سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد نجاة يوسف من الموت واستهداف سارة من طرف طليقها : الدكتور الحسن التازي يطلق نداء لمواجهة «التشرميل» ويدعو إلى مناظرة وطنية : سمية نعمان جسوس: استهداف الوجه هو تجسيد لكراهية منسوبها جدّ مرتفع
أطلق الدكتور الحسن التازي، الخبير في جراحة التجميل والسمنة، حملة من أجل المساهمة الجماعية في مواجهة موجة «التشرميل»، والوقوف ضد الاعتداءات بالسلاح الأبيض التي تطال الضحايا من الجنسين ومن مختلف الأعمار، التي تكون إما بغرض السرقة أو الانتقام لدواعي مختلفة. وأوضح الخبير المغربي أن استعمال السلاح الأبيض في الاعتداء على الغير يعرف مدّا تصاعديا، مشيرا إلى أنه يتعامل مع العديد من الحالات بشكل يومي، التي يأتي أصحابها ليس فقط من الدارالبيضاء وإنما من مدن مختلفة، مؤكدا أن تشويه الوجه بات فعلا هيّنا عند البعض، بالرغم من خطورة الخطوة التي كادت في مرات عديدة أن تتسبب في وفاة الضحايا، كما هو الحال بالنسبة لحالة يوسف الذي تعرض للاعتداء بمنطقة مولاي رشيد والذي تم تشويه وجهه بهدف السرقة، وهي الحالة التي خلفت ردود فعل غاضبة واستياء عارما، وتكفل على إثرها الدكتور التازي بعلاج الضحية، إلى جانب حالة ثانية، ويتعلّق الأمر بسارة التي استدفت في خدّيها معا ويدها من طرف طليقها. الدكتور التازي أوضح، في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي»، أن العمق النفسي للضربات بالسلاح الأبيض هو أكثر وقعا وأكبر شرخا من حجمها العضوي، مشددا على أن الأطباء لايمكنهم حماية الناس في الشارع العام، وبأن دورهم يكمن في التدخل الطبي للتعامل مع الندبة التي تم التسبب فيها والتشوّه الذي خلّفته، مؤكدا أن الطبيب لايمكنه أن يعالج الإصابة علاجا كليا وأن يمحي أثرها بالمطلق، لأنه بالاعتماد على الوسائل والتقنيات العلمية التي يتوفر عليها والمعترف بها عالميا يعمل على تحسين مظهر الندبة وتقليص درجات تشوهها. وأضاف الدكتور الحسن التازي، أن أعداد الضحايا خارج دائرة الضوء هو كبير جدا، فهناك من المصابين في اعتداءات بالسلاح الأبيض من كانوا أزواجا وتطلقوا، ومن كانوا تلاميذ وطلبة وغادروا أقسام الدراسة، ومن كانوا يشتغلون وأصبحوا عاطلين، ومنهم من الذي تم رفض ولوجه الوظيفة العمومية في سلك من الأسلاك بسبب تشوه وجهه، مما يعني حرمانا على مستويين اثنين، ظلم نتيجة للاعتداء وظلم في الإحساس بتبعاته . ودعا الخبير المغربي في مجال جراحة التجميل والسمنة الفنانين وكل الفاعلين إلى الانخراط في حملة لمواجهة «التشرميل» وتوظيف كل الوسائل الممكنة من أجل التحسيس والتوعية بخطورة الآفة، مؤكدا أن هذا الموضوع يجب أن يكون محور مناظرة تضم كافة المعنيين والمسؤولين، حتى تتم مراجعة آليات العمل المعتمدة في التعاطي مع الظاهرة التي لم تتوقف بل تزداد حدّتها تفاقما. من جهتها، نبّهت عالمة الاجتماع الأستاذة سمية نعمان جسوس، في تصريح سابق لها ل «الاتحاد الاشتراكي»، إلى أن العنف بشكل عام يحضر بكثرة في المدن، خاصة منها الكبرى، وفقا لرؤيتها، مبرزة أن طبيعة التربية التي يتلقاها عدد كبير من الأطفال في الأسرة، تقوم على العنف، اللفظي منه والجسدي، مؤكدة أن الطفل في حالات كثيرة يكون عرضة للإهانة، بالنظر إلى أن البيداغوجيا السلطوية هي مبنية على العنف، ونفس الأمر يعيشه الطفل مرة أخرى في المدرسة، في الوقت الذي يرى البعض في العنف شكلا «تربويا»، ويؤسس له بجملة من الأقوال كما هو الحال بالنسبة ل «العصا خارجة من الجنة»، ولايعرف أيّ منا من أين تم الإتيان بكلام من هذا القبيل وما هو مصدره. وأكدت الاختصاصية في علم الاجتماع، أن امتهان كرامة الطفل وتعنيفه سيؤديان لامحالة إلى أن يسلك نفس السلوك لاحقا فتصبح تصرفاته عنيفة، لأن ذلك هو نتاج لنوع من الكبت في النظام التعليمي المدرسي والتربوي في البيت، وعندما يشبّ الشخص ويحسّ بقوة جسمانية، يفقد كل قدرة على التواصل وفقا لسلوك مدني سليم، فيعتمد العنف في تواصله مع غيره. الأستاذة سمية جسوس، أوضحت أن استهداف الوجه الذي هو واجهة الإنسان، والاعتداء عليه بالضرب بواسطة آلة حادة، هو تجسيد لكراهية منسوبها جدّ مرتفع، بالنظر إلى أن الوجه هو عنوان على قيمة الإنسان وانعكاس للروح، والمسّ به استهداف لهذه القيمة وتصريف لحقد دفين عبر ترك آثار الاعتداء ومخلّفاته. وأوضحت الأستاذة جسوس، أنها كانت قد اشتغلت في وقت سابق مع القاصرين المغاربة المتواجدين في إيطاليا الذين كان يتم استقدامهم من إحدى المناطق المغربية لاستغلالهم في بيع الحشيش، الذين إذا أقدم أحدهم على التصرّف في المال بشكل فردي يتم تنبيهه، وإذا أعاد الكرّة كان يتم استهداف وجهه بضربة بواسطة السلاح الأبيض، وهو ماكان يُطلق عليه ب «كينيكو ليه»، وأضافت عالمة الاجتماع قائلة «كنت أشاهد مراهقين وشبابا والندوب على خدودهم، وكنت أسأل عن سبب ذلك فكان رفاقهم يجيبونني «راه منيّك هذاك»، وهي خطوة لترسيخ العقوبة وضمان ديمومتها من أجل استحضارها في كل وقت وحين»، واختتمت تصريحها بالتأكيد على أن استهداف وجه الإنسان هو استهداف لأعز مايملك، والقيام بذلك تأكيد لحقد عارم. الجزاء القانوني لاستهداف الوجه هو نفسه إذا ما تم استهداف أي جزء آخر من الجسم، يؤكد محام بهيئة الدارالبيضاء، الذي أشار في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي» أن العبرة عند المشرع تمكن في أن كل اعتداء تمّ على شخص يعتبر جريمة يعرض صاحبه للمساءلة والعقاب، كيفما كانت نوعية الاعتداء، مبرزا أنه بالمقابل يكون هناك نوع من الاجتهاد على مستوى التعويض المدني بالنظر لنوع الضرر الذي طال الوجه، في مجتمع يحاكم الناس بحسب النظرة إلى الوجوه. وأوضح المتحدث أن المشرع لم يخصص تفريدا بتحديد فصل معين يخص الاعتداء على الوجه ويرتب له جزءا معينا مختلفا عن أعضاء أخرى، مؤكدا أن الاعتداء هو جريمة يعاقب عليها القانون، بناء على الفصل 400 والفصل 401 من القانون الجنائي، باختلاف أشكال العنف الممارس، لأنه لاحق لشخص في الاعتداء على غيره بشكل عام، بأية وسيلة وأداة كانت، إلا أن مسألة التعويض المدني يكون فيها اجتهاد لأن الضرر البارز على مستوى الوجه ليس هو الضرر الخفي في جزء آخر من أجزاء الجسم.