمية تضم خبراء في الموضوع». ما هي أعراض المرض؟ تشير الأعراض الموصوفة بشكل رئيسي إلى عدوى الجهاز التنفسي (السعال وصعوبة التنفس)، حيث تصيب الحمى تسعة من أصل عشرة مرضى. وفي 90٪ من الحالات، تبقى أقل من 39 درجة مئوية. لكن الأعراض الأخرى غير محددة للأسف، وهي من نفس النوع الموجود في التهابات فيروسية تنفسية أخرى، حيث يعاني واحد من كل ثلاثة مرضى من التعب، ويعاني واحد من كل خمسة تقريبًا من ضيق في التنفس، ويعاني واحد من كل سبعة من التهاب في الحلق أو صداع أو ألم عضلي منتشر، ويعاني أقل من 1 من كل 20 شخصًا من انسداد الأنف أو الإسهال أو الغثيان. وأخيرًا، 80 ٪ من المرضى الذين تم تحديدهم على الصعيد العالمي لديهم شكل معتدل فقط من المرض، مثل البرد أو لا تظهر عليهم أعراض. لكن هذا لا يعني أنهم غير معديين. كيف ينتقل الفيروس؟ ينتشر Covid-19 عن طريق اللعاب والسعال أو العطاس، وكذا عن طريق الاتصال الوثيق مع المرضى مثل المصافحة أو العناق وعن طريق الاتصال بالأسطح الملوثة. وتشير دراسة إلى أن »Covid-19 « تدوم مدة خطورته عدة ساعات على الأسطح المختلفة: حتى 24 ساعة على الورق المقوى وما يصل إلى 2-3 أيام على البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ. غير أنه من غير المعروف إن كانت درجة خطورته تبقى معدية خلال هذا الوقت. كما أشارت آخر الدراسات الأمريكية إلى أن الفيروس يمكن أن ينتقل عبر الهواء وهي الفرضية التي كانت مستبعدة من قبل. ويساعد غسل اليدين بانتظام (كل ساعة تقريبًا) على الحماية من انتقال العدوى. وللحماية من التلوث بالفيروس، تصر السلطات الصحية على أهمية التدابير الوقائية : كغسل اليدين بشكل متكرر، أو السعال أو العطس في المرفق أو في منديل يمكن التخلص منه، وارتداء قناع إذا كان الشخص مريضا. كمالا ينصح بمصافحة أو التقبيل لأن العدوى تنتقل بشكل سريع في هذه الحالة. من هم الأشخاص الأكثر تأثرا بمرض كوفيد 19؟ الدراسات المنجزة على مستوى العالم وخصوصا بفرنسا أكدت أن الغالبية العظمى من الحالات (8 من 10 مرضى)، ليست خطيرة (حمى، سعال جاف، صعوبة عابرة في التنفس…). وفي غضون أيام قليلة، يعود معظم المرضى إلى حالتهم الطبيعية. بالنسبة للآخرين، يصبح كل شيء معقدًا. بالنسبة لحوالي 15 ٪ منهم، يمكن أن تتحول صعوبة التنفس إلى فشل تنفسي، الأمر الذي يتطلب دخول المستشفى، في ما نسبة 5 ٪ المتبقية ما يسمى بالحالات «الحرجة»، يلزمها تدابير الإنعاش بشكل ضروري. ففي حين يمكن أن يسبب الفيروس أشكالًا خطيرة في جميع الفئات العمرية ، فإنه لا يبدو أنه يقتل بشكل أعمى، فمن بين 1023 حالة وفاة تم تحليلها في الصين، كان 80 ٪ من الأشخاص فوق سن الستين. أكثر من 80 في المئة، على وجه الخصوص، هم الأكثر عرضة للوفاة (15 ٪)، مقارنة مع 2.3 ٪ لجميع المرضى. ويمكن أن تؤثر هذه المضاعفات الخطيرة أيضًا على الشباب. الفئة الأخرى المعرضة للخطر هي الأشخاص الذين يعانون بالفعل من مرض مزمن. توفي 10 ٪ من المرضى المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية. هذا هو الحال أيضًا بالنسبة ل 7٪ من مرضى السكري، و6 ٪ من المصابين بأمراض الجهاز التنفسي المزمنة. وبالمقارنة، مات أقل من 1 ٪ من الأشخاص المصابين الأصحاء. ولكن مع ذلك هناك تحذير من أن أكثر من 300 مريض الذين يوجدون في حالة خطيرة بفرنسا، أكثر من 50٪ منهم هم تحت سن الستين. مدى تأثر الأطفال بفيروس كورونا رغم أن هناك حالة بالمغرب لرضيع يبلغ من العمر 9 أشهر أصيب بالعدوى عن طريق والده إلا أنه يبدو أن الأطفال يُستثنون بشكل ملفت من هذا الفيروس الجديد. وفقًا لدراسة صينية، حيث يمثل الأطفال دون سن 10 أقل من 1 ٪ من جميع الحالات المؤكدة، ولا توجد وفيات في هذه الفئة العمرية. لا يظهر على الأطفال النادرين الذين تم تشخيص إصابتهم إلا أعراض خفيفة (حمى ، سعال ، انسداد الأنف، إلخ). حدثت هذه الظاهرة في عام 2003 خلال وباء السارس، لكن العلماء لم يتمكنوا من فهم السبب. هل لأن الأطفال أقل تعرضًا (يخرجون أقل، ويسافرون أقل)؟ هل لأنهم «يواجهون الكثير من الأمراض في سنواتهم الأولى لدرجة أن جهازهم المناعي يعمل بسرعة ويستجيب جيدًا لهذا الفيروس الجديد»، كما يقترح شارون ناكمان، الأستاذ في كلية طب في المستشفى «بيت بروكس» للأطفال بالقرب من نيويورك؟ على أي حال، هذا لا يعني أنهم ليسوا معديين، فهم يمكن أن ينقلوا العدوى لأشخاص ذوي هشاشة صحية، وبالتالي توصي السلطات الصحية بالحد من اتصالهم مع كبار السن والضعفاء. هذا الفيروس معد للغاية يتفق الخبراء على أن كل مريض مصاب ب Covid-19 يصيب ما بين شخصين وثلاثة أشخاص إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لمكافحة الوباء (وهذا ما يسمى «معدل التكاثر الأساسي») من المرض، أو» R0»وبالتالي فإن Covid-19 أكثر عدوى من الأنفلونزا ، حيث يقدر هذا المعدل ب 1.3 في المئة. هذه الفرضية تؤكد أن عدد الحالات يمكن أن يتضاعف كل يومين أو ثلاثة، وهناك معطى آخر يدعو أكثر للقلق، حيث تشير الدراسات إلى أن فترة حضانة المرض تمتد تقريبا لخمسة أيام في المتوسط ولكن يمكن أن تتراوح بين يومين و أربعة عشر يوما مع مرحلة كمون لا تظهر فيها على المريض أي علامات أو أعراض تمتد من يومين لأربعة أيام، وهذا يعني أن المريض في هذه المرحلة الكامنة سينقل العدوى بكل سهولة للآخرين، مما يعنيه ذلك من تحد للسلطات الصحية المغربية على اعتبار أن ما بين 10 إلى 20في المئة من المصابين من الضروري أن تستقبلهم المستشفيات. هل هناك علاج لكوفيد19؟ للأسف، لا يزال الإنسان غير محمي من هذا الفيروس، فلا توجد هناك لقاحات أو علاج، فهذا الفيروس لم يواجهه جسم الإنسان من قبل لذا فهو غير محصن ضده، و ما زال السباق مستمرا منذ عدة أسابيع لإيجاد علاج فعال وحتى 11 مارس، تم الإبلاغ عن ما يقرب من 100 تجربة في السجل الدولي للتجارب السرير ، Clinicaltrials.gov، لكن لا تزال النتائج غير مرضية. لذا تبقى الوقاية هي أحسن الطرق لمحاربته، فعلى المستوى الفردي هناك إجراءات لا بد للشخص الذي يشك في حالته أن يتبعها منها أن يعزل نفسه عن باقي أسرته وأن يتصل عبر الهاتف بالرقم المخصص دون التوجه إلى المستشفى تجنبا لنقل العدوى للآخرين. – تجنب الأماكن العامة كالمقاهي والأسواق والأماكن المكتظة. غسل اليدين بشكل مستمر بالماء والصابون. تغطية الفم والأنف عند العطاس والكحة. غسل مزاليج الأبواب بشكل يومي وفتح النوافذ للتهوية. عزل الأشخاص المعرضين بشكل أكبر للإصابة مثل المسنين والحوامل ومرضى السكري والقلب والأمراض التنفسية والرئوية والسرطان والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.