أكد عبد الإله السايسي أن مآسي وفيات الأمهات الحوامل والأجنة والمواليد الجدد والحالات المماثلة في مناطق معزولة أو غيرها، ستتواصل، ولن يوقفها الحكم الابتدائي الذي صدر ضد المولدتين في واقعة العرائش. وشدد رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش، في تصريح خصّ به «الاتحاد الاشتراكي» على احترام المهنيين للمؤسسة القضائية، إلا أن ذلك لا يلغي أنه رغم اجتهاد المشرع في إصدار مهام غير واضحة للمولدات، فإنه لا يمكنهن تعويض الإختصاصي في التوليد، ولا يمكن لهن أبدا القيام بأعمال طبية مثل الفحص بالصدى والعمليات القيصرية وغيرها، مبرزا أن الوضع سيظل ممتدا ليصل لتخصصات أخرى. وأوضح السايسي أن الترسانة القانونية تفرض وجود طبيب مختص في التخدير والإنعاش وتؤكد إشرافه المباشر بقانون واضح 43.13 وقرار وزاري 2150.18، مضيفا أن المرافق الصحية تعاني من واقع أليم على رأسه الخصاص الحاد، وتستقبل مجموعة من الحالات ويكون الممرض مطالبا من طرف الإدارة، سواء بمذكرات أو غيرها من الاجتهادات، بالتدخل وتعويض طبيب التخدير باعتبارها حالات مستعجلة وخطيرة، وإذا لم يمتثل فإنه سيكون متابعا تحت طائلة عدم تقديم المساعدة لشخص في وضعية خطيرة، منبّها إلى أن الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش سبق لها أن حذرت، من خلال مبادرات مختلفة، من خطورة هذا الواقع، وطالبت بتوفير الموارد الطبية الكافية لتوضيح اللبس ومواجهة الفراغ وتحقيق شروط الممارسة السليمة للمهنة، وبالتالي فإن واقعة العرائش، بحسب المتحدث، سيكون لها مابعدها. وشدّد السايسي، بعد تقديم التعازي لأسرة الفقيدة فرح، على أن مهنيي الصحة تحملوا عبء فراغ الترسانة القانونية والخصاص، وسوء التوزيع للموارد البشرية، وتدبيرها بكيفية غير عادلة، وكشفت هذه الواقعة العديد من الاختلالات في التسيير وغياب الحكامة في المرافق العمومية. والتمس رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش الموافقة على إجراء خبرة تمريضية لأن الأمر يتعلق بعدة مهن صحية، مبرزا أنه ضاعت فرصة إصدار اجتهاد قضائي في الموضوع، وهو الأمر الذي يمكن تداركه في الاستئناف، مشددا على أن محاكمة العرائش إذا كانت في شكلها تحاكم الأطباء والممرضين، فإنها في عمقها تحاكم نظاما صحيا هشّا وجب إصلاحه عاجلا بتوفير الموارد البشرية، والسهر على التكوين المستمر، وتوفير التجهيزات الضرورية من أجل سلامة المواطن والممارس لضمان جودة العلاجات الصحية التي يجب أن تكون مؤطرة بقوانين ومراسيم ومهام واضحة تكون مرجعا للكفاءات، والعمل على إحداث الهيئة الوطنية للقابلات والممرضين وتقنيي الصحة. من جهته، أكد حميد كونكا، أن مهنيي الصحة باتوا يتساءلون عمن سيجد نفسه متابعا لاحقا، بسبب ما اعتبره في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي» تشتت وضعف الترسانة القانونية، مؤكدا أن تأطيرها للمجال الصحي أصبح هاجسا يؤرق كل مهنيي الصحة، لأن الوضع تجاوز ما كان سائدا من ممارسات، واشتغال بالعرف، فضلا عن التداخل بين الاختصاصات الطبية والتمريضية. وأبرز رئيس جمعية الجنوب لممرضي التخدير والإنعاش أن هذا الوضع الذي تعيشه الشغيلة الصحية اليوم، ما فتئت الجمعيات المهنية تنادي بالتعجيل بتداركه صونا لحقوق المواطنين وحماية للمزاولين للمهن الصحية المرفوقة بمفهوم الخطر أكثر منه الخطأ، خاصة فئة ممرضي التخدير والإنعاش، موضحا كيف أن الجمعية التي يترأسها نادت بضرورة التنزيل لمقتضيات القوانين الصادرة، لا سيّما أنها تدعو لوجود الطبيب المتخصص في التخدير والإنعاش في كل قاعات العمليات والإشراف المباشر له، تطبيقا لمضامين قرار رقم 2150.18، وذلك بتحديد قائمة الأعمال المنوطة بالموظفين المنتمين إلى هيئة الممرضين وتقنيي الصحة، عوض الزج بممرض التخدير والإنعاش في متاهات عدم تقديم العون ارتباطا بفصول القانون الجنائي، وتحميله تبعات الحالات المستعجلة والمستعصية. ودعا حميد الوزارة إلى تحمل مسؤولياتها والعمل على توفير الموارد البشرية المؤهلة قانونيا بتحديد نطاق تدخل كل فئة، والحدّ من تجاوزات بعض مسؤوليها بالمؤسسات الاستشفائية، ضمانا لحق دستوري، ويتعلّق الأمر بالمادة 31، الذي يؤكد على الحق في الصحة والحياة، وكذا توفير مناخ عمل كفيل بالقطع مع النزيف والاختلالات التي يعرفها القطاع، وعلى رأسها القطع مع العمل بالعرف وتفعيل القوانين والنظم.