للبدايات سحرها الخاص ،تبقى دائما عالقة في الذاكرة والوجدان، مثل ظلنا القرين،لصيق بنا في الحل والترحال، مهما كانت الإخفاقات أو النجاحات فلن يستطيع الزمن طيها. البدايات كانت دائما صرخة اكتشف معها المرء لغز الحياة، وككل بداية أو أول خطوة تحضر الدهشة بكل ثقلها، نعيش تفاصيلها بإحساس مغاير تماما ،وهو الإحساس الذي يكتب له الخلود ،نسترجعه بكل تفاصيله وجزيئاته، كلما ضاقت بنا السبل أو ابتسم لنا الحظ وأهدانا لحظة فرح عابرة. البدايات في كل شيء، دائما هناك سحر غامض يشكل برزخا بين الواقع وماتتمناه النفس الأمارة بالحياة والمستقبل الأفضل. في هذه الزاوية نسترجع بدايات فنانين مغاربة عاشوا الدهشة في أول عمل فني لهم، واستطاعوا تخطي كل الصعوبات كل حسب ظروفه المحيطة به، ليبدع لنا عملا فنيا ويهدينا أغنية تشكل اليوم له مرجعا أساسيا في مسيرته الفنية ،وتشكل لنا لحظة بوح من خلال استرجاع عقارب الزمن إلى نقطة البدء، وتسليط الضوء على ماجرى.
الفن ليس عالما غريبا بالنسبة للفنانة فايزة أطلس، « لقد وجدت نفسي مهووسة حد الجنون بكل أحاسيسي ومشاعري بهذا المجال منذ طفولتي»، تقول الفنانة فايزة أطلس المقيمة بالديار الألمانية ، «رغم هذه الموهبة التي حباني بها الله سبحانه وتعالى، لم تسمح لي الظروف بأن أتفرغ لها من أجل الاحتراف لأسباب قاهرة»، وتشرح الفنانة المغربية فايزة أطلس الأمر قائلة، «لقد كنت مولعة بكرة القدم منذ الصغر، مما جعل العائلة ترعى هذه الموهبة، ووجدت نفسي منضمة إلى أحد الأندية الألمانية في سن العاشرة من عمري، وقد صقلت هذه الموهبة بالتداريب، مما أهلني لكي ألتحق بإحدى الفرق بالقسم الوطني الأول، وبالتالي أحترف كرة القدم النسوية، بعد ذلك انضممت إلى فريق المنتخب الوطني المغربي، باعتباره منتخب وطني الأصلي، وقد لعبنا ضد العديد من المنتخبات الوطنية لبلدان متعددة، لأعود مرة ثانية إلى ألمانيا بعد أن مكثت بالمغرب لمدة ثلاثة أعوام، لألتحق من جديد بإحدى الفرق الألمانية بالقسم الوطني الأول، وكان فريق المنتخب الألماني قد طلب مني الانضمام إليه سنة 2006 لكن الجامعة المغربية رفضت هذا الأمر» . هذا المسار الذي عشته في عالم كرة القدم، هو الذي جعلني لا أحترف الغناء، فلم يكن الوقت يسعفني أيضا ،ذلك أنني كنت أتدرب خمس مرات في الأسبوع بمعدل مرتين في اليوم مع إجراء المقابلة الرياضية الرسمية يوم الأحد، وحده يوم السبت كان يوم عطلتي، ورغم أنني، تقول فايزة أطلس، كنت أعزف على آلة الكمان بشكل احترافي طبعا، وعمري مازال صغيرا آنذاك ، إلا أنني لم ألج المجال الفني من بابه الواسع والرئيسي إلا في سنة 2012. لم تقتصر موهبتي، تضيف الفنانة فايزة، على العزف على «الكمنجة « فحسب، بل كنت أكتب كلمات أعمالي الفنية وألحنها كذلك، وأتذكر، تضيف، أن أول أغنية في مشواري الفني، كانت بعنوان «حياتي مرهونة بين يديك «وهي من كلماتي وألحاني وأدائي، وهي أغنية تعبر عن موضوع اجتماعي متعلق بالعلاقة بين الرجل والمرأة، وبعالم الحب وتداعياته، وقد لاقت تجاوبا كبيرا واستحسانا من طرف الجمهور، كما عرفت نجاحا منقطع النظير، جعلني أمضي في هذا الاتجاه بقوة وثبات وثقة نفس، وقد شجعني هذا التجاوب الإيجابي من طرف الجمهور وحفزني أكثر على الإبداع والإنتاج، وبفضل هذا النجاح، كان كلما التقاني أحد من جمهوري يناديني باسم هذه الأغنية «حياتي مرهونة بين يديك» الشيء الذي كان يفاجئني. ومادامت الكلمات كلماتي والألحان ألحاني، تقول فايزة أطلس، فإني لم أجد أي صعوبة تذكر في إخراج عملي الفني الأول إلى حيز الوجود، وقد قمت بتسجيل هذه الأغنية في بلدي الأم المغرب، بعدما سافرت إليه من ألمانيا خصيصا لذلك. وعن رد فعل العائلة، تجيب الفنانة فايزة أطلس، عائلتي كانت دائما سندا لي منذ أن كنت أحترف كرة القدم، ولم يسبق لها أن اعترضت على مساري الجديد لأن الثقة بيننا متبادلة، زيادة على أنها خبرتني في السابق حينما كنت أمارس لعبة كرة القدم، وما يتطلبه الأمر من سفريات إلى دول مختلفة، كما أنها والحمد لله منفتحة «وعارفة أش ربات «. وتضيف أن أحد الفنانين المغاربة المشهورين جدا طلب مني أن يعيد غناء هذه الأغنية، لكن ردي كان هو التريث شيئا ما إلى أن تستوفي الأغنية حقها من الانتشار بين الجمهور. وكشفت الفنانة فايزة أن عائلتها استمتعت بهذه الأغنية كما أعجبت بباقي الأغاني الأخرى، وتضيف، لكن مع ذلك، تبقى أغنية «حياتي مرهونة بين يديك:عزيزة على قلبي، لأنها تشكل بداية مشواري الفني، وفتحت لي المجال لأكتب الأغاني الخاصة بي، فلها طعمها الخاص، وهناك أربعة فنانين مغاربة معروفون غنوا من كلماتي وألحاني، من بينها أغنية مشهورة جدا . وما إذا كانت تفكر في التعامل مع مبدعين آخرين على مستوى الكلمات أو اللحن، تقول فايزة أطلس، مادمت قادرة على الكتابة والتلحين، فلماذا سألجأ إلى غيري، وفي هذا المضمار التقيت بكاتب كلمات معروف، وقد نصحني بأنني غير محتاجة إلى الاستعانة بأي أحد في هذا المجال، مادام هناك إقبال من طرف الجمهور على ما أقدمه له من إبداع، مثل أغنية «واش أنت صافا»، «باغي تجنني ودير فيا حالة «، والآن هناك 13أغنية في جعبتي، تقول اللاعبة الدولية سابقا والفنانة حاليا فايزة أطلس، سأقوم بتسجيلها في بلدي الأم المغرب بعد عودتي قريبا من الديار الألمانية.