وجه الاتفاق الحكومي بين الحزب الاشتراكي العمالي وبوديموس في إسبانيا صفعة أخرى إلى الانفصاليين الذين كانوا يراهنون على مشاركة حزب بوديموس في الحكومة لتغيير موقف مدريد من النزاع المفتعل بالصحراء المغربية. الاتفاق الذي وقعه زعيما الحزبين، بيدرو سانشيث وبابلو إغليسياس، من أجل «تحالف تقدمي» يقود الحكومة الإسبانية، لم يتطرق إلى أي موضوع متعلق بنزاع الصحراء إنسجاما مع الموقف الرسمي للجار الشمالي، سواء فيما يتعلق بأطروحة « تقرير المصير» وفق منظور الإنفصاليين، أو الدفع بالاعتراف بالجمهورية الوهمية، أو منح الجنسية الإسبانية للمنحدرين من الصحراء. وكان الإنفصاليون يراهنون على مشاركة بوديموس في الحكومة الإسبانية، باعتبار أن برنامجه الإنتخابي كان يساند أطروحة «تقرير المصير» ويدعو إلى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية مستندا على ما اعتبره «المسؤولية التاريخية» لإسبانيا بخصوص الصحراء. غير أن الهزيمة التي مني بها حزب بوديموس في الانتخابات التشريعية الأخيرة في إسبانيا، في 10 نونبر الماضي، حيث حصل على 26 مقعدا مقارنة ب30 مقعدا، التي حصل عليها من قبل خلال انتخابات 28 أبريل من نفس السنة، وفقدانه لأزيد من مليون و300 ألف صوت في سبعة أشهر، بالإضافة إلى الانشقاقات التي عرفها الحزب وتخلصه من التيارات المتشددة داخله، خصوصا بمدريد وكاتالونيا، كلها عوامل جعلته يتحلى بالواقعية السياسية التي تفرضها الممارسة الحكومية، والاصطفاف إلى المصالح الإسبانية عوض التشبت بشعارات لم تعد تساير التطورات التي يعرفها العالم، ومن بين ذلك الموقف من النزاع المفتعل بالصحراء المغربية. الاتفاق الموقع بين الحزبين والذي جاء في 49 صفحة، نص على ضرورة جعل إسبانيا مرجعا في مجال الدفاع عن الحقوق الاجتماعية في أوروبا وتقوية الحضور الإسباني في المؤسسات والمنتظمات الدولية، وتقوية العلاقات بين إسبانيا والعالم الإيبيرو أمريكي والقارة الإفريقية، والدفاع عن حقوق الإنسان. وفيما يخص قضايا الهجرة، نص الاتفاق على دعم سياسة أوروبية عادلة ومتضامنة، تحترم حقوق الإنسان وتضمن الحريات والمبادئ التي يستند إليها الاتحاد الأوروبي، كما عبر الاتفاق عن دعمه الكامل لتفعيل الاتفاق العالمي حول الهجرة الذي تم إقراره في مراكش نهاية 2018، واتفاقية الأممالمتحدة حول اللجوء. ويتوقع أن يبدأ البرلمان الإسباني عملية التصويت على الحكومة الجديدة التي سيقودها الإشتراكيون بمشاركة حزب بوديموس يوم الأحد 5 يناير، ومن المنتظر أن تعقد جلسة ثانية ، قبل المصادقة عليها، باعتبار أن بيدرو سانشيث لا يتوفر على أغلبية مطلقة للحصول منذ الجولة الأولى على تزكية البرلمان، لكنه، خصوصا بعد الاتفاق الذي توصل إليه مع الحزب الوطني الباسكي لضمان دعم نوابه الستة، والاتفاق الآخر مع اليسار الجمهوري الكاتالاني الذي قرر عدم التصويت ضد الحكومة، لكن الامتناع على التصويت، أصبح يتوفر على أغلبية نسبية تؤهله لقيادة الحكومة، فوفق هذا السيناريو، توقع المتتبعون أن تحصل الحكومة الإسبانية الجديدة على مصادقة البرلمان في الجولة الثانية من التصويت المتوقع عقدها يوم الثلاثاء القبل 7 يناير، وذلك بالأغلبية النسبية.