لم يكن الشاب عبد الجبار عزاوي يتصور أن ليلة 31 دجنبر من سنة 2008 ستكون أخر ليلة في حياته ، كان الموت قريب منه يتربص به و هو يشق طريقه نحو محطة البنزين حيث كان يشتغل قيد حياته ، الجميع في مدينة عين بني مطهر يعرفه ، كان إنسانا عاديا مسالما تتوسط محياه ابتسامة بريئة ، من أسرة بسيطة ألفت العيش بأمن و سلام، انتظرته والدته كما كل الأمهات تنتظر فلذات أكبادها بعد يوم من العناء و التعب و الشقاء ، مرت الساعات سريعا و عبد الجبار لم يعد بعد ، لحظات من الترقب تسرب خلالها الخوف إلى قلب الأم المسكينة و بدأ القلق ينتابها ، فليس من عادة ابنها التأخر لكل هذا الوقت ، تحكي بألم كبير و جرح لا زال ينزف بغصة و الدموع تنهمر من عينيها ، استيقظت مفزوعة على طرقات متتالية على باب منزلها المتواضع الكائن بحي الفيضان واحد من أقدم أحياء المدينة ليأتيها الخبر اليقين و الذي لم تكن تنتظره و لا كان يدور في خلدها ، لقد وجد عبد الجبار جثة هامدة مرمي على الطريق الوطنية رقم 17 الرابطة بين عين بني مطهر و مدينة وجدة ، نزل الخبر كالصاعقة على العائلة التي كانت تمني النفس برجوع معيلها الوحيد بسلام لكن القدر كان أكبر منها و من كل معارف و أصدقاء الضحية ، انتشر الخبر و شاع بين أبناء المدينة و انطلقت معه التأويلات و القراءات خاصة بعد أن تبين أن الأمر يتعلق بجريمة قتل و ليس بحادث عرضي كما قيل مع أول اكتشاف للجثة، المصالح الأمنية و فور تلقيها نبأ العثور على جثة بقارعة الطريق الوطنية استنفرت عناصرها ، انتقلت إلى مسرح الجريمة حيث ثم العثور على عبد الجبار عزاوي الشاب ذي الثلاثين من العمر جثة هامدة مدرجا في دمائه ، في البداية ضن الجميع أن الأمر يتعلق بحادثة سير ، سيارة أو شاحنة قد تكون دهست الضحية في جنح الظلام و لاذت بالفرار ، لكن سرعان ما تم حسم الأمر بعد المعاينة الأولية تأكد أن رصاصة اخترقت رأس الضحية أنهت حياة مواطن بريء. بدأت عملية جمع الأدلة التي قد تساعد على فك لغز هذه الجريمة التي اهتزت لها المدينة و التي وقعت على بعد أمتار قليلة من محطة البنزين ، جريمة أعادت إلى أذهان الساكنة عددا من الجرائم التي عاشتها المدنية و إحدى الجماعات القروية و التي بقيت لغزا محيرا حتى الآن . بعد ليلة صاخبة حزينة استقبلنا معها عاما جديدا ، و في صبيحة اليوم الموالي بدأ العديد من أبناء المدينة بالتوافد على منزل الضحية و الصدمة و الحزن باديان على وجوه المعزين و بخاصة أب و أم القتيل اللذان لم يستفيقا من وقع الصدمة و الخبر الذي سقط عليهما كقطع ثلج باردة ، لم يصدقا أن ابنهما قتل بدم بارد و رمي رمية لا تبتغيها لحيوان فبالأحرى إنسان. انطلقت التحقيقات و في كل الاتجاهات في محاولة لكشف الجاني أو الجناة الذين قد تكون لهم علاقة بهذه الجريمة الشيء الأكيد و الذي أصبح معروفا للرأي العام المحلي أن الضحية و حوالي الساعة الحادية عشر ليلا استدعي إلى محطة البنزين من أجل غسل و تشحيم سيارة ذات الدفع الرباعي تعود إلى عناصر من دولة قطر ليعثر عليه جثة هامدة مما أجج معه التساؤلات التي بقيت رغم مرور أزيد من ستة سنوات على مقتل الضحية دون إجابات حتى اللحظة. دفن عبد الجبار عزاوي ودفنت معه حقيقة مقتله بعد أن عجزت السلطات الأمنية عن فك خيوط هذه الجريمة ، والد الضحية مازال يمني النفس بأن يوما ما سيتم الكشف عن حقيقة مقتل ابنه ، عشرات الرسائل و الملتمسات و الاستعطافات من أجل إعادة التحقيق في ظروف و ملابسات الجريمة بقيت دون إجابات على الرغم من تأكيدات والدي الضحية على أن قاتل ابنهما معروف فهل ستأخذ مطالب الوالدين بإعادة فتح ملف القضية و ترتيب خيوطها أم أنها ستسجل ضد مجهول و يطوى ملفها كما طويت ملفات متشابهة في انتظار عدالة السماء التي قد تكشف كل من قتل وأخفى حقيقة مقتل عبد الجبار عزاوي..