توفي يوم الفاتح من ابريل 2019 بالعاصمة البوركينابية المخرج السينمائي بيير ياميكو، والذي يعتبر من الأصدقاء المخلصين لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، وقد سبق له أن حصل على الجائزة الكبرى به عن شريطه «باري/ الوطن»، وكان آخر تواجده بمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة خلال الدورة 20 (2017). إنه من الجيل الذي صارع من أجل الحصول على الشريط الخام (35-16 ملم) من الغرب بشروط ليقول: «الإفريقي قادر على كشف حقائق… سينمائيا !!! « ولد المخرج السينمائي البوركبنابي بيير ياميكو يوم 15 مايو 1955. وبعد حصوله على شهادة الباكلوريا بوطنه بوركينا فاصو، هاجر للدراسة بالولايات المتحدةالأمريكية، وبها درس السينما بجامعة لوهافر. وبفرنسا، درس بمعهد السينما متخصصا في الإخراج السينمائي، وهناك أسس شركة إنتاج ليمارس «مهنة سينمائي» بمقاييس احترافية حتى يتمكن من الحصول على الدعم السينمائي من كافة المؤسسات السينمائية وطنيا أو قاريا أو دوليا. وبواسطتها أنتج كافة الأعمال السينمائية الوثائقية والروائية القصيرة والمطولة، وهذه الإنتاجات السينمائية التي أخرجها الفقيد السينمائي بيير ياميكو منذ سنة 1976 حصلت على العديد من الجوائز سواء بالمهرجانات الإفريقية ( واكدوكو – قرطاج – خريبكة …) وقد رشحت بوركينا فاسو شريطه : «انهض وانطلق/ ويندمي» لمسابقة الأوسكار سنة 2005 ونفس الشريط شارك في المهرجان الدولي لمدينة كان السينمائي في إطار الفقرة الموازية نظرة ما… هو من الجيل الثاني للسينمائيين الأفارقة ، هو من بين من يعتز بهويته الثقافية والقارية لونا ولغة وبعرضنا لعناوين أشرطته السينمائية نجدها باللغة ( المور ) وهي لغة الشعب البوركينابي والتي ترافقها اللغة الفرنسية لغة النخبة وأعماله السينمائية كلها أنجزها بأحجام 35 أو 16 ملم ولم ينجز أي شريط موافق للنظام الرقمي وقد توقف عن الاشتغال منذ آخر شريط له « الوطن / باييري « سنة 2011 ، والذي حصل على الجائزة الكبرى ( عثمان صامبين لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة خلال الدورة15/ 2012 )وبالدورة العاشرة لنفس المهرجان حصل على جائزة أحسن موسيقى سنة2006 عن شريطه « انهض وامشي / دولواندي « وحصل في نفس الوقت على جائزة الأندية السينمائية بالمغرب وفي الدورة التاسعة 2006 تمنحه لجنة التحكيم جائزتها عن شريطه أنا وصديق الأبيض، وشارك في الدورة السادسة 1994 بشريطه «ابن الرب/ ويندمي»، وبالدورة الخامسة يفتتح لقائه مع المغرب ومهرجاناته بشريط « كل شئ على ما يرام/ لافي «. كان ذلك سنة 1992، وبذلك يكون مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة قد عرف بهذا المخرج وبعض أعماله السينمائية، قبل أن يغادرنا. وتعميما للفائدة نقدم تعريفات لخزانته الفيلمية التي تتكون من 11 شريطا منها المطولة والقصيرة الروائية والوثائقية: ففي سنة 1987 أخرج شريط «دنيا» حول فتاة العشرينية تدعى «نوفكما» تجتمع عناصر للدفع بها للخروج من قريتها للدراسة بالمدينة، وهنا ستجد نساء غير اللواتي تركتهن بالقرية. الشريط حصل على جوائز بإفريقيا وفرنسا وكندا وعرض بالعديد من شاشات العالم السينمائية والتلفزية. أما شريط «لافي أو كل شئ على ما يرام»، فهو حول العوائق التي تواجه الشباب الإفريقي حتى ولو كانوا متفوقين، من خلال قصة طالب رغب في دراسة الطب يجد نفسه عاجزا عن الاستمرار لوجود أبواب تعقد مساطرها الإدارية. الشريط عرض في إطار الفقرة الموازية بمهرجان كان ( أسبوع النقاد)، وحصل على جائزة السيناريو بايطاليا بعدما عرض بمهرجانات عديدة. وفي سنة 1992 يقدم للجمهور إنتاجا جديدا تحث عنوان «ابن الرب آو ويندمي» حول فساد الرهبان الذين يعلنون تقواهم وفي الخفاء يمارسون (الجنس النجس)، الأمر الذي كان من نتائجه إنجاب الطفل ويندمي، والذي سيتعرض للإهمال وهو لازال رضيعا. وقد حصل على جوائز الفيسباكو (بوركينا فاسو) من اليونيسيف والمنظمة الفرنكوفونية وجائزة العاصمة وتنويه من لجنة التحكيم. وبالخارج عرض الشريط في أمريكا وكندا، كما عرض بفقرة «نظرة ما» بمهرجان كان الفرنسي. وفي شريط يجمع مابين الوثائقي والروائي «اثنو- ثقافي» يحمل عنوان «كيتا»، يذهب المخرج نحو الأغوار الثقافة الشفهية الإفريقية من خلال (حكاء وطفل) لمحاورة التاريخ والإنسان والبحث عن أمجاد إمبراطورية قبلية افريقية كرد إيحائي. إن «إفريقيا لم تكن أرض وحوش وتخلف كما يصورها الإعلام الغربي». إنها الخلاصة الانطباعية التي نستشفها من الملصق الخاص بهذا الشريط، والذي يعتمد على حاستي السمع والكلام وتغيب العين، والتي هي الحقيقة التي تغيبها وسائل الإعلام الغربية عن العالم الذي كان مستغلا من طرف الإمبراطوريات الاستعمارية. وفي سنة 1998 يثير «زوبعة أو سيلماندي». الشريط دراما اجتماعية حول عائلة لبنانية تقيم بواكدوكو، وهي من أغنياء المجتمع البور كينابي، كانت ترغب في زيارة الأهل بلبنان إلا إن الحرب الأهلية حالة دون ذلك، وهذا التأخر أدى إلى حدوث مشاكل اقتصادية للعائلة. حصل الشريط على جائزة بمهرجان نامير للسينما الفرنكوفونية ببلجيكا وبقرطاجتونس وبالفيسباكو لبوركينا فاسو. بعدها أخرج شريط «سينا»، وفي نفس الوقت اسم فتاة عمرها 15 سنة أثناء غياب حبيبها عن القرية تقوم العائلة بتزويجها من رجل يفوقها سنا ورغم محاولات الهروب نحو مكان آخر فقد تم إرجاعها ومحاكمتها أمام محكمة عرفية. وخارج فضاءات إفريقيا قدم شريط «صديقي الأبيض» حول الطالب ما مادي، ويدرس في سلك الدكتوراه. توقفت منحته فعمل حارسا ليليا. وعبر جهاز المراقبة المتلفز يكتشف تناقضات وفساد المجتمع الفرنسي. حصل الشريط على جوائز بالفيسباكو وبإيطاليا. وفي سنة2005 يخرج شريط «انهض وامشي/ دولواندي»، وهو بمثابة دعوة تحفيزية لمكونات مجتمع تكبله القوانين المدنية والعرفية ولتبرير العجز أو الخطأ تفسر لصالح القوانين التي تكرس الجهل والفقر والأمية في مجتمع ودولة تستظل بتخلف أورثها إياها الاستعمار . كما قدم «لاجئ.. ولكن إنسان»، حول المصير المفترض حصوله لقادة الدول عند حدوث انقلاب حكم من خلال نماذج لثلاث رؤساء وجدوا نفسهم لاجئين وحيدين دون سند . «الوطن/ باييري» على إثر محاولة انقلابية وقعت بدولة ساحل العاج فتندلع المواجهات في كل مكان. المواجهات التي صارت ضحيتها المدن المجاورة للحدود ومنها مدينة ايفورية، سكانها طبعا بوركينابيين فصاروا مقحمين في مواجهات مسلحة هم غير معنيين بها. وللفرار من هذا الجحيم تكون رحلات التيه وسط الصحاري والأدغال. وقد اختار المخرج نموذجا سيدة اسمها «بيبا «، جسدتها الممثلة تينا حاتو ويدراكو»، وهي سيدة حامل فتتيه دون هدف محدد حيث الوحدة-الأمراض- المصير المجهول. إنهم ضحايا الصراعات الداخلية والحدودية بإفريقيا ما بعد الاستعمار الأوربي . وخلال هذه السنة افتقدت السينما الإفريقية رائدين: في مارس الماضي كان السينمائي الموريتاني محمد ميد (1936-2019) وفي ابريل الحالي بيير ياميكو(1955-2019). وتجب الإشارة هنا إلى أن السينما البوركينابية افتقدت ادريسا ويدراكو وميس هيبي، وكلهم من الرعيل الأول للسينما الإفريقية التي خرجت من المكننة إلى الرقمنة ولازال سينمائيوها (ات) يعانون من انعدام التمويل !!