المغرب يفقد الملايير كل سنة بفعل هجرة الأطباء نحو الخارج.. والمواطنون يؤدون ثمن الخصاص أكد تقرير للمجلة الطبية البريطانية BMJ ، أن هجرة الأطباء ومهنيي الصحة المغاربة صوب بلدان أخرى تتواصل، متسببة في العديد من التبعات، الاقتصادية والصحية على حدّ سواء، إذ أن هجرة هذه النخب تكلّف المغرب ما بين 0.10 و 0.25 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يعادل ما بين مليار و100 مليون درهم ومليارين و767 مليون درهم في السنة، فضلا عن الرفع من حدّة الخصاص وتأخر تلبية الطلبات والانتظارات الصحية للمواطنين؟ وتقدّر مصادر صحية عدد الأطباء الذين هاجروا إلى فرنسا، على وجه التحديد، في أكثر من 8 آلاف طبيب، وأن المعدل السنوي لهذا النزيف المتواصل يقدّر بحوالي 300 طبيب، كان سيشكّل تواجدهم في بلدهم قيمة مضافة لتعزيز المنظومة الصحية والمساهمة في تطويرها وتجويدها، الأمر الذي لم يتحقّق بل يزيد استفحالا، خاصة في ظل أعداد الاستقالات التي يتم تقديمها في القطاع العام، سواء تلك التي تم قبولها أو التي صدرت أحكام قضائية تقضي بمنح «الحرية» لأصحابها، مما مكّن عددا منهم من الالتحاق بالضفة الأخرى، في الوقت الذي يقدّر فيه الخصاص في صفّ الأطباء رسميا بحوالي 32 ألف طبيب، أخذا بعين الاعتبار العدد الضعيف المتوفر في عدد من التخصصات كما هو الحال بالنسبة لاختصاصيي التخدير والإنعاش الذين يقدّر عددهم ب 214 متخصصا لحوالي 35 مليون مواطن، وفقا لمصادر نقابية، على جانب 290 طبيبا متخصصا في أمراض النساء والتوليد، علما بأن العديد من المستشفيات لا تتوفر على أي طبيب في هذا التخصص، كما هو الشأن بالنسبة لمستشفيات في قلب العاصمة الاقتصادية ! وكانت دراسات وإحصائيات، سواء إعلامية أو تلك التي تم نشرها من قبل المجلس الوطني لهيئة الأطباء بفرنسا، والتي سلّطت عليها الضوء «الاتحاد الاشتراكي» في حينه، قد أشارت إلى أن عدد الأطباء المغاربة الممارسين لمهنة الطب بفرنسا يشكل نسبة 10.70 في المئة من مجموع الأطباء المتواجدين بهذا البلد، 20 % بالطب العام، 15.5 % متخصصون في الجراحة العامة، 11 % في التخدير والإنعاش، 8 % في مجال الصحة النفسية والعقلية، 7 % أطباء متخصصون في أمراض النساء والولادة وغيرهم، علما بأن الأرقام تشير إلى أن 18.9 في المئة من مجموع الأطباء المغاربة بفرنسا هم حاصلون على شهاداتهم في الطب من المغرب. أرقام تنضاف إلى أخرى، لتؤكد حجم الخصاص في المغرب والكلفة الثقيلة لهجرة الأطباء للمستشفيات العمومية بالخصوص التي لم تعد جذابة ومستقطبة، وسعيهم للعمل خارج أرض الوطن، ليس فقط في فرنسا، وإنما حتى في كندا وألمانيا وغيرهما، أخذا بعين الاعتبار أن الوضع يستفحل يوما عن يوم، نتيجة ليس فقط بسبب الاستقالات وإنما كذلك بفعل التقاعد على مستوى المؤسسات الصحية العمومية، وبسبب التوزيع غير العادل للموارد البشرية المتوفرة، التي تتمركز بقلّتها في محوري الدارالبيضاء والرباط بنسبة 54 في المئة من مجموع الأطباء، والثقل الضريبي في القطاع الخاص، وغيرها من العوامل المختلفة، التي بات الأطباء ينظرون إليها بعين من سواد، وتدفعهم لاختيار وجهات أخرى(؟)