لم تمكّن المخططات والبرامج التي سطرتها وزارة الصحة من تقليص دائرة انتشار مرض السل في المغرب، خاصة في الجهات الأكثر احتضانا للداء، وبالأحياء الهامشية والهشّة التي تتوفر فيها كل العوامل المساهمة في تفشي المرض، بسبب الأعطاب الصحية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة. خلاصة كوّنها عدد من المتتبعين للشأن الصحي ببلادنا، بعد إعلان وزير الصحة أنس الدكالي، زوال أول أمس الاثنين، عن تفاصيل مخطط عمل جديد، متعدد القطاعات، لمحاولة القضاء على المرض في أفق 2030، إذ أشار إلى أن عدد الإصابات الجديدة بالداء التي جرى تسجيلها في 2018 بلغت 30.977 مقارنة بسنة 2017 التي تم خلالها الإعلان عن تسجيل 30.897 حالة إصابة جديدة، أي أن الفحوصات والكشوفات التي تم القيام بها خلال السنة الفارطة، توصّلت إلى كشف 80 حالة جديدة، والحال أن الداء لا يزال يعرف تفشّيا وانتشارا، رغم أن الوزارة أوضحت أن معدل الإصابة الوطني قد تراجع من 88 حالة لكل 100 ألف نسمة إلى 87 خلال 2018، شكّل السل الرئوي نصفها، 60 في المئة في صفوف الذكور، و40 في المئة في صفوف الإناث. ولمّح وزير الصحة في كلمته إلى أن مواجهة السل لا يمكن أن تكون أحادية تتحمّل فيها وزارة الصحة المسؤولية لوحدها، مشددا على أن من بين أسباب انتشار المرض، طبيعة الديناميكية التي تتحكم فيه والتي تلعب فيها المحددات السوسيو اقتصادية، من ظروف السكن، الفقر وسوء التغذية دورا هاما، مبرزا أنه قد اتضح أن 70 في المئة من المرضى ينتمون إلى الأحياء الهامشية لكبريات المدن كالدارالبيضاء، سلا، فاسوطنجة، وهي مناطق معروفة بكثافة ساكنتها وهشاشة أوضاعها المعيشية، موضحا أن آخر الإحصائيات تشير إلى أن 86٪ من الحالات سجلت في 6 جهات، تضم ما معدله 78٪ من سكان المغرب، ويتعلّق الأمر بجهات الدارالبيضاء- سطات، الرباط- سلا- القنيطرة، طنجة- تطوان- الحسيمة، فاس- مكناس، مراكش -آسفي، وسوس- ماسة. المعطيات التي تخص مرض السل وإن كانت قاتمة، فهي لم تمنع أنس الدكالي من التحدث بلغة متفائلة، إذ أبرز أن المغرب قد حقّق نتائج جد ملموسة في مجال مكافحة المرض، وشدّد على أنه تم تحقيق الهدف السادس من أهداف الألفية للتنمية، بعد أن أخذ السل منحى تراجعيا بين عامي 1990 و2015، مؤكدا أنه وفقا للبيانات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية للمغرب، فإن نسبة الحدوث المقدرة من طرف منظمة الصحة العالمية قد انخفضت ب 27٪، كما أن نسبة الوفيات قد تقلّصت هي الأخرى بنسبة 59 ٪، مشيرا إلى أن هذا الأمر جرى تحقيقه بفضل «المردودية الجيدة للبرنامج الوطني لمحاربة السل»، والمتجلية في عدد من المؤشرات، على رأسها نسبة اكتشاف حالات السل التي ارتفعت من 75٪ إلى 85٪، مما سمح بتشخيص ومعالجة أكثر فأكثر من الحالات المتواجدة فعلا، وتم الإبقاء على معدل نجاح العلاج في أكثر من 86٪ منذ سنة 1995، كما تم تخفيض نسبة الانقطاع عن العلاج إلى 7.9 في المئة فقط. وأعلنت وزارة الصحة أنها تطمح إلى تقليص عدد الوفيات المرتبطة بالسل بنسبة 40٪ في أفق سنة 2021، عبر الرفع من العدد السنوي من الحالات المكتشفة إلى 36.300 وتحقيق نسبة نجاح العلاج لا تقل عن 90٪، وزيادة معدل اكتشاف حالات السل المقاوم للأدوية إلى75٪، وتحقيق نسبة نجاح العلاج لا تقل عن 80٪، إضافة إلى الكشف عن داء فقدان المناعة عند 95٪ من مرضى داء السل، والحفاظ على نسبة 100٪ للمرضى الذين تم وضعهم تحت العلاج المصابين بثنائية العدوى لمرض السل وداء فقدان المناعة بحلول سنة 2021، مع الحرص على تعزيز الحكامة وتطوير الشراكة متعددة القطاعات لاستهداف المحددات الاجتماعية. وأكد الدكالي، أنه ومن أجل رفع التحديات التي يواجهها البرنامج الوطني لمكافحة السل، فقد استعانت وزارة الصحة بمجموعة من خبراء منظمة الصحة العالمية، ومبادرة شراكة دحر السل التي زارت ما بين الفترة من 11 إلى 22 مارس 2019 عدة مناطق ومؤسسات صحية، من أجل تقييم مدى ملاءمة وتيرة إنجاز المخطط الوطني لبلوغ هدف القضاء على مرض السل بحلول سنة 2030.