رئيس الحكومة يترأس الاجتماع الأول لمجلس إدارة الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي    الحكومة تشكل لجنة قيادة ولجان موضوعاتية لتفعيل قانون العقوبات البديلة    ارتفاع طفيف في أداء بورصة البيضاء    فيتو أميركي في مجلس الأمن على مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة    هذه تفاصيل اجتماع سلطات الدار البيضاء مع الرجاء والوداد بخصوص "ديربي" الذهاب والإياب    تلميذ يفارق الحياة في طنجة بعد تعرضه لطعن من زميل له    "حزب الله" يتوعد بقصف "وسط تل أبيب"    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الأربعاء    تفاصيل نجاة فنانة مصرية من الموت    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية    أخبار الساحة    ""البيجيدي" يدعو مجلس المنافسة للتحقيق في شبهة تواطؤات بسوق الدواجن والبيض    رئيس موريتانيا يهنئ الملك بعيد الاستقلال    شركة يابانية تختار طنجة لتشييد أول مصنع لها في إفريقيا    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا لمناقشة تفعيل قانون العقوبات البديلة    المداخيل الجبائية ترتفع في الجماعات    الخطوط والألوان في لوحة للفنان التشكيلي عبد الكريم بنطاطو    منظمة الصحة تصدر ترخيصا لأول لقاح لفيروس جدري القردة للأطفال    نادال مودعا ملاعب التنس: " أريد أن يتذكرني الناس أنني كنت شخصا طيبا قادما من قرية صغيرة قرب مايوركا"    طفلة تسائل الحكومة عن تسول الأطفال الذي يمس بسمعة المغرب قبل تنظيم المونديال    المغرب يطمح لدخول قائمة أفضل 15 وجهة سياحية عالمياً بحلول 2030    الجناح المغربي في مؤتمر (كوب 29): واجهة للتعريف بإنجازات المغرب في مجال المناخ        الفنان حسن الدالي بحصل على 5 نجمات في البرنامج الفني ستارلايت ويواصل التباري من اجل الدخول الى عالم أضواء النجوم        الشامي: 8.5 مليون مغربي ما زالوا خارج التغطية الصحية والقطاع الخاص يلتهم نفقات العلاج    تلاميذ مغاربة يحرزون 4 ميداليات في أولمبياد العربية في الراضيات    الجامعة تُهنئ نادي الجيش الملكي بعد التأهل لنهائي دوري أبطال أفريقيا للسيدات    سيناتور أمريكي يدعو لإنهاء تواطؤ بلاده في الإبادة الإسرائيلية بغزة    إلياس المالكي يعود إلى السجن..    "الهجرة السرية" تستنفر درك الجديدة    المجلس الاقتصادي: متوسط كلفة مريض في القطاع الخاص تفوف نظيره بالقطاع العام خمس مرات    حوادث تخلف 36 قتيلا في مدن المغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    أزروال يواصل تحفيز ودعم لاعبي المغرب التطواني للعودة من ديربي الشمال بانتصار    محاميان مغربيان يطالبان بإعتقال ومحاكمة نتنياهو بتهمة الإبادة الجماعية في غزة    السفارة المغربية ببلجيكا والقنصلية العامة بأنفيرس تنظمان حفل استقبال بمناسبة عيد الاستقلال    نقابة تعليمية تطالب بإسقاط الأحكام القضائية ضد أساتذة    زيلينسكي يحذر من أن بلاده "ستُهزم" إذا قطعت عنها واشنطن المساعدات العسكرية    إغلاق مئات المدارس بسبب التساقطات الثلجية القوية بالمملكة المتحدة    وقفة احتجاجية بالرباط للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة        المنتخب الوطني لمواليد 2000 فما فوق يتعادل مع المنتخب الإيفواري في بنجيرفيل    الطريق السريع تزنيت–الداخلة.. شريان تنمية جديد للصحراء المغربية أبهر العالم    بسبب "فضيحة" عقد 62 مليون سنوياً مع فندق.. حماة المال العام يطالبون النيابة العامة بالتحقيق مع الميراوي    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    أوكرانيا تستخدم صواريخ "أتاكمس" الأمريكية في ضرب الأراضي الروسية..    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    ليدي غاغا سحبت قبالة واحدة من أفضل عروض الوقت الحقيقي من أي وقت مضى    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال المراهنة على الشباب لتقوية الحياة السياسية بالمغرب؟

في البداية، أود أن أتقاسم مع القارئ الدوافع والاعتبارات التي جعلتني اختار هذا العنوان طارحا إشكالية تقابل فكرتين أعتبرهما قضيتين محوريتين في المشهد السياسي المغربي بالخصوصية الإقليمية والجهوية التي تميزه: مما لا شك فيه أن المجتمعات تتغير وتتحرك، وهذه الحقيقة أصبحت تاريخية لا يمكن نفيها أو التشكيك فيها خصوصا بعدما فندت فكرة نهاية التاريخ المزعومة (ممارسة السلطة على أساس فكرة أيديولوجية أو بدونها تولد دائما سلط مضادة). في هذا السياق، تعيش المجتمعات النامية تحولات معقدة تتغذى من تفاعلات وانفعالات واحتكاكات، منها الطبيعي ومنها المصطنع أو المنبعث جراء الاستثمار الإيديولوجي في آليات التهييج (Stimulations)، تحولات تحتاج إلى التأمل والتحليل العميق لتقوية الروابط ما بين الأجيال والفئات العمرية في دول ومجتمعات الجنوب (انصهار الوجدان الشعبي في المؤسسات لتقوية التلاحم والتضامن ما بين أفراد وجماعات الشعب الواحد وبالتالي تقوية الروح الوطنية الصادقة). وأنا أستحضر كل هذه المعطيات، متأملا الوضع المغربي بخصوصيته، وجدت نفسي في وضع اضطراري لطرح بعض الاعتبارات التي أراها قد تكون محفزا للفاعلين في السياسة والمجتمع المدني ومؤسسات الدولة لتعميق التفكير في تقوية الروابط السالفة الذكر، روابط أساسية لتقوية «عضلات» اللحمة الوطنية وتوسيع هامش القواسم المشتركة ما بين كل فئات المجتمع (الفئات العمرية، الأجيال المجتمعية، الطبقات الاجتماعية،....).
أولا، ديمقراطيا، أرى من واجب كل الفاعلين في بلادنا الاعتراف والتعبير الواضح بالحاجة إلى إستراتيجية وطنية لتقوية مكانة الشباب في كل المجالات الحيوية للدولة والمجتمع. فالواقع العددي الذي يميز الهرم الديمغرافي ببلادنا يلزم مصادر القرار في كل المستويات الترابية بالتفكير، وباستعجال، في إشكالية الخلل في التوازن ما بين حجم الموارد البشرية الشابة والإمكانيات المتاحة لصقل مواهبها ومعارفها وكفاءاتها وتسخيرها لخدمة التنمية. أقول هذا لأن دخول المغرب إلى منعطف ديمغرافي جديد (الانتقال الديمغرافي) بدون استراتيجيه وخطط مدروسة قد يكون بمثابة هدر كبير للطاقات الشابة، هدر قد يحمل البلاد فاتورة ثقيلة هو في غنى عنها (في الأمس القريب كانت الفئة العمرية أقل من ثلاثين سنة تمثل ما يقارب 70 بالمائة من المجتمع المغربي، والفئة أقل من عشرين سنة تراوح ما يقارب 50 بالمائة). وبذلك يجب أن يكون هاجس النهوض بقطاع الشباب من أوليات الأولويات عند الجميع لتحقيق التوازن في إنتاج النخب. المطلوب اليوم من هيئات المجتمع المدني، وعلى رأسها الأحزاب السياسية والنقابات العمالية، ومؤسسات الدولة التوفر على إستراتيجية محكمة لتجسيد الديمقراطية التمثيلية حسب الفئات العمرية. وعندما نتحدث عن الإستراتيجية المحكمة، نعني بها المخططات المدروسة بعمق، والمدعومة فكريا وماديا، من أجل أن ترقى بقدرات فعل روادها وزعمائها إلى مستوى التمكن من تكسير قيود جيوب المقاومة. فإذا كنا نلمس بذل بعض المجهودات الرسمية بآليات مسطرية وقانونية في مجال تحرير المرأة في إطار إعطاء بعض الشحنات القوية للمسار التحديثي، وبالتالي السعي لتحقيق بعض النجاح في هذا المجال من خلال طرح مثل هذه القضايا للنقاش في المجتمع، فإن قطاع الشباب بصفة عامة لا يحتاج إلا لإفصاح الزعامات الترابية عن الرغبة، بل والإرادة، للاستثمار الصادق في خلق النخب الترابية، بل والإكثار منها، والتفكير الدائم في خلق المجالات والفضاءات لتفجير طاقاتها. إنه واجب مواجهة الزمن المفترس للطاقات البشرية الشابة، الزمن القاسي الذي يخلق نوع من اختلال التوازن ما بين الجسم والنفس (الجسد والروح)، ويحول، غالبا بفعل فاعل، مصير الأجيال من فاعلين يؤمنون بالمستقبل إلى جنود لحماية التمثلات التقليدية القديمة ورواد لتهييج النزعات المجتمعية العنيفة الداعية إلى العودة إلى الوراء.
ثانيا، لقد تتبعنا جميعا كيف انحلت الدول، وتتقاتل الأطياف المجتمعية في المشرق العربي وفي جزء من العالم المغاربي (ليبيا). إن ما وصلت إليه هذه الدول والمجتمعات من تفكك وعنف دامي ليؤكد ما قلناه أعلاه. لقد تحدث جلالة الملك عن الإصلاح، ودخل المغرب إلى منعطفات جديدة تراكمت وتتراكم فيها المكاسب، ليعلن في سنة 2014 عن الحاجة إلى تصحيح الخلل في توزيع الثروة والاستثمار في الرأسمال الوطني غير المادي. لقد تراكمت فعلا المكتسبات منذ بداية الألفية الثالثة إلى أن تجاوز المغرب الأوضاع المقلقة. أقول هذا لأن لنا في دولة بنعلي التونسية دروسا واضحة. فحدة تهميش الشباب التونسي وتركيز الثروة عند الأقليات، جعلت عبارة بنعلي الأخيرة «فهمتكم» بدون تأثير أو مدلول سياسي. فعندما أتحدث عن الحاجة إلى إدماج الشباب، ذكورا وإناثا، في الحياة المجتمعية والإدارية والسياسية والاقتصادية، فإني أعبر عن ما لمسته وألامسه عند هذه الفئة من حاجيات هيكلية منها على الخصوص توفير الفضاءات الضرورية ومؤسسات التنشئة الجيدة والتكوين القوي، وحاجيات أخرى بمثابة محفزات ضرورية بطبيعة قد تمكن الدولة والمجتمع على السواء من الاستغلال الناجع والنافع لثروته الشبابية في مجالات تخصصاتها العلمية عامة وفي مجال السياسة خاصة.
لقد أبانت التجارب في بلادنا أن الشعب المغربي لا ينسى من خدمه ويخدمه بمسؤولية وصدق واضح، وأنه يكن كل الاحترام والاعتراف بالجميل للقيادات السياسية التي بصمت التاريخ السياسي المعاصر، قيادات ختمت مشوارها وهي تملك ثروة حب الشعب المغربي، وعلى رأسها من فارقوا درب النضال أمثال عريسي الشهداء المهدي وعمر، وعلال الفاسي، وعبد الله إبراهيم، وعبد الرحيم بوعبيد،.... ومن لا زالوا يتابعون مجريات السياسة بعد انسحابهم منها، وبعدما قدموا كل ما بجهدهم للأجيال المتعاقبة منذ الاستقلال (عبد الرحمان اليوسفي، بوستة، بنسعيد ايت يدر،...). لقد تتبعنا كيف انسحبت هذه القيادات بطواعية من المسؤولية في الحياة السياسية التنظيمية المباشرة، لتفسح المجال للخلف، مؤمنين أن المستقبل بدون قيادات شابة هو بمثابة تهديد حقيقي للسياسة، تهديد قد يتحول إلى «قاتل» للمدينة والتحضر والحداثة. فعندما عبر المقاوم عبد الرحمان اليوسفي عن كون «المستقبل في يد الشباب»، اعتبرت ذلك بمثابة دعوة إلى إخوانه في درب النضال للالتزام بالحرص الشديد على الإنتاج الدائم للأجيال السياسية الجديدة، وبالعدد الكافي، لتمكين الوطن من الطاقات التي ستحمل مشعل تحديات الألفية الثالثة. إن صفحات سجل التاريخ السياسي المغربي مليئة بالشهادات والنماذج، إنها صفحات تشهد بقوة القدرات الشبابية لزعماء اليوم والأمس القريب، قدرات كانت أكبر من سنهم بكثير، قدرات سخرت كل طاقاتها لربط الذات بالمشروع المجتمعي الذي تؤمن به.
وفي الأخير نقول، استحضارا لما سبق، لا يمكن للمغربي أن لا يكون معتزا بوطنه وبرجالاته ومؤسساته. إن الوطنية الخالصة التي ميزت دائما سلوك الزعماء السياسيين، هي نتاج لارتباط وثيق ما بين تفكيرهم والرهان الكبير الذي شغل بالهم وتفكيرهم باستمرار. وحتى بعد قرار مغادرتهم السياسة لا زال ظهورهم من الفينة إلى أخرى يكون بمثابة إشارات سياسية قوية داعمة للتقدم في تحقيق رهان الإخلاص للفكرة. وعليه، أعتقد أن الزمن السياسي اليوم يفرض على كل الفعاليات والزعامات السياسية والاقتصادية دعم الديناميكية الحزبية في البلاد لتكون الدورتين السياسية والاقتصادية في مستوى الرفع من وثيرة تراكم مقومات المرور إلى التناوب السياسي الفكري والإيديولوجي، وتقوية المكانة السياسية للمغرب إقليميا وجهويا ودوليا.
إن الاهتمام بالشباب لتحقيق هدف تقوية اللحمة الوطنية سيكون بمثابة سد منيع أمام التغرير والتجنيد وظهور نزعات مصطنعة لمعاداة الوطن. إن الاستعداد الدائم للشعب المغربي للدفاع على الوطن ووحدته الترابية وثوابته هو بمثابة ثروة ليس لها ثمن، ثروة يجب حمايتها وتنميتها باستمرار. فالسهولة في التغرير بالشباب بالمشرق العربي (جراء التهميش)، وما أنتجه من اقتتال ما بين أبناء الوطن الواحد، يجب أن نقابله بصعوبة التغرير بالمواطن الغربي ضد وطنه (الإدماج وقوة الوطنية).
أما على المستوى العربي، فالتراجع السريع لأسعار المحروقات، يجب أن يوازيه اجراءات احتياطية لحماية اقتصاد دول الخليج، ودعم للديمقراطية في مصر،... إنه الحد الأدنى الذي يجب الحفاظ عليه اليوم لكي لا «يموت» حلم خلق السوق الاقتصادية العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.