ما تعيشه جامعة عبد المالك السعدي بتطوان في الفترة الأخيرة بعد انفجار فضيحة التوظيفات المشبوهة والرشاوي مقابل التلاعب في نتائج الامتحانات والحصول على شواهد الإجازة والماستر دون اجتياز الامتحانات، نتيجة طبيعية لسياسة اللامبالاة والتجاهل التي نهجتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي-قطاع التعليم العالي، بعدما تعالت في وقت سابق عدة صيحات ونداءات وبيانات للأجهزة المسؤولة بالجامعة، أوحتى التغطيات الصحافية لبعض الفضائح، والتي تعاملت معها الوزارة بالتجاهل التام. فقد يبدو للبعض أن ما رشح من أخبار حول الشبكة التي تم كشفها من طرف الموظف السابق بكلية الحقوق بتطوان وليدة اللحظة، لكن مجريات الأمور بهذه الكلية عكس ذلك، فقد كنا في جريدة الاتحاد الاشتراكي السباقين لإثارة الاختلالات التي رافقت مسار تجربة العميد السابق، وخاصة في ما يتعلق بالتلاعب بنتائج الماسترات وتفشي ظاهرة فرض بيع الكتب للطلبة، كما أن الأساتذة بذات الكلية، سواء بشكل جماعي أوعبر إطارهم النقابي المتمثل في فرع النقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية الحقوق بتطوان، كانوا سباقين إلى دق نقوس الخطر وإثارة كل هذا الاختلالات في حينها، غير أن المسؤولين محليا ووطنيا تجاهلوا مثل هذه النداءات والتنبيهات، والتي كان من الممكن أن تحفظ ما تبقى من ماء وجه الجامعة المغربية. فبالعودة إلى بيان سابق للنقاية الوطنية للتعليم العالي والمؤرخ في 20 يناير 2018، نجد أن المكتب النقابي استنكر بشدة استمرار تفشي ظاهرة الفساد والرشوة والمحسوبية بالجامعة وتأثيرها السلبي على سيرها وسمعتها وإشعاعها جهويا، وطنيا ودوليا، كما استنكر تصريح رئيس الجامعة في الاجتماع الأخير لمجلس الجامعة حول عدم قدرته على محاربة الفساد ولاستعماله عبارات لاأخلاقية لا داعي لذكرها. كما جدد المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي رفضه احتكار رئيس الجامعة وحده تعيين أعضاء لجنة انتقاء المترشحين لشغل منصب العمادة بالمؤسسات وفقا لقاعدة ضبابية وترتيبات وتعليمات غير معلنة. كما استنكر الإطار النقابي بشدة سوء التسيير الإداري والتربوي للعميد بالنيابة ” المتورط حاليا في الشبكة الأخيرة المفككة”، وانفراده بالقرارات، وعدم إشراكه هياكل المؤسسة في اتخاذ القرار، وسوء تدبيره المالي وارتباكه في معالجة الملفات البيداغوجية والعلمية، وتشويشه وتحريضه ضد العمل النقابي بالكلية ونهجه لسياسة الزبونية والانتقائية في معالجة القضايا والملفات المطروحة داخل المؤسسة وتدخله المستمر في أسلاك الماستر والإجازة المهنية، ومباريات التوظيف لقبول المرشحين، مما يتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص، ومبدأ المساواة والشفافية واستفراده بتوزيع المناصب المالية والميزانية المخصصة للكلية دون الرجوع للهياكل (الشعب ومجلس الكلية) ودون مراعاة الاحتياجات البيداغوجية للشعب والمسالك. يحمل البيان في حينه العميد بالنيابة مسؤولية الوضعية الراهنة وما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلا ودعوته رئيس الجامعة ووزير التعليم العالي للتدخل العاجل لإيجاد حل لهذه الوضعية المزرية وتجنب أي شلل قد يصيب الكلية. إن الوضع الذي وصلت إليه جامعة عبد المالك السعدي وفي مقدمتها كلية الحقوق بتطوان، من خدش وصورة سلبية مست أساسا الجامعة المغربية، ما كان له أن يتفاقم لو تحملت الوزارة الوصية مسؤوليتها في التعاطي الإيجابي مع الأصوات النزيهة والحرة التي تصدح بها الكلية وجامعة عبد المالك السعدي، بل إن العودة إلى مثل هذه النداءات يؤكد بالملموس أن كلية الحقوق بمرتيل ليست بالصورة القاتمة التي يروج لها البعض، بل على العكس من ذلك فإن كلية الحقوق بها أساتذة شرفاء نزهاء سبق لهم أن خاضوا معارك نضالية ضد ذاك اللوبي المصلحي والانتهازي الذي شكلته الشبكة المفككة، ولم يركنوا إلى الخلف، بل على العكس ناضلوا بكل ما أتوا من قوة ضده، وصدحت حناجرهم وبياناتهم بفضح ألاعيب العميد السابق، غير أن الجهات الوصية على القطاع كان لها رأي آخر، وهو ما يجعلها اليوم موضع مساءلة فيما وصلت إليه كلية الحقوق بتطوان وما طال جامعة عبد المالك السعدي من خدش لسمعتها ووقارها.