هكذا ، إذن، «تفجر» موجة البرد بجبال الأطلس مجموعة من الإشكاليات التي ظلت مغيبة لحد الآن في كل البرامج المقررة لسكان المناطق الجبلية؛ فمن انعدام التجهيزات الأساسية، خاصة الطبية منها بمجموعة من المراكز القروية لمواجهة مثل هذه الحالات، إلى التلاعبات بحطب التدفئة، إلى المطالبة بإعادة النظر في تصنيف هذه المناطق في التعويضات على مستوى الوظيفة العمومية. هكذا يعيش سكان المناطق الجبلية على إيقاع الخوف من تداعيات موجة البرد والجليد المنتشرة بهذه المناطق هذه الأيام، هكذا إذن يجد مجموعة من السكان أنفسهم، وأمام ارتفاع ثمن حطب التدفئة بهذه الأقاليم، وتحكم مافيات الحطب في الأسعار التي ارتفعت بشكل قياسي، يتوجهون إلى الغابات المجاورة لحطب الأشجار، الأمر الذي يعرضهم للمواجهة مع حراس الغابة ولمتابعات قضائية. كل شيء يجب أن يتوقف هنا إلى حين مرور فصل الشتاء، فعلى الرجال برمجة المعاشرة الزوجية وفق برنامج يؤخر الإنجاب إلى مابعد الأشهر الثلاثة (نونبر، دجنبر ويناير) فالويل كل الويل لمن استلذ دفء الفراش في غير المواقيت المعلومة وتسبب في إدراك زوجته الوضع خلال هذه الفترة من السنة ، فقد تكون العواقب وخيمة ، وهناك حكايات عديدة في هذا الشأن. موجة البرد القارس تشكل عاملا مؤرقا للأسر المغربية بالقرى والمناطق الجبلية، والتي قد يصل الأمر خلالها إلى حدوث وفيات بين الأطفال وكبار السن لغياب وسائل التدفئة واللباس الشتوي، والافتقار إلى الامكانيات المادية للتداوي، والاكتفاء بالوصفات التقليدية لمعالجة نزلات البرد. إنها موجة البرد القارس التي تقابَل ببرودة «رسمية» في فك العزلة عن سكان المناطق الجبلية بالرغم من المبادرات المحمودة المسجلة هذه السنة والتي توجت بإقامة مستشفيات ميدانية بكل من أزيلال وتنغير، حيث فوجئت الطواقم الطبية بالأعداد الكبيرة للمواطنين المرضى الذين زاروا المستشفى، الأمر الذي يؤكد معاناة هؤلاء في صمت. فإذا كان مناخ هذه المناطق معروفا بكثرة التساقطات الثلجية خلال فصل الشتاء بالنظر للطابع الجبلي لها، فإن الواقع كان يفرض أن يتعامل المسؤولون بكثير من الاهتمام مع مشكل البنيات التحتية والخدمات الطبية بالإضافة إلى التجهيزات الخاصة بالتدفئة، ليس فقط بالمؤسسات العمومية والتعليمية، بل أيضا بالمنازل والإقامات عبر تخفيضات في أسعار استهلاك الطاقة . هكذا إذن تزيد برودة الأداء «الرسمي» في التعامل مع إشكالية التدفئة من معاناة السكان في هذه المناطق مادام البعض يعتبر هذه المعاناة مجرد مادة إعلامية لتسويق صورة ما لينسى حجم هذه المعاناة مع حلول فصل الربيع.