شهد المركز الثقافي ابن خلدون بطنجة، مساء يوم السبت 9 نونبر 2019، فعاليات ندوة: «ظاهرة التصوف في الأدب المغربي» من خلال كتاب «النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب» للباحث عز الدين المعتصم ، التي نظمها «الراصد الوطني للنشر والقراءة» في إطار أنشطة المعرض الوطني السادس للإبداع والكتاب، وهي ندوة تندرج ضمن الانفتاح على مختلف الظواهر التي يحبل بها الأدب المغربي، خاصة وأن الدراسات التي تناولت ظاهرة التصوف في الشعر الملحون نادرة وفي حاجة إلى الكثير من البحث والتنقيب من أجل تسليط الضوء على قضاياه وما يختزنه من درر إبداعية. وقد عرفت الندوة -التي أدار فقراتها الباحث فريد امعضشو- مشاركة الباحث هشام بن الهاشمي بورقة استهلها بالحديث عن اهتمام النقد الأدبي بالشعر المعياري اهتماما بالغا، وعدم الالتفات إلى الشعر الملحون لسبر ما يختزنه من قضايا. وهنا تحديدا تكمن أهمية الكتاب المحتفى به. وهي دراسة تشمل ثلاثة فصول تتعالق في ما بينها لتؤكد على جمالية شعر الملحون الصوفي وأهمية القضايا التي يتضمنها، حيث وقف الكاتب في الفصل الأول عند الشحنة الدلالة للتصوف بوصفه بحثا عن التطهر والنقاء الروحي بعيدا عن ماديات الحياة وملذاتها، مشيرا إلى مراحل التصوف: مرحلة الزهد والتصوف السني والتصوف الفلسفي والتصوف الطرقي، معتبرا أن هناك تلازما بين الشعر والتصوف فكلاهما يهدف إلى البحث عن عالم أكثر جمالا. كما تطرق في ورقته إلى الفصل الثاني الذي جنح فيه الكاتب إلى إبراز مدى التحقق الجمالي في هذا النوع من التعبير الشفهي. وتحدث الباحث عن الفصل الثالث الذي وقف فيه الكاتب وقفة متأنية عند تجليات النزعة الصوفية في الشعر الملحون، من قبيل الحب الإلهي والخمرة الصوفية وتمثلات الطبيعة والمدح، وحضور الغزل وشعر الخمرة، معتبرا أن المرأة تحضر بمفاتنها ظاهريا فقط أما باطنيا فهي ترمز إلى الجمال الإلهي الخالد، وكذلك شعر الخمرة فهو يرمز إلى شدة الوجد والانتشاء الروحي للمتصوف في علاقته بربه. وفي السياق نفسه، تحدث الباحث محمد أحمد أنقار في ورقته عن دفاع الكاتب عن قضية حدود النزعة الصوفية وتجلياتها الجمالية والتداولية في الشعر الملحون وهي قضية نقدية يشوبها الكثير من الالتباس، بدليل الجمع بين خطابين هما التصوف والملحون، ويشير الكتاب في هذا الصدد –حسب الباحث- إلى أن الخطاب الصوفي شديد الصلة بالشعر عامة، وبالملحون خاصة. فالشاعر الصوفي يصبو إلى نوع من التسامي في التعبير عن المشاعر وعن الأحاسيس، وفي التعبير عن رؤيته للعالم وللإنسان وللواقع؛ ما يعنى أن شاعر الملحون غير مفصول عن واقعه فهو في تصويره للذات ولآلامها إنما يصور الوجدان الشعبي ويتخذ في ذلك لغة قريبة من الحياة اليومية تتحرر من القيود ومن المواضعات. وفي الآن نفسه تختزن طاقات من التخييل ومن الإيحاء، كما ركز في ورقته على أن النزعة الصوفية في الشعر الملحون المغربي لا تقف عند حدود التعبير عما هو ديني من موضوعات ألفناها في شعر التصوف من حب إلهي وأشعار المديح النبوي والخمرة الصوفية والزهد والتوسل والاستغاتة وغيرها، بل نجد أن التصوف في الشعر الملحون يمتد إلى المزج بين التجربة الذاتية للشاعر وبين تجربة الواقع. .