شهد العالم تحولا متواصلا في الأدوار التي تلعبها الآلات في نمط حياتنا اليومية، فقد أصبحت الآلات التي تعمل على أساس الحوسبة تستخدم من أجل إنشاء مجموعة دائمة التنوع من التجارب التي تعزز من القدرات البشرية. وأصبحت الآلات تتبنى المزيد من الخصائص البشرية، حيث نجد أنفسنا نترقب في المستقبل القريب عالما تعمل فيه الآلات والبشر مع بعضهم البعض. كشفت مؤسسة الأبحاث والدراسات العالمية "غارتنر" عن توقعاتها المتعلقة بشركات ومستخدمي تقنية المعلومات للعام 2015 وما بعده، التي بدأت بدراسة طبيعة التحول في العلاقات القديمة ما بين الإنسان والآلة، نظرا لظهور الأعمال الرقمية. وتتوقع مؤسسة "غارتنر" أنه وبحلول العام 2018، ستتطلب الأعمال الرقمية الاستعانة بموظفين أقل ب50 بالمئة، كما أنها ستوفر 500 بالمئة من الوظائف في قطاع الأعمال الرقمية الرئيسية، وذلك بالمقارنة مع نماذج العمل التقليدية. أما على المدى القريب، فتتوقع "غارتنر" أنه وبحلول نهاية العام 2016، ستصبح 50 بالمئة من مبادرات التحول الرقمي خارجة عن السيطرة بسبب الافتقار إلى مهارات الإدارة، ما ينعكس سلبا من خلال تكبد خسائر في الحصة السوقية المكتسبة. وقالت المؤسسة إن التطور السريع لوسائل الإعلام الاجتماعية وتقنيات الهواتف المحمولة سيسيطر على توجهات سلوك المستهلك، وستعمل هذه التوجهات السلوكية والتقنيات الداعمة على تغيير نمط الحياة اليومي على نحو ملحوظ. فعلى سبيل المثال، ستقوم الثلاجات بإرسال طلبات الشراء إلى محلات البقالة، وهناك سيقوم الرجال الآليون بتجميع كافة بنود الطلبات، ومن ثمة تسليمها إلى المستهلك عند عتبة المنزل، ما يلغي الحاجة لوجود عاملي البقالة وسائقي التوزيع. وعليه، ترى "غارتنر" أن بيئة الأعمال الرقمية الجديدة هذه ستقوم بتغيير جذري في سلسلة العمليات التجارية، إلى جانب تغيير التركيبة الديموغرافية للتوظيف، ومدى الحاجة للكفاءات العالية بالنسبة إلى المستهلك ومزودي الخدمات على حد سواء في جميع الصناعات. وتتوقع "غارتنر" أنه سيتم، بحلول العام 2017، إطلاق منظومة أعمال رقمية مستقلة ومتميزة قائمة على الخوارزمية الحاسوبية. وعلى المدى القريب، تتوقع المؤسسة أنه وخلال العام 2015، ستشمل معظم عمليات الاكتتاب العام الأولي IPOs عالية القيمة الشركات التي تجمع ما بين الأسواق الرقمية وخدمات الإمداد اللوجيستية، وذلك في تحد واضح لأنظمة الأعمال التقليدية. وتتوقع "غارتنر" أنه وبحلول العام 2018، سيتم خفض الكلفة الإجمالية للملكية المرتبطة بسير العمليات بنسبة 30 بالمئة، وذلك من خلال الآلات الذكية والخدمات الصناعية. أما على المدى القريب، فسيوجد بحلول العام 2015، أكثر من 40 مزودا للخدمات يقدمون عروضا تجارية لخدمات مدارة، وذلك عبر الاستفادة من الآلات الذكية والخدمات الصناعية. وأشارت المؤسسة إلى أن المستهلكين يسعون للحصول على منتجات وخدمات أسرع وأرخص وأفضل، وذلك في إطار صيغة دعم متوفر في زمان ومكان معينين، وعن طريق أي قناة تغذي ثورة الأعمال الرقمية. وعليه، ترى "غارتنر" أن سير العمليات التجارية وسلسلة القيمة الكاملة للعمليات التجارية ستتحول من نموذج العمل القائم على القوى العاملة وتمكين التقنيات، إلى نموذج العمل القائم على العمليات الرقمية وتمكين الإنسان. فالآلات الذكية، وفقا للمؤسسة، لن تحل محل البشر، فلا تزال هناك حاجة لتوجيه مسيرة العمل من قبل البشر، كما أن لهم دورا هاما في تحليل وترجمة النتائج الرقمية. وبالتالي، فإن الآلات الذكية لن تحل محل القوى العاملة، ولكنها ستستبدل المحدودية وعدم الكفاءة، وستضيف سرعة هائلة إلى سير العمليات التجارية. ومع تفضيل المستهلكين الاستعانة بخدمات الإنترنت والهواتف المحمولة من أجل تعزيز كفاءات العمل، وتحسين إدارة الوقت، فإن كل صناعة ستسعى جاهدة إلى تحسين تجربة العملاء من خلال تبسيط وأتمتة العمليات المتكاملة من البداية إلى النهاية وجعلها أكثر ذكاء، والحد من التدخلات اليدوية، والسماح للمستهلك بخدمة نفسه بنفسه. وبحلول العام 2020، تتوقع "غارتنر" أن يرتفع العمر الافتراضي للعالم المتقدم نصف سنة، وذلك بسبب الانتشار الواسع لاستخدام تقنيات المراقبة الصحية اللاسلكية. أما فيما يخص التوقعات على المدى القريب، فتتوقع المؤسسة أن تنخفض، بحلول العام 2017، تكاليف الرعاية الصحية الخاصة بمرضى السكري بنسبة 10 بالمئة، وذلك بفضل استخدام الهواتف الذكية. وترى المؤسسة أن أجهزة المراقبة والاستشعار القابلة للارتداء تحمل في طياتها بشارات هائلة. ففي العصر الراهن، أصبح بإمكان سوار إلكتروني بسيط جمع معلومات حول ضربات القلب، ودرجة الحرارة، بالإضافة إلى عدد من العوامل المحيطة الأخرى. كما أن لصاقات مراقبة حركة القلب اللاسلكية، والقمصان الذكية، وأجهزة الاستشعار المدرجة ضمن الإكسسوارات، تبشر، وفقا ل"غارتنر"، بتأمين معلومات أكثر دقة، واختيارات مناسبة، وراحة كبيرة لمرتديها. وتعد عمليات استقصاء المعلومات لاسلكيا واضحة ومباشرة، حيث بالإمكان ربط البيانات مع مستودعات المعلومات القائمة على الحلول السحابية الضخمة من أجل اتخاذ الإجراءات المناسبة، وربطها بالشبكات الاجتماعية للحصول على المشورة المجدية. وتتوقع مؤسسة "غارتنر" استقصاء البيانات عن طريق أجهزة مراقبة عن بعد، وذلك من أجل استمرار حصول الأطباء على معلومات عن المرضى. وبحلول نهاية العام 2016، تتوقع المؤسسة أن يتم تنفيذ عمليات تسوّق وشراء تتجاوز قيمتها الملياري دولار عبر الإنترنت، وذلك حصريا من خلال المساعدات الرقمية في الهواتف المحمولة. أما على المدى القريب، وبحلول نهاية العام 2015، ستلعب المساعدات الرقمية في الهواتف المحمولة دورا حيويا في إنجاز المهام اليومية، كتعبئة الأسماء والعناوين ومعلومات بطاقات الائتمان. وسيصبح بالإمكان اتخاذ أكثر قرارات الشراء تعقيدا، مثل شراء الحقائب المدرسية، وجدولة عمليات الشراء المتسلسلة والمصنفة حسب الأولوية والتاريخ على غرار الخروج في موعد لمشاهدة فيلم ومن ثمة تناول العشاء وتأمين سيارة للعودة احتفاء بإحدى المناسبات السنوية، بكل سهولة.وتتوقع المؤسسة أن يتجدد الاهتمام بوسائل الدفع بواسطة الهواتف المحمولة خلال العام 2015، إلى جانب الارتفاع الكبير في معدل العمليات التجارية التي تتم عبر الهواتف المحمولة. وأشارت "غارتنر" إلى أن الهواتف الذكية والحاسبات اللوحية ذات الأداء القوي والمتنامي، والتطبيقات المتوافقة الغنية والقوية المتاحة للجميع، تتيح للمستهلكين وعملاء قطاع الأعمال القدرة على التفاعل افتراضيا بسهولة وانسيابية عالية مع الشركات والمحتوى والتجارب التجارية في جميع مراحل عملية الشراء.