اعتبر الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، أن حصيلة المجلس بمناسبة الدورة الأولى من السنة التشريعية 2018-2019، إيجابية، مسجلا في نفس الوقت أنها حصيلة جماعية وليست خاصة بالرئاسة وحدها، لأن كل مكونات المجلس قد ساهمت فيها، من فرق برلمانية، أغلبية ومعارضة، وكذا لجان المجلس الدائمة. وأوضح الحبيب المالكي في لقاء تواصلي مع الصحافة ووسائل الإعلام بمناسبة اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2018-2019 يوم أمس بمقر مجلس النواب، أن ما ميز هذه المحطة الدستورية، منذ بداية الولاية الحالية، تكريس التحول في تطوير الممارسة البرلمانية خدمة للمصالح العليا للبلاد. وأرجع رئيس مجلس النواب التحول الذي تعرفه الممارسة البرلمانية إلى عدة أسباب رئيسية، أولها يتمثل في أن جميع المكونات السياسية للمجلس، بمواقفها وسلوكاتها، تتميز بروح وطنية عالية، حيث أن 80 في المئة من مشاريع القوانين التي تمت المصادقة عليها كانت بالإجماع، مستدركا القول إن هذا الأمر” لا يلغي التباين في النقاش على مستوى اللجان الدائمة أو في الجلسة العامة، لكننا استطعنا أن نجعل من هذا التباين والاختلاف عامل إغناء وتجويد للعمل المشترك”. وفي نفس السياق شدد المالكي على أن هذه الروح الوطنية العالية تؤكد أن الجميع يدرك طبيعة المرحلة الدقيقة التي تمر منها بلادنا، سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أو على مستوى العلاقات الخارجية الجهوية والدولية، معلنا في نفس الآن اعتزازه بهذه المنهجية في العمل والممارسة البرلمانية. والسبب الثاني الذي يؤكد على أن مجلس النواب يعيش نوعا من التوازن بين الوظائف الرقابية والوظائف التشريعية، يردف المالكي، يبرز من خلال مساءلة الحكومة، مذكرا أن هذه الممارسة البرلمانية تندرج في إطار سياق تحول دولي للبرلمانات الدولية. أما بالنسبة للسبب الثالث، فيتجسد، حسب المالكي، في “التتبع البعدي للقوانين ومراقبة إصدار المراسيم التطبيقية التي يصادق عليها المجلس، والتي نسائل الحكومة على تنفيذها ونحرص على أن يقوم الجهاز التنفيذي بدوره بعد المصادقة على هذه القوانين من قبل مجلس النواب، ونقوم بدراسة أثر القوانين على أرض الواقع، كما نص على ذلك القانون التنظيمي لأشغال الحكومة” مبرزا أن المجلس بصدد إحداث بنية لذلك، بالنظر إلى أن مهمة التشريع غير كافية إذ لابد من الاهتمام بكل ما له علاقة بتنفيذ القوانين. وبخصوص السبب الرابع الذي يؤكد هو أيضا هذا التحول في الممارسة البرلمانية، فقد حدده المالكي في ترسيخ مبدإ الديمقراطية التشاركية التي تعتبر محطة أساسية في بناء الديمقراطية، فبدونها لا يمكن أن تكتمل الهندسة الدستورية، مسجلا في هذا الإطار على أن المجلس قد اعتمد نظاما معلوماتيا بتلقي وتدبير عرائض المواطنين، ثم تنظيم ورشات مع هيئات المجتمع المدني. أما السبب الخامس، الذي يعتبر كمؤشر دال على هذا التحول، فيتعلق يقول المالكي، بتخليق العمل البرلماني وربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث تم اعتماد مدونة السلوك ثم وضع آلية خاصة بحضور وغياب البرلمانيين تطبيقا للنظام الداخلي للمجلس تلافيا لهدر الزمن البرلماني. وحدد رئيس مجلس النواب السبب السادس في التنسيق الإيجابي ما بين مجلس النواب والحكومة، سواء في شخص رئيسها سعد الدين العثماني أو في الوزارة المكلفة بالعلاقة بالبرلمان والحكومة، حيث يتم السعي إلى نوع من التكامل في إطار احترام المؤسسة التنفيذية والنهوض بعمل المؤسسة التشريعية. وفي ما يخص السبب السابع، فيوضح المالكي أنه يرتبط بتقوية التواصل والتعريف بأنشطة المجلس ليصبح هذا التواصل قاعدة راسخة ومجهودا داخليا من قبل كل أجهزة المجلس. وأخيرا هناك السبب الثامن، ويتعلق الأمر بالديبلوماسية البرلمانية المبنية على اختيار السلم والأمن والاعتدال في العلاقات الدولية من جهة وجعل الرؤية المغربية حاضرة في النقاش الدولي والمؤسساتي، والاهتمام كذلك بالبعد الإفريقي، خاصة في المجال التشريعي، حيث تمت المصادقة على 44 اتفاقية مع المنظمات والمؤسسات الإفريقية والتي تهم الاقتصاد والنقل والأمن ومختلف الخدمات، مضيفا في هذا الصدد أن الديبلوماسية البرلمانية قد فتحت آفاقا واعدة في مناطق من العالم والبلدان الوازنة كأوربا الشرقية وبلدان البلقان وإفريقيا وجنوب شرق آسيا الذي أصبح من أهم مراكز القرار الجيو سياسي والاقتصادي، ونلمس تجاوبا كبيرا وانفتاحا على الكثير من القضايا المغربية اذ تم التوقيع على 20 اتفاقية ومذكرات تفاهم مع برلمانات ومنظمات دولية. وبالنسبة للآفاق المستقبلية، كشف المالكي أن العمل مستمر بنفس الروح الإصلاحية، حيث تم فتح مجموعة من الأوراش الداخلية كمركز الأبحاث الدولية والبرلمانية والورش الثاني المتعلق بالقناة البرلمانية، وقد تم اتخاد جميع الترتيبات المالية والقانونية وبالإمكان أن ترى النور نهاية هذه السنة فضلا عن جائزة الصحافة الالكترونية والمكتوبة والسمعية البصرية.