تابع ص: 1 فالمؤمنون والصالحون وأصحاب المبادئ، سواء الذين يؤمنون بالحياة الاخرى أو الذين لا يرون حياة بعد الموت، كلهم لا يريدون أن يذكرهم من بقي بعدهم بسوء وشر بسبب إساءاتهم وسيئاتهم وفسادهم وظلمهم للآخرين. لهذا وهم أحياء يسعون من أجل قول وفعل الأفضل والأحسن ...والصنف الاول منهم فوق ذلك يبتغون رضى الله ورحمته ويسعون للفوز بحياة أسمى وأسعد بعد موتهم لأنهم يستحضرون قوله تعالى « فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره « ... إن الموت تتعدد معاني وروده في القرآن الكريم ..فأحيانا يأتي في سياق اعتباره نهاية لمرحله تكون في هذه الدنيا ، وبداية لحياة أخرى كما في قوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)العنكبوت.. ومنها تشبيه الذي لا يستمع للنصح ولا يتعظ بالميت في قوله تعالى (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى) النمل.. ومنها اعتبار الضال في حكم الميت قال تعالى «أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس» ومن هنا نجمل القول بأنه إن كان كل من عليها سيفنى فهذا يعني حتما الافراد والجماعات كما سيعني بمنطق العصر كل المؤسسات والمنظمات والهيئات التي لم تستطع استيعاب واقعها ومتطلبات عيشها، واستمرارها المعنوي في علاقاتها مع نفسها ومع الغير، ولم تقدر على تصحيح مساراتها وتطوير أفكارها ومناهج عملها ... يقول تعالى ..»وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ «الأعراف. وبما أن الحديث في هذه المقالة عن الموت فنسأل الله أن لا تنطبق على واقعنا في هذا البلد وغيره من البلدان الاسلامية معاني قوله تعالى {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ» غافر . ذلك أن من بين تفاسير الإماتتين بالآية الإماتة المادية أي التي تحصل لكل انسان بانتهاء حياته في هذه الدنيا... والإماتة المعنوية بموت البصيرة والعقل النير وهو من الأحياء، مما يتسبب في الضياع والهلاك ... «قال الحسن البصري : طلبت خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة فأعيتني فلزمت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فقال : كان يقول : في خطبته يوم الجمعة يا أيها الناس إن لكم علما فانتهوا إلى علمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم فإن المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري كيف صنع الله فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري كيف الله بصانع فيه فليتزود المرء لنفسه ومن دنياه لآخرته، ومن الشباب قبل الهرم ومن الصحة قبل السقم فإنكم خلقتم للآخرة والدنيا خلقت لكم والذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب وما بعد الدنيا دار إلا الجنة و النار..» ونختم بدعاء كان صلى الله عليه وسلم يقوله: « اللهم إني أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة، وأعوذ بك من حياة تمنع خير الممات، وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل.»