«الفساد» الجامعي إلى وقت قريب، كانت تتحدد وظيفة الجامعة في طرح الأفكار وتحليلها، وفي إنتاج القيم وتبيئتها وترسيخها في الأذهان، وكانت تسائل المعرفة، من أي نوع كانت، في شكلها ومحتواها، بل أكثر من ذلك كانت تقترح الأساس الذي يجب أن ينهض عليه وبه المجتمع ويستقر نظامه وينمو. غير أننا اليوم، ومع ما بتنا نلاحقه من أخبار تفيد دخول الشرطة القضائية على الخط، من أجل البحث في قضايا ترتبط بالفساد، على مستويات عدة، يخترقها المالي والأخلاقي والأكاديمي، صار يتعين علينا أن نتوقف قليلا لنطرح هذا السؤال: هل بوسع الردع أن يدفع الفساد عن الجامعة؟ إن ماعاشته بعض الكليات في مدن مكناس وتطوان وطنجة والجديدة، على مستوى «المتاجرة» في الشواهد، وأيضا على مستوى الارتشاء للتسجيل في سلكي «الماستر» و»الدكتوراه»، والأدهى من ذلك كله على مستوى السرقات الأدبية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أو التردد أن الجامعة لم تعد حقلا للإبداع والعطاء، ولا مجالا طبيعيا للبحث العلمي، ولا لتطوير القدرات البحثية. وبذلك، نكون قد دخلنا إلى المرحلة الأخطر في موجة الفساد الذي ينبغي مكافحته، وانتقلنا من الفساد السياسي والإداري والمالي، إلى الفساد الذي يعتري الوسط الجامعي، مما يجعلنا نصرخ: يا معشر العلماء يا ملح البلد/ من يصلح الملح إذا الملح فسد؟