خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى السادسة والستين لثورة الملك والشعب، رد بالنقط المحددة على الأسئلة العالقة، وقدم بداية الحلول التي يجب أن يشتغل عليها المعنيون بها، كل حسب دوره الدستوري المحدد بشكل واضح لا يقبل لبسا إلا لدى من يريدون إدامة اللبس لعدم الاشتغال. خطاب منسجم ومكمل لخطب جلالة الملك محمد السادس في الآونة الأخيرة، خطب تتميز بسمات جديدة لم يألفها المواطن من قبل ولم يتعود عليها ذوو المناصب والمحتكرون للثروة والسلطة … خطب متجددة وحداثية تتماشى وروح العصر، بل وتحمل في طياتها حمولات سياسية واقتصادية واجتماعية بلغة سلسة واضحة يفهمها ويتذوقها الجميع. إن خطب جلالة الملك محمد السادس متميزة شكلا ومضمونا، وتشكل خارطة طريق لإخراج المغرب من كل الاختلالات السياسية والتنموية والاقتصادية والمجالية، لكنها في حاجة، ليس لمن يشيد بها، بل لمن يلتزم بها وينزلها إلى أرض الواقع. خطب متماسكة ومنسجمة، تحكمها وحدة الهدف ووحدة الرؤية… خطب مؤسسة على ثوابت مبدئية ورؤية واعية واستراتيجية… خطب حية متجددة يحكمها ناظم مشترك، تنمية المغرب وخدمة المواطن… خطب واعية وهادفة، خطب عقلانية لا تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي …. خطب الحقيقة، واضحة شكلا ومضمونا، لغة وفكرا، منهجية ورؤية…. يقول جلالة الملك في خطاب العرش 29 يوليوز 2019 «نحن نريد سماع الحقيقة كاملة عما يجري في بلادنا وإن كانت قاسية ومؤلمة». يقولها ملك البلاد بكل الوضوح الممكن، يقولها ويكررها لمن يريد أن يفهمه، لا لمن يريد فقط الإنصات لجلالته. خطب صريحة وصارمة، خطب نقدية، جريئة وشجاعة… خطب قطعت مع لغة الخشب ولغة « العام زين»… يقول جلالة الملك في ثورة الملك والشعب، 20 غشت 2019 «لا ينبغي أن نخجل من نقط الضعف، ومن الأخطاء، التي شابت مسارنا، وإنما يجب أن نستفيد منها وأن نتخذها دروسا لتقويم الاختلالات، وتصحيح المسار.» وإذا كان الأمر هكذا، وإذا كانت الأخطاء ليست شرا، فإن الشر كل الشر، هو ألا نستفيد من هذه الأخطاء وإلا نتخذها دروسا لتصحيح المسار، فقد «بلغنا مرحلة لا تقبل التردد أو الأخطاء، ويجب أن نصل فيها إلى الحلول للمشاكل، التي تعيق التنمية ببلادنا». إن المرحلة المقبلة، إذن، لا تحتمل التردد أو الأخطاء ، مما يعني أننا ندفع اليوم ثمن أخطاء وترددات مسؤولين كثيرين في مختلف المواقع، وأن هذه الطريقة في العمل وصلت إلى نهاية صلاحيتها ويجب تغييرها بالنجاعة والمسؤولية، أي ترتيب الأثر القانوني لكل إخلال بالواجب، وهذا هو العقد الاجتماعي الجديد الذي يطرحه الملك . وعلى المسؤولين الذين يقولون لنا دائما إن المصلحة العامة تهمهم أكثر من الخاصة أن يؤكدوا لنا هذه المرة بالملموس، بالفعل لا بالكلام، أنهم مقتنعون بهذا الشعار الذي يرددونه، وأن يحاولوا تدوير العجلة، وإخلاء المكان، والبحث عمن يستطيعون الحديث مع مغرب2019 لا بلغة 2019 بل بلغة 2030 و 2050 و… إن المسألة تهم مستقبل وطن بأكمله، المستقبل الذي ينادينا، والذي يطرح على كل واحد منا السؤال، أي بلد سنتركه للأبناء والأحفاد بعدنا ؟ وإن النموذج التنموي الذي ستنكب عليه اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي هو موضوع مصيري، أي أنه مشروع لا يحتمل الفشل، فالأمر يستدعي حلولا مصيرية، مستعجلة وجادة… يقول جلالة الملك في خطاب ثورة الملك والشعب: « لقد حرصنا على جعل المواطن المغربي في صلب عملية التنمية، والغاية الأساسية منها . واعتمدنا دائما مقاربة تشاركية وإدماجية، في معالجة القضايا الكبرى للبلاد، تنخرط فيها جميع القوى الحية للأمة. « …» وإننا نتطلع أن يشكل النموذج التنموي، في صيغته الجديدة، قاعدة صلبة، لانبثاق عقد اجتماعي جديد، ينخرط فيه الجميع: الدولة ومؤسساتها، والقوى الحية للأمة، من قطاع خاص، وهيئات سياسية ونقابية، ومنظمات جمعوية، وعموم المواطنين . كما نريده أن يكون عماد المرحلة الجديدة، التي حددنا معالمها في خطاب العرش الأخير، مرحلة المسؤولية والإقلاع الشامل .» جاء في خطاب العرش الأخير « إن المغرب ملك لجميع المغاربة، وهو بيتنا المشترك. وعلينا جميعا، كل من موقعه، أن نساهم في بنائه وتنميته، وأن نحافظ على وحدته وأمنه واستقراره .»