الرباط.. الإعلان عن تعميم خدمات "جواز الشباب" على الصعيد الوطني    الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية ولوديي يستقبلان رئيس أركان القوات المسلحة بجمهورية إفريقيا الوسطى    مندوبية التخطيط تتوقع بلوغ عجز الميزانية 3,9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي خلال سنة 2025    غزة.. بدء البحث عن أشخاص دفنوا تحت الأنقاض وسط "صدمة" من حجم الدمار    الرجاء الرياضي يحدد تاريخ الجمع العام غير العادي وتقديم استقالة المكتب المديري    إعادة انتخاب فلورينتينو بيريس رئيسا لريال مدريد    "بريد المغرب" يحظى بالثقة الرقمية    غياب الشفافية وتضخيم أرقام القطيع.. اختلالات جمعية مربي الأغنام والماعز تصل إلى البرلمان    وكالة تقنين الاتصالات تطلق حملات لقياس جودة الإنترنت الثابت    إضراب الأطباء بالمستشفى الحسني بالناظور لمدة 5 أيام    واشنطن تستعد لتنصيب ترامب وسط أجواء باردة وإجراءات أمنية مشددة    برلمان "إيكاس" يدعم مغربية الصحراء    الأرصاد الجوية تحذر من رياح قوية    الكشف عن عرض فيلم اللؤلؤة السوداء للمخرج أيوب قنير    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. 116 وفاة و25 ألف إصابة ودعوات لتحرك عاجل    1000 يورو لمن يعثر عليها.. بدر هاري يستعيد محفظته    مصدر مسؤول ينفي استقالة أزروال من رئاسة المغرب التطواني    طنجة .. ثلاثيني يضع حدا لحياته بعد هجر زوجته له    تحذير من رياح عاصفية بدءا من الاثنين    ‮ هل يجعل المغرب من 5202 سنة مساءلة الأمم المتحدة؟    أغنية «ولاء» للفنان عبد الله الراني ..صوت الصحراء ينطق بالإيقاع والكلمات    تقرير: المغرب يلعب دورا مهماً في المجال الصناعي الصاعد في القارة الإفريقية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ترامب يستعد لتسلم مهامه ويصبح الرئيس الأمريكي الأكبر سنا لحظة دخوله البيت الأبيض    نهضة بركان تنهي دور المجموعات باكتساح شباك ستيلينبوش بخماسية نظيفة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء قريب من التوازن    المنتج عبد الحق مبشور في ذمة الله    أمن البيضاء يفتح تحقيقا في ملابسات اعتداء على بائعة سمك    تراجع أسعار الذهب    "تيك توك" تعود للعمل بأمريكا وبكين تدعو واشنطن لتوفير بيئة منفتحة للشركات    جمعية نسائية: تعديلات مدونة الأسرة مخيبة للآمال وتستند على قواعد فقهية متجاوزة    لتجاوز التعثرات.. وزارة التربية الوطنية ترسي الدعم المؤسساتي في 2628 مؤسسة للريادة    المدرسة.. الحق في الحُلم أو هندسة الفشل الاجتماعي    سعر "البتكوين" يسجل مستوى قياسيا جديدا بتخطيه 109 آلاف دولار    عبوب زكرياء يقدم استقالته بعد خسارة الدفاع الحسني الجديدي أمام الوداد    كذبة التخفيف الضريبي الكبرى!    تنظيم أول دورة من مهرجان السينما والتاريخ بمراكش    أنت تسأل وغزة تجيب..    النفط ينخفض مع ترقب تحركات ترامب بشأن قيود تصدير النفط الروسي    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    منها ذهبية واحدة.. جيدو المغرب يحرز 11 ميدالية    نائب الرئيس الصيني يلتقي إيلون ماسك وقادة الأعمال الأميركيين في واشنطن قبيل تنصيب ترامب    بعد عاصفة ثلجية.. فرق التجهيز والنقل بالحسيمة تتدخل لفتح الطريق الإقليمية 5204    إسرائيل تفرج عن 90 معتقلا فلسطينيا ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل مع حماس    اختطاف مواطن اسباني جنوب الجزائر و نقله الى مالي :    تنظيم تظاهرة "Nador Boxing Champions" إحتفالا بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975    ترحيب دولي بإعلان وقف إطلاق النار في غزة    إبداع النساء المغربيات في أطباق البسطيلة المغربية يبهر العالم    فريق كوري يبتكر شبكة عصبية لقراءة نوايا البشر من موجات الدماغ    إسدال الستار على فعاليات الدورة ال3 من المهرجان المغربي للموسيقى الأندلسية    حفل ضخم في "جوي أووردز" بالرياض    توقيف المشتبه به في طعن نجم بوليوود سيف علي خان    الجزائر.. فيروس ينتشر ويملأ مستشفيات البلاد بالمرضى    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدريب حيويّ على المَوت
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 08 - 03 - 2019


– 1 –
زهرة ، زهرة يا زهرة !
استيقظت عمتي من النوم الذي ظَنوه موتا، لم تَفزع بل التفتت بهدوء كما قد تفعل أي امرأة اسمها زهرة. لم يكن فمها ذلك الثُّقب المُدور الذي قالوا إنه مفتوح لتخرُج منه الرّوح بسهولة..بدا لي فَوهة سيعبُر منها المَوت إلى جسدها. يدُها الباردة الصلبة كحَديدة ضَغطت بقوة على يدي. يدُ الموت حارقة البرودة مثل الجحيم إذن. كانت دائما تريدني بالقرب منها. يكفي أن تقول: «ابعثوا بها لأنني ضجرت». فلا أُمانع بل أفرح لأن أياما من الغرابة الخالصة ستبدأ.
هذه المرة قالت ابعثوا بها لأنني سأموت».نحتاج حقا إلى من نُحب عندَ الموت لأننا نريدُ أحدا ليشهدَ على موتنا. نريد من أحدِهم أن يحكي عنا ولو حكاية صغيرة.
كنت الشاهدة على موت عمتي ولم يكن هناك شيء ليُحكى غير أنها كانت تمتلك عينينِ زرقاوين لم تر بهما البحر ولو مرة واحدة في حَياتها. يا للعبث ! تقضي يومها في شرب القهوة وإغلاق الأبواب وإسدال ستَائر الغرف لتمنع العتمة من التسلل إلى خَارج غرفتها ! أخبرتني عَمتي يوما أنها تفضل العتمة لأنها التمرين الوحيد المتاح في الحياة على أجواء القبور. الآن وهي تَتدرب على الموت الوشيك تمنعهم أيضا من فتح الستائر وتريدني بالقرب منها. لأننا حين نكون خائفين ووحيدين نحتاج من نحبهم لنضغط عليهم بشدة وكأننا نحاول كسرهم حتى نجد من نتساوى معه في الخوف. ضَغطت مرة أخرى على أصابعي فتأملت جسدها النحيف يلبس منامةً موشّاة بفراشات بيضاء فوق زهور صغيرة جدا. كان ذلك مثيرا ومضحكا. فراشات ضخمة و زهور صغيرة تكاد لا ترى. أتخيل أن تلك الفراشات ستحلق بعيدا بحرية وبلا خوف حين ستموت عمتي والزهور المسكينة ستبقى هناك. الفراشات لن تهرب.أنا من كان يريد الهرب من هناك. الموت يحلق في الأجواء وهذا ليس جيّدا لشخص يعاني انسداد شريان مثلي. هناك شرايين كثيرة داخل قلبي لكنني لا أستطيع تذكر اسمه المعقد حين خرج من فم الطبيب. لا أتذكر اسمه بسبب منقار الموت الحاد الذي ينقرعقلي الآن.
– 2 –
نلجُ مقبرة سانت لويس، بمدينة « نيو أورليانز» على متن حافلة صغيرة. مقبرةٌ صامتة قريبةٌ جدّا من موسيقى الجّاز. أتذكرُني طفلة وحيدة و صامتة مثل اللعبة التي ليست لأحد وهي تأخذني معها إلى مقبرة «سانت عياد»، أقصد «سيدي عياد». نذهب لزيارة الخالات والعمات اللواتي لم أتعرف إليهن ولا شأن لي بهن. أتجرجرُ خلفها ويدي ذائبة داخل كفها حتى أصبحت استأنس بتلك الارائك الكثيرة الممدودة من أجل الموتى. لاحت لي الحروفُ على شاهدة القبور كطيور محلقة لا أجد ما أفعله فأحفظ أشكالها، حرف الراء يشبه هلالاً تدلّى من السماء والتاء عينان قَلقتان. الكلمات التي كانت تستقبلني على الشواهد عبرت فمي و عقلي و ابتلعتها كطعم: إنا- إلى – رحمة – الله .فقيد – انتقل .- فاطنة. أتهجى ببطء شديدٍ اللاّم الممدودة التي تذكرني بأبي واقفا أمام الباب. وتبدو لي الألف المقصورة في نهاية الكلمات مثل تنورةُ تجِف على حبل الغسيل، أدرك أنني تعلمت حروفي الأولى في المقبرة. هذه هي الحقيقة التي شقّت طريقها نحوي ونحن نتوغل داخل مقبرة «سانت لويس». وأنا أزور قبور أشخاصٍ لا أعرفهم و لا شأن لي بهم. أتذكر أن مقبرة «سيدي عياد» كانت أول مدرسة أدخلها. أتذكر أن الموت كان أول مدرسٍ لي في هذه الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.