سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المهنيون دعوا الصندوق إلى مراجعة التعريفة المرجعية لتخفيف ثقل المصاريف على المنخرطين وتمكينهم من الحق في العلاج : مذكرة ل «كنوبس» حول الولادات القيصرية تشكّك في نزاهة الأطباء وتعمّم الغضب
أثارت مذكرة للمدير العام للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي «كنوبس»، بخصوص التعويضات عن مصاريف إجراء عمليات الولادة القيصرية، موجة غضب عارمة في أوساط مهنيي الصحة، بالنظر للحمولة اللغوية ولما تم وصفه بالمغالطات التي تضمنتها، فضلا عن التشهير بأطباء النساء والولادة بشكل خاص، والأطباء عموما. مذكرة تلاها بلاغ صحفي، يختلف في لغته وصياغته عن الأولى، أكد من خلاله «كنوبس» أن الصندوق قد وقف على ارتفاع معدل اللجوء إلى العمليات القيصرية بالمغرب بشكل غير طبيعي، وفقا لتعبيره، مبرزا أنه في سنة 2017 بلغ عدد حالات الولادة التي سجلها الصندوق في صفوف المستفيدات من خدماته 30.583 حالة، من بينها 18.522 تمت عبر العملية القيصرية أي ما يمثل نسبة 61 في المئة، وأشار إلى أن هذه النسبة كانت مستقرة في 35 في المئة سنة 2006 وانتقلت سنة 2009 إلى 43 في المئة، مباشرة بعد مراجعة التعريفة الوطنية المرجعية لهذا العمل الطبي من 6000 إلى 8000 درهم، لتصل إلى 61 في المئة خلال سنة 2017. وأضاف بلاغ ل «كنوبس» أنه «يتجلى من معطيات الصندوق، أن القطاع الخاص استحوذ على نسبة 90 في المئة من حيث عدد الولادات وسجل معدلا مرتفعا في اللجوء إلى العملية القيصرية بلغ 66 في المئة، مقابل 25 في المئة فقط في القطاع العام»، موضحا «أن بعض مؤسسات الاستشفاء الخاصة بالدار البيضاء والرباط وفاس وأكادير والقنيطرة والجديدة تجاوزت فيها نسبة اللجوء إلى العملية القيصرية معدل 80 في المائة خلال سنة 2017». وشدّد «كنوبس» على أنه لن يتكفّل بمصاريف ما تم وصفه ب «عمليات الولادة القيصرية غير الضرورية»، ابتداء من فاتح ماي المقبل، معلنا عن اتخاذ تدابير جديدة من أجل تحمل مصاريفها عند الضرورة، بالاعتماد على تقارير طبية مفصلة تؤكد الضرورة التي حتّمت إجرائها، مؤكدا أن كل ولادة غير مبررة سيتم تعويضها على أنها ولادة طبيعية. من جهتهم أطباء القطاع الخاص، انتقدوا وبحدّة، من خلال تنسيقية تضم 5 مكونات نقابية ومهنية، مضمون المذكرة، ووجهت هي الأخرى رسالة إلى الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، تطالب بموقف واضح إضافة إلى موقف صريح وزارة الصحة، من مذكرة «كنوبس»، التي أكّد الأطباء أنها تضمنت تغليطا للرأي العام وإساءة للمهنيين، واعتبروها تدخلا في اختصاص طبي صرف، بعد أن أراد مدير «كنوبس»، يقول الدكتور سعد أغومي، في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي» أن يتقمّص دور طبيب، محذرا من المسّ والطعن والتشكيك في النزاهة العلمية للأطباء، ومن العبث بأرواح الأمهات والأطفال، متسائلا كيف لطبيب أن يتعامل مع وضع استعجالي تطلب إجراء عملية قيصرية لإنقاذ امرأة حامل وجنينها، في ساعات متأخرة من الليل، وهو مطالب بانتظار ردّ من «كنوبس» إن كان الصندوق سيتحمل مصاريف الولادة القيصرية أو سيعوّض المعنيين بالأمر على أساس ولادة طبيعية، في الوقت الذي يمكن للحامل وجنينها أن يفارقا الحياة؟ وندّدت تنسيقية أطباء القطاع الخاص في المغرب، بالطريقة التي تمت بها صياغة مذكرة «كنوبس» التي وقّعها مديره العام، نظرا للحمولة اللغوية والتعبيرية التي تضمنتها، والتي جاءت مسيئة لأطباء النساء والتوليد، ومن خلالهم الأطباء بشكل عام، بالنظر للمصطلحات التي تم توظيفها، والتي تطعن في ذمة المهنيين وتشكك في نزاهتهم العلمية، وفقا لبلاغ للتنسيقية المشكلة من التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص، الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، التجمع النقابي الوطني للأطباء العامين بالقطاع الخاص، النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر والنقابة الوطنية للطب العام بالمغرب. وشددت التنسيقية على أن الأطباء يرفضون رفضا باتا أن يتقمص أي شخص أو جهة، كيفما كان نوعها، دور الطبيب، الذي يبقى بالنظر لتكوينه العلمي، النظري والتطبيقي، ومن خلال ممارسته اليومية وتجاربه التي راكمها، وبناء على التزاماته الأخلاقية التي أقسم على التحلي بها في ممارسته لمهنته وفي علاقة بمرضاه، الوحيد المخول له أخذ القرارات التي تصب في خدمة المريض، من أجل علاجه، وتمكّنه من تفادي التبعات الوخيمة التي قد يتعرض لها نتيجة لأي تدخل طبي كيفما كان نوعه. واستغربت التنسيقية من «أحكام القيمة التي أصدرها مدير الصندوق، ولتدخله في مهام مهنية، مؤطرة قانونيا، بعيدة كل البعد عنه، ولتوظيفه لمعطيات مخدومة، تحت مبررات واهية، لخدمة أجندته الخاصة، عوض أن تنخرط هذه المؤسسة في تطوير وتجويد المنظومة الصحية، من خلال مراجعة التعريفة المرجعية الوطنية، حتى تقلص من كلفة المصاريف العلاجية لمنخرطيها، التي تحدّ من ولوج الكثير من الأسر للعلاج، ويجد كثير من المنخرطين أنفسهم تحت ثقل وعبء أداء نسبة كبيرة من مصاريف العلاج التي تصل إلى حدود 54 % من جيبهم الخاص، في الوقت الذي يتوفر فيه الصندوق على فائض يقدر بملايير الدراهم، التي يحرم منها المنخرطون والمرضى، وفي الوقت الذي يجب فيه إدخال التقنيات والعلاجات الجديدة والمتطورة بما يحسنّ من صحة المنخرطين المرضى». واستنكرت تنسيقية أطباء القطاع الخاص «عدم انخراط المدير العام للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في ورش إصلاح وتجويد وتطوير المنظومة الصحية ببلادنا، الذي لم يفعّل إجراءات حقيقية لخدمة المنخرطين وأسرهم، وضمان حقهم في العلاج»، وخلافا لذلك، تقول التنسيقية « انبرى لاختلاق معركة هامشية مفتعلة، بهدف تشتيت الانتباه وتحويل مسار النقاش، وأقدم على قيادة حملة تشهير موجهة ضد الأطباء، وهو أمر مرفوض بتاتا، ولا يمكن السماح به والقبول به، والذي ستتخذ بشأنه تنسيقية أطباء القطاع الخاص كل التدابير الكفيلة بمواجهة سلوك من هذا القبيل، يتعمد منطق الشحن، وتبخيس عمل الطبيب المغربي، وضرب علاقة الثقة التي تجمعه بالمواطن المغربي». وحذّر أطباء القطاع الخاص من أن نسب وفيات الحوامل أثناء الولادة، ومعهم المواليد، أو ولادة أطفال بإعاقات مختلفة نتيجة لصعوبات أثناء الوضع، مع ما يعني ذلك من كلفة، مادية ومعنوية، جسدية ونفسية، هي معطيات لا يجب إغفالها والقفز عليها، وعدم استحضارها والانتباه إليها، عن سبق إصرار وترصد، نظرا لكلفتها الباهظة، ليس على الصندوق المذكور وماليته، وإنما على المجتمع برمّته، لان الأمر يتعلق بأجيال، هم نساء ورجال الغد، وهم مستقبل الوطن، الذين يجب على الجميع، كل من موقعه أن ينخرط لكي تُضمن لهم صحة جيدة، وأن تتم المحافظة على سلامتهم الجسدية والنفسية، عوض الانجرار إلى مستويات غير مشرّفة.