«بوب ديلان»، موسيقي ومؤلف أغان، وليس روائيا أو شاعرا مرموقا ممن يمكن أن يحسبوا على الأدب على الأقل. ومع ذلك نال جائزة نوبل للآداب(2016)، ولكن، ما لا يعرف عن بوب ديلان، أنه ليس مجرد موسيقي ولا فنان، بل علامة ثقافية، ليس في بلاده الولاياتالمتحدة فحسب، بل في أوروبا وإفريقيا ودول شتى. وترجع تلك الأهمية التي استحق بها ديلان نوبل للأدب إلى ريادته، وثورته التي قادها في عالم الموسيقى عبر كلماته كشاعر، وعبر غنائه الذي حرك به الراكد في ذلك العصر من خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
كل شيء عرفته وتعلمته من بوب ديلان قبل أن يأتي «بوب ديلان»، كان هناك مشاهير الشعراء – العالم مغمور بمجموعات «سيلفيا بلاث» و»آن سيكستون». عرفوا ذكرياتهم، اعترافاتهم الخاصة، وشعورهم بالألم والمسكنات. نعم، كان «روبرت لويل» من المشاهير. أما بوب ديلان حينها فقد وضع مهنة الشاعر متوقفة عن العمل. اخترع المغني وكاتب الأغاني بشكل مفرد وعلى السواء. وأختلق نظام كفاءته وتوزيع إبداعه الخاص . عندما بدأت الكتابة، كنت أعلم بأنني في منافسة مع ما فعله بوب ديلان في اللغة، لأنه استبق العاطفة وأحتلها قبل غيره على الصفحة . جائزة نوبل؟ وماذا يعني؟ بوب ديلان حوّل الأدب. بسببه، الكتابة أصبحت أصعب. تعلمت من بوب ديلان أنه إذا كنت جيدة مع الكلمات، يمكنني ابتكار كل الحياة التي أريد. قوة الكتابة. الكتّاب الكبار عندما يخلقون العالم، مع مناظر المدينة والأحياء والشخصيات التي يختارونها.سأكون ملعوناً إن لم أصبح الشخص الذي يتقدم باستمرار، تحفة بوب ديلان أنه هو «نفسه»، ذاته وتأثيره في كل ما قدمه من عمل وداخل كل فرد تأثر به. ديلان الذي جعل من المريح والطبيعي أن تكون يهودياً ، ومن الصعب أن تكون أمريكياً. هناك بوب ديلان العابر السبيل والمتجول بسيجارته، هنالك بوب ديلان بغيتاره الكهربائي، هناك بوب ديلان الذي يدعونه الجمهور «يهوذا» ديلان المولود باسمه الحقيقي «روبرت زيمرمان» في ولاية مينيسوتا في 1941. «بوب ديلان» هذا الاسم المستعار والذي سيصبح أعظم عمل أدبي على الإطلاق. تعلمت الجمال من خلال الاستماع إلى بوب ديلان : «أنت ملاك أنت / أنت بخير كما يمكن ينبغي أن يكون الخير/ بطريقة خطواتك بطريقة حديثك/ هذه الطريقة التي يجب أن تكون.» تعلمت منه كيف أعبر خلال مرض السرطان بالاستماع له : «مساري الذي تقوده قوارب الارتباك/ تمرد من الشدة حتى الانحناء/ آه، ولكني كنت أكبر في السن هناك/ثم أنا أصغر سناً من ذلك الآن.» تعلمت كيف أكون في سن المراهقة وأنا أستمع: «إنها ترتدي خاتمها المصري/ خاتم يضيئ ويبرق قبل أن تتحدث/ انها المنومة المغناطيسية/ وأنتَ بخطواتك العتيقة.» تعلمت كيفية التداوي من حسرة القلب وهو يقول: «سأغادر من ذهني/ مع ألمي الذي يتوقف ويبدأ/ مثل المفتاح إلى قلبي.» تعلمت كيف أجادل من خلاله عندما أسمعه: «أنت ينتابك التوتر لتقول انك صديقي/ عندما كنت في الحضيض كنت واقفاً هناك تبتسم/ أنت ينتابك التوتر لتعترف أن يد من العون امتدت لك/ أنت فقط تريد أن تكون على الجانب الآخر الذي هو الفوز «. تعلمت كيف أكون وحيدة من خلال الاستماع له: «أنا لا أقول لك أنك عاملتني بقسوة/ يمكنك أن تنتهي بشكل أفضل ولكن لا يهم/ أنت فقط تضيع وقتي الثمين/ ولكن لا تكرر وتراجع تفكيرك مرتين، كل شيء على ما يرام.» تعلمت كيف أشعر أنني زوجة: «لقد جعلتني لينة، لقد صنعتني من جديد/ جعلتني أضحك في منتصف طريقي لكعب قدمي / هل يمكنك أن تخبرني إذ أنا حقاً حقيقية؟» تعلمت كيف أكون مستحيلاً من خلال الاستماع له: «ألقي نظرة للخارج أيها الطفل/ أنه شيء قد فعلته/ الله وحده يعلم متى/ ولكنك ستفعله" مرةً أخرى. « تعلمت منه كيف أخسر: «لقد بدأت خارجاً خارجاً من «بورجوندي»/ الجميع قالوا أنهم يقفون ورائي/ عندما أصبحت اللعبة أكثر خشونة/ ولكني ما زلت أحتفظ مزحتي/سأعود عائداً إلى نيويورك/ أعتقد أني قد تعبت بما فيه الكفاية «. تعلمت ما هو الإلحاح من خلال الاستماع إلى بوب ديلان: «قد تكون يديك دائما مشغولة/ قد تكون قدميك دائما رشيقة/ قد يكون لديك قوام قوي/ عندما ترحل رياح التغيرات.» تعلمت كيف أكتب من خلال الاستماع إلى بوب ديلان. أردت أن أفعل بالكلمات ما فعله هو مع صوته، نعم، هو نافخ آلة ال «شوفار»shofar اليهودية المستخدمة لطقوس التكفير، ولكنه أيضاً ملحن عظيم. مثل من يغني الروايات. في جميع أنحاء العالم يتعلم الناس التحدث باللغة الإنجليزية من خلال الاستماع إلى بوب ديلان. الجميع يحب بوب ديلان. الجميع يعرف أن الجواب في نفخة الريح. الجميع يعلم أنك لا تحتاج إلى رجل الطقس لمعرفة الطريقة التي تهب بها الرياح. بوب ديلان هو الأرصاد الجوية الخاصة بنا جميعاً. هل كان يتوقعها أم أنه اخترعها؟ بوب ديلان هو مؤلف العالم الذي نعيش فيه. (*) صحافية وكاتبة مذكرات أمريكية