قضت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، يوم الأربعاء 14 مارس 2019، في حكم قطعي رقم 983، لصالح الدكتور عبد القادر الصهلي، بتأييد الحكم المستأنف عن المحكمة الابتدائية الإدارية، حيث فات للمعني بالأمر أن تقدم بدعوى قضائية ضد وزارة الصحة من أجل إلغاء تعيين مندوبة الوزارة بميدلت (ف. ش)، مدليا بمجموعة من البيانات التي توضح بجلاء ما شاب التعيين من تجاوزات سافرة لقانون المباريات وللمراسيم المتعلقة بالتعيين في مناصب المسؤولية، ما حمل القضاء الى إجراء تحقيقاته مع كافة الأطراف المعنية، بينما لقي الموضوع تفاعلا واسعا إلى درجة خروج عدد من الفاعلين بدعوة الجهات المسؤولة إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، في حين رأى الكثيرون في الموضوع «فضيحة» لحملها حسابات سياسية وحزبية. وكان الدكتور عبد القادر الصهلي قد رفع تظلمه إلى وزير الصحة، يوم 5 مارس 2018، وطعنه في نتائج انتقاء «منصب مندوب إقليمي» لوزارة الصحة بميدلت، والتي أُعلن فيها، يوم 2 يناير من ذات السنة، عن اسم مترشحة معينة لشغل المنصب المذكور، رغم ما يتضمنه ملفها «من اختلالات جوهرية على مستوى المساطر والإجراءات المطلوبة»، وهو الأمر الذي فاجأ الدكتور الصهلي وأثر سلبا على معنوياته وحقوقه، على خلفية استبعاده بطريقة مشبوهة بعد أن كان معينا كمندوب إقليمي بالنيابة، حيث طالب وزير الصحة وقتها، في إطار استمرارية الإدارة، «التدخل لفتح تحقيق نزيه في التجاوز الخطير الذي تم ارتكابه بشكل مضر بمبدأ تكافؤ الفرص والشفافية والنزاهة»، على حد مضمون شكايته المقدمة لوزير الصحة. ولم يفت المعني بالأمر إبراز مدى تجاوز ما جرى للمنطق، «بناء على القرار الوزاري رقم 13816 الصادر بتاريخ 24 أكتوبر 2017، المتعلق بفتح باب الترشيح لشغل مناصب المسؤوليات الشاغرة بالمصالح الممركزة للوزارة الوصية، خصوصا المادة الرابعة من هذا القرار التي تنص على تعبئة استمارة الترشح بعناية، وتحميلها من الموقع الالكتروني للوزارة مشفوعة برأي الرئيس المباشر في ما يخص جانب الكفاءة، علما بوجود قرار وزاري، تحت رقم 12511، بتاريخ 28 شتنبر 2017، يخص تعيين الدكتور عبدالقادر الصهلي في منصب مندوب إقليمي بالنيابة، مع تكليفه بمسؤولية الرئيس التسلسلي لكل المؤسسات الصحية بالإقليم، وبهذه الصفة «قام بتوقيع استمارتي مرشحين لمناصب المسؤولية، باستثناء المترشحة المعنية بالأمر التي لم يوقع على استمارة كفاءتها»، حسب الشكاية. ومن خلال ما أدلى به من وثائق، فقد فات للمعني بالأمر، وهو ناشط في حزب الوردة بميدلت، أن راسل الوزارة في الموضوع، من خلال مراسلتين مؤرختين في 20 نونبر 2017 و18 دجنبر 2017، ينبه فيهما إلى «خلفيات التجاوز المسجل، ومدى ضربه شروط الوزارة عرض الحائط»، ثم مراسلة أخرى، مؤرخة في 26 يناير 2018، بخصوص «انتهاك قرار وزارة الصحة رقم 13816 من خلال وقوفه المفاجئ على وجود اسم المترشحة المعنية بالأمر ضمن لائحة المنتقين لنيل منصب المندوب الإقليمي للوزارة بميدلت»، رغم «قفزها على القرار، خصوصا المادة الرابعة منه التي تنص صراحة على ضرورة احترام رأي الرئيس المباشر المعين بمقرر تعيين وزاري»، يضيف المعني بالأمر. ومعلوم أن الدكتور عبد القادر الصهلي كان قد تم تعيينه في منصب مندوب إقليمي بالنيابة، بعد إلحاق المندوب الإقليمي السابق، الدكتور محمد بوزيان، مندوبا بإقليم خنيفرة خلفا للدكتور امحمد البرجاوي، حيث أبان الدكتور السهلي عن حنكته الميدانية، إلى درجة توصله برسالة شكر وتقدير من وزير الصحة، أنس الدكالي، مؤرخة في 2 فبراير 2018، يعبر فيها هذا الأخير عن «تلقيه ببالغ الارتياح تفاصيل قيام المعني بالأمر، رفقة فريق صحي إقليمي، بإنقاذ مواطنة حامل، تقطن بدوار امتشيمن بجماعة تونفيت، الواقعة على بعد أزيد من 90 كيلومترا عن المستشفى الإقليمي لميدلت»، حيث تم نقلها من بيتها المحاصر بالثلوج، ورعايتها إلى أن وضعت مولودها في ظروف طبيعية، وبهذه المناسبة شدد الوزير على تنويهه بهذا العمل المهني المشرف، ولم يكن متوقعا أن «يتورط» نفس الوزير في ما جرى بمندوبيته بميدلت.