يبدو أن التوتر السائد في العلاقات المغربية الفرنسية منذ شهور، يرخي بظلاله على مستويات أخرى في التعاون مابين البلدين، بل يذهب إلى أكثر من ذلك, حيث يؤثر على مجالات حيوية بانعكاس سلبي يمكن أن يزيد في تشنج العلاقات الإستراتيجية ما بين فرنسا والمغرب برمتها. فعلى المستوى الإعلامي لم تتأخر سلطات الرباط في الرد على القناة الفرنسية فرنس24 التي واكبت على استضافة شخصيات معادية للقضايا المغربية، وٍآخرها استضافة الملاكم المغربي زكريا المومني ذو الجنسية الفرنسية في البلاتو، حيث أوقفت فريقا لهذه القناة يوم الجمعة الماضي بدعوى أنه كان يصور برنامجا مع فعاليات مغربية بأحد الفيلات بطريقة سرية ودون الحصول على ترخيص. وهذا فيه إشارة واضحة للقناة على أن المغرب غير راض على طريقة تناول القضايا المغربية الفرنسية. وتجدر الإشارة إلى أن زكريا المومني الملاكم المغربي ذو الجنسية الفرنسية المثير للجدل ما هو إلا الشخص الذي اتهم المخابرات المغربية بتعذيبه، حيث كانت قضيته وراء الاستدعاء الذي توصل به عبد اللطيف الحموشي، مدير المخابرات، أثناء زيارته إلى باريس، وهي الواقعة التي سارت كالنار في الهشيم وألهبت فتيل الأزمة بين البلدين منذ أكثر من سنة. وبالرجوع الى بلاغ الملحق الإعلامي للقناة الفرنسية حول هذا الحادث، نجده قد أكد، أن طاقم تصوير برنامجها الأسبوعي "حديث العواصم"، اعتاد تصوير حلقاته في المغرب بدون ترخيص منذ أكثر من سنة، معبرة عن أسفها للحادث الذي وقع يوم الجمعة الماضي أثناء تصوير حلقة هذا الأسبوع التي"كانت مبرمجة من المغرب كما هو الأمر كل شهرين منذ أكثر من عام". وهذا يبرز على أن سلطات الرباط طبقت القانون في الوقت الذي ارتأت فيه أن تطبق فيه القانون، حيث جاء في بيان لولاية الرباطسلا زمور زعير، قالت فيه أن السلطات ضبطت "طاقما صحفيا تابعا لقناة فرانس 24وهو يقوم بتصوير برنامج بطريقة سرية بإحدى الفيلات بالرباط، تستغل كدار للضيافة، بدون الحصول على رخصة وبدون التوفر على بطائق الاعتماد الصحفية". وأضاف نفس المصدر أن "الطاقم الصحفي السالف الذكر رفض تقديم أي وثيقة تثبت هويته أو أي رخصة تسمح بإنجاز البرنامج المذكور (...) كما أن ضيوف اللقاء رفضوا مغادرة الفيلا المذكورة إلا بعد معالجة المشكل مع الطاقم الصحفي". لكن قناة فرنس 24 تأسفت لهذا الحادث وشددت في نفس البلاغ أن كل الحلقات السابقة سجلت في ظروف جيدة من دون أية إجراءات إدارية . مضيفة أنه "لأول مرة طلبت سلطات الأمن المغربية ترخيصا للتصوير عند نهاية تسجيل حلقة البرنامج. وفي ظل غياب هذه الوثيقة صودر شريط التصوير وتمكن الصحافي من مغادرة المكان". وفي السياق ذاته, أكد جمال بودومة، رئيس التحرير في فرانس24 العربية ومقدم البرنامج، في تصريح لفرانس برس أن "ممثلي وزارة الداخلية احتجزونا في المكان الذي كنا نقوم فيه بالتصوير، ولم يطلقوا سراحنا حتى سلمناهم تسجيلات البرنامج". الا أنه أوضح بيان الولاية أن "الطاقم الصحفي السالف الذكر رفض تقديم أي وثيقة تثبت هويته أو أي رخصة تسمح بإنجاز البرنامج المذكور (...) كما أن ضيوف اللقاء رفضوا مغادرة الفيلا المذكورة إلا بعد معالجة المشكل مع الطاقم الصحفي". وأوضح بودومة لفرانس برس أن موضوع الحلقة كان يدور "حول السخرية في الإعلام عقب الأحداث الأخيرة التي عرفتها فرنسا، وتمت استضافة كل من الفنان المغربي الساخر بزيز، ورسام الكاريكاتير خالد كدار، والصحافية سناء العاجي". من جانبه قال مارك صيكالي, المسؤول عن قناة فرانس24 بلغاتها الثلاث في تصريح لفرانس برس "أنا لا أعرف ولا أفهم لماذا حصل هذا، وهذه هي المرة الأولى على حد علمي التي نواجه مثل هذه المشكلة"، مضيفا "أعتقد أن الأمر سيحل بسرعة ولا أشك لحظة واحدة في أن تعيد السلطات التسجيلات للفريق العامل". وعما إذا كان الأمر يرتبط بالأزمة الدبلوماسية بين الرباطوباريس أوضح مارك صيكالي "نحن لسنا على الإطلاق ضمن هذه اللعبة الدبلوماسية، ولسنا ناطقين باسم أي أحد. نحن مجرد تلفزيون"، مضيفا "أعلم أن العلاقات ليست جيدة جدا منذ بعض الوقت، لكن نحن محطة تلفزيونية مستقلة، وهدفنا نقل الخبر، وليس ممارسة العمل الدبلوماسي".