يرتكز التشخيص، وبشكل أساسي، على نتائج المهمات الرقابية التي قامت بها المجالس الجهوية للحسابات لدى الشركات المفوض إليها على نتائٔج الاستمارة والمقابلات التي تمت مع الخبراء وممثلي الأجهزة المعنية. الحكامة على أرض الواقع، وعندما يتعلق الأمر بخدمة عمومية محلية تشمل عدة جماعات متعاقدة، فإن تنفيذ عقود التدبير المفوض لا تسمح للجماعات الترابية المعنية بممارسة كامل السلطات المخولة لها كسلطة مفوضة. ويتم توقيع عقود التدبير المفوض من طرف كل جماعة على حدة من بين الجماعات التي يشملها مجال التدبير المفوض، لأن الجهاز الذي تلتئم فيه هذه الجماعات لا يتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي. وتعتبر صفة الموقع على عقد التدبير المفوض، من جانب السلطة المفوضة، مصدرا لبعض الاختلالات، ذلك أنه، على المستوى العملي، توقع الجماعات عقود التدبير المفوض بشكل منفرد وليس في إطار المجموعة المنصوص عليها قانونا لتدبير المرفق العام. وفي ظل هذا الوضع، تبقى الجماعات الموقعة مفتقدة للشخصية المعنوية، وبالتالي عاجزة عن تدبير الحسابات التي تستفيد من الموارد المستخلصة من طرف الشركات المفوض إليها، كصندوق الأشغال والحسابات الخصوصية وحساب السلطة المفوضة. وتترتب عن هذه الوضعية عدة تجاوزات، من ضمنها استعمال هذه الأموال لأغراض لا تتلاءم وما تستهدفه هذه المداخيل. تتشكل موارد صندوق الأشغال من الحصص التي يؤديها المرتفقون برسم المساهمات في البنيات التحتية الأساسية، ومن العائدات المحتملة لتوظيف أموال الصندوق من طرف الشركات المفوض إليها، وكذا من بيع المعدات المسترجعة إثر عمليات تجديد الشبكة. وترصد هذه الموارد مبدئيا لتمويل الاستثمارات المتعلقة، على الخصوص، بتقوية وتوسيع الشبكات وبالمنشآت الضرورية الكفيلة بضمان تنفيذ الخدمات المفوضة. 448. ويعد صندوق الأشغال إحدى الآليات المرتبطة، بشكل وثيق، بنمط التدبير المفوض، حيث ترصد موارده المتأتية من المساهمات في البنيات التحتية لتمويل الاستثمارات. إلا أن الوكالات المستقلة تقوم بدمج هذه المداخيل ضمن رقم المعاملات، مما يفتح إمكانية تغطية عجز الاستغلال بواسطة ذات المداخيل، كما هو الشأن بالنسبة لأغلب الوكالات المستقلة للتوزيع. وعلى سبيل الإشارة، بلغت مداخيل التعريفات بالنسبة للوكالة الجماعية المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بفاس 913 مليون درهم برسم 2342، لكن هذه المداخيل لا تغطي سوى 91 بالمائة من التكاليف، مما نتج عنه عجز في الإستغلال بما قدره 13 مليون درهم. ويبقى رصد الأموال المستوفاة عبر صندوق الأشغال لتغطية عجز الاستغلال ممارسة شائعة لدى الوكالات التي لا تتولى سوى خدمتي الماء الصالح للشرب والتطهير السائل، كما هو الحال بالنسبة للوكالة المستقلة المتعددة الخدمات بأكادير، والتي سجلت، سنة 2342، عجزا على مستوى التمويل الذاتي بقيمة 41,31 مليون درهم، بالنسبة لرقم معاملات بقيمة 931,, مليون درهم، وذلك رغم إدماج المداخيل شبه التعريفية في رقم المعاملات. وتشكل متأخرات الأداء أحد العوائق الإضافية لإنجاز الاستثمارات بالنسبة للوكالات والشركات المفوض إليها. وإذا كان بمقدور هذه الأخيرة اللجوء إلى تدابير تعويضية من أجل تخفيف الأثر المترتب عن عدم تحصيل هذه المداخيل داخل الآجال المناسبة، فإن الوكالات المستقلة لا تتوفر على أية إمكانية من هذا النوع، وبالتالي فإن وضعيتها المالية تزداد تدهورا. 430. وتتوزع متأخرات الوكالات المستقلة كما يلي: 818 مليون درهم في ذمة الجماعات الترابية، منها 139 مليون درهم تخص فقط الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بفاس؛ 21 مليون درهم على الإدارات العمومية؛ 141 مليون درهم على المؤسسات والمقاولات العامة. كما أن الوكالة المستقلة لمراكش سجلت لوحدها متأخرات بقيمة 44,.4 مليون درهم عند نهاية ,234، منها 181 مليون درهم في ذمة الخواص، و281 مليون درهم في ذمة الجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العامة، و2,3 مليون درهم على نوادي الكولف19. بلغت متأخرات الشركات المفوض إليها، إلى غاية 4, دجنبر 234، ما مجموعه 2.831 مليون درهم20، تتوزع على الشكل الآتي: 4.149 مليون درهم، بالنسبة لشركة ليديك؛ 881 مليون درهم، بالنسبة لشركة ريضال؛ 33, مليون درهم، بالنسبة لشركة أمانديس. 19 وزارة المالية 20 وزارة الداخلية ويعرف تدبير صندوق الأشغال عدة اختلالات. ذلك أن المساهمات التي تقوم الشركات المفوض إليها بتحصيلها لا يتم دائما إيداعها بالكامل لحساب الصندوق. كما أن إيداع المبالغ المحصلة غالبا ما يأتي متأخرا عن الآجال المتعاقد بشأنها. وعلاوة على ذلك، فإن الشركات المفوض إليها لا تدفع لصندوق الأشغال بعض المداخيل التي تقوم بتحصيلها، والتي تعود للسلطة المفوضة. ويتعلق الأمر بمداخيل المساهمة، وإتاوة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ورصيد التقاعد، والمبالغ المحصلة برسم مستحقات الوكالات السابقة. وبالنظر لطرق استعمال أموال الصندوق المذكور، فإن السلطة المفوضة لا تستفيد إلا جزئيا من العائدات المالية للصندوق، علما أن الشركات المفوض إليها لا تقوم بدفع مجموع الموارد المتأتية من توظيف فوائض الخزينة المتعلقة بالحسابات التي تعود للمفوض، خلافا لما تنص عليه العقود. وقد لجأت أطراف العقد أحيانا إلى استعمال هذه الأموال خارج الضوابط المحددة لذلك، كأداء متأخرات المساهمات الخاصة بنظام التقاعد إثر تحويله إلى جهة خارجة عن المؤسسة، أو تغطية مصاريف تسيير المصلحة الدائمة للمراقبة، أو أداء أتعاب مكاتب الاستشارة عن خدماتها لفائدة السلطة المفوضة، أو أداء الديون الضريبية التي كانت في ذمة الوكالات المستقلة السابقة. وخلافا للمقتضيات التعاقدية، يتم الالتزام بنفقات ويتم سحب أموال من هذه الحسابات من طرف الشركات المفوض إليها، دون الحصول على إذن مسبق من طرف السلطة المفوضة. كما تقوم الشركات المفوض إليها، دون التقيد بالمقتضيات القانونية، بخصم الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على النفقات المؤداة من أموال هذه الحسابات. البنود التعاقدية تكون البنود التعاقدية في بعض الأحيان غير دقيقة أو ناقصة، مما يستعصي معه على السلطة المفوضة تتبع تنفيذ العقود بشكل ملائم، وبالتالي المحافظة على مصالحها. كما تشير العقود، بعبارات عامة وغير دقيقة، إلى الحالات التي يمكن أن تفضي إلى عقوبات أو سقوط الحق أو حل العقد، مما يعيق تنفيذها على أرض الواقع. ويتعلق الأمر بفارق الاستثمار، وأجرة كل طرف، والخطأ الجسيم، وشروط مراجعات التعريفات. وعلاوة على ذلك، فإن البرنامج التوقعي للاستثمارات لا يحدد الفرضيات المرتبطة بالتصميم الحضري للمدينة، وبارتفاع الطلب، وبمخطط المناطق الحضرية الجديدة. كما أنه لا يحدد شروط مراجعة العقد في حالة عدم تحقق هذه الفرضيات. وفي حالات إنهاء التدبير السابق للوكالة الجماعية، لا يتم إنجاز محاضر التسليم المتعلقة بالأصول والخصوم، مما يسبب خسائر للسلطة المفوضة، وخصوصا على مستوى استخلاص المداخيل متأخرات الأداء والتي تقوم الشركات المفوض إليها بتحصيلها، خارج الضوابط، واحتسابها كعائٔدات مالية ذاتية. كما لم تتم بعد تصفية الوكالات الأربع لكل من الرباط والدارالبيضاء وطنجة وتطوان، والتي حلت محلها الشركات المفوض إليها. ذلك أن هذه الوكالات تجر وراءها خصوما ثقيلة وأصولا غير متحكم فيها. وعلى الرغم من المحاولات المتعددة، فإن عملية التصفية قد واجهت عدة عراقيل، منها غياب البيانات المالية الختامية، وتعدد المتدخلين، وعدم تحديد المسؤوليات بين السلطة المفوضة والمكلفين بهذه العملية والشركات المفوض إليها. تنفيذ العقود وقد أبانت عمليات تنفيذ العقود عن إختلالات ونقائص، وخاصة على مستوى الالتزامات المتعلقة بالاستثمارات والتعريفة وجودة الخدمات. 425. كما بينت إحدى الدراسات التقييمية التي شملت عشر سنوات من الفترة السابقة، أن الاستثمارات المنجزة من طرف الشركات المفوض إليها لم تحقق بالكامل الأهداف المحددة فيما يخص حجم المشاريع وآجال التنفيذ. ذلك أنه تم تسجيل فوارق هامة على مستوى المشاريع المهيكلة، وخاصة في مجال التطهير السائل، كتلك المتعلقة بالمصبات ومحطات المعالجة القبلية والحصارات والمجمعات . وتعزى هذه الفوارق في الاستثمار، في جزء منها، إلى ضعف الرساميل الذاتية التي قامت الشركات المفوض إليها بتعبئتها، وكذا بضعف قدرات التمويل الذاتي الراجع للقرارات المتخذة من طرف هذه الشركات. ومن أهم هذه القرارات التحرير المتأخر للرأسمال، والتوزيع الاستباقي لحصص الأرباح، وتحمل تكاليف غير مبررة تتعلق بالمساعدة التقنية، والمبالغة في قيمة بعض المصاريف واللجوء المفرط إلى الاقتراض. في إطار مراقبة العمليات المفوضة إلى االمؤسسات البنكية، قام مكتب الصرف بتتبع التحويلات المتعلقة بالمساعدة التقنية الخارجية المقدمة من طرف بعض الشركات المفوض إليها. وقد أسفرت عمليات المراقبة عن تسجيل مخالفات للمقتضيات القانونية لنظام الصرف. ويتعلق الأمر بما يلي: إجراء تحويلات غير قانونية للأموال، تتعلق أساسا بمصاريف التدبير والبحث المتعلقة بالشركة الأم، وكذا بمصاريف المستخدمين الأجانب؛ عدم الإنجاز الفعلي لخدمات المساعدة التقنية المفوترة من طرف المجموعة المالكة للشركة المفوض إليها؛ تسبيق أموال لأشخاص غير المقيمين بالمغرب؛ عدم احترام النسب المحددة من طرف مكتب الصرف أو تلك المحددة في اتفاقيات التدبير المفوض، برسم أتاوى المساعدة التقنية الخارجية. وترتبط الوقائع المسجلة في هذا الإطار أساسا بتنفيذ عقود للمساعدة التقنية تم إبرامها مع هيئات خارجية تنتمي إلى المساهمين المرجعيين للشركات المفوض إليها. وقد مكنت عمليات المراقبة من تقليص التحويلات بما قدره 4.3,1 مليون درهم بالنسبة لشركتين من هذه الشركات، و13 مليون درهم عن كل سنة بالنسبة لشركة أخرى21. 429. ورغم التدابير المتخذة من طرف مكتب الصرف لتأطير التحويلات برسم المساعدة التقنية الخارجية، فإن هذه الممارسات لم تتوقف، حيث استمرت الشركات المعنية، بأشكال مختلفة، في القيام بتحويلات غير قانونية للأموال، وذلك باستعمال تقنيات محاسبية وتركيبات مالية غير شفافة. وقد خضعت الشركات العاملة في مجال التوزيع لمراقبات جبائية تمخض عنها أداء هذه الشركات لضرائب تكميلية ناهز مبلغها الإجمالي 4.333 مليون درهم. ويتعلق هذا المبلغ، على الخصوص، بالضريبة على الشركات، والضريبة على الدخل، والضريبة على القيمة المضافة. 450. كما أن البيانات المحاسبية لا تعكس دائما الصورة الحقيقية لإنجازات عقود التدبير المفوض. وقد سجل، في هذا الإطار، ما يلي: التقليل من الفارق بين الاستثمارات المقررة وتلك المنجزة فعليا؛ تضخيم الفاتورات الخاصة بالخدمات فيما بين الوحدات التابعة لنفس المجموعة؛ إدراج نفقات التسيير ضمن الحسابات الخاصة بالأصول؛ إدراج المصاريف المالية والتكاليف الجزافية ضمن مصاريف الإدارة العامة والمساعدة التقنية. ومن جهتها، لم تحترم السلطات المفوضة الآجال التعاقدية المتعلقة بالمراجعات والتعديلات على مستوى التعريفة. كما أن الموازنة التي قد تمنح كمقابل عن هذه المراجعات تتم وفق معايير تحددها الشركات المفوض إليها بشكل انفرادي ودون مقاربة تواجهية، مما يؤدي، في بعض الأحيان، إلى تحديد مبالغ غير موثوق بصحتها. وعلاوة عن ذلك، فإن هذا النوع من الموازنة يتم عبر اقتطاعات من بعض الحسابات كصندوق التقاعد وصندوق الأشغال وأتاوة المدينة، وهي كلها حسابات غير مخصصة في الأصل لهذا الصنف من النفقات. كما تقوم الشركات المفوض إليها بفوترة بعض الخدمات في غياب أي أساس تعاقدي أو قانوني، بل وأحيانا في غياب الإنجاز الفعلي للخدمات. ويتعلق الأمر، على الخصوص، بالأتاوى المعمول بها بفضاءات الأداء، وبفوترة التطهير السائل على الرغم من عدم الربط بشبكة التطهير السائل، والفوترة مع الحد الأدنى، (علما أن هذه الطريقة الأخيرة تم إلغاؤها)، والواجبات المترتبة عن عمليات وضع وإزالة العدادات، إضافة إلى مصاريف الإشعار ومصاريف قطع وإعادة التزويد، وكذا تضخيم فواتير الأشغال المنجزة لحساب أصحاب التجزئٔات. لا تضمن طرق احتساب تقاسم الأرباح بين المفوض إليه والسلطة المفوضة بوثيقة مكتوبة، خلافا لمقتضيات العقد. كما أن حصة السلطة المفوضة لا يتم دفعها من طرف الشركات المفوض إليها، كما لا تنعكس على مستوى التعريفات. وعلاوة على ذلك، لم تدفع بعض الشركات المفوض إليها للسلطة المفوضة المبالغ المستحقة برسم تطبيق بند تقاسم الأرباح على مدى عدة سنوات. وقد سجلت لدى بعض الشركات المفوض إليها مدة انتظار بالشباك فاقت في المعدل المعايير المعمول بها. كما أن نسبة معالجة الشكايات لا تتجاوز 13 بالمائة وتستغرق، في بعض الأحيان، مدة طويلة. وفضلا عن ذلك، فإن مقياس الاستجابة للشكايات لا يتمثل بالضرورة في إيجاد الحلول اللازمة، وإنما فقط في مدى التقيد بالمسطرة والقيام بالإجراءات المرتبطة بها. وقد تم رصد العديد من الاختلالات على مستوى آليات الضبط والتقنين والمراقبة والتتبع بخصوص التدبير المفوض للمرافق العامة المحلية. تلعب لجنة المتابعة دورا هاما فيما يتعلق بتجاوز الصعوبات التي يعرفها تنفيذ العقد بين المفوض إليه والمفوض. غير أن هذه اللجنة تعاني من تركيبة غير متوازنة وغير ملائمة، حيث أن عدد ممثلي الجماعة المعنية يعادل عدد ممثلي المفوض إليه، يضاف إليهم عضوان يمثلان سلطة الوصاية. ويعاني سير هذه اللجنة كذلك من طريقة اتخاذ القرارات والقائمة على التوافقات التي غالبا ما تؤدي إلى تمديد الآجال وتراكم القرارات التي تبقى ذات طبيعة مؤقتة أو استثنائية. وتستند قرارات لجنة التتبع إلى المعطيات المقدمة من طرف الشركات المفوض إليها، دون التأكد من مدى صحتها، حتى ولو تعلق الأمر بجوانب مهمة كالاستثمارات والميزانيات أو حتى تلك التي تمس المراجعات والتعديلات التي قد تطال التعريفة. كما أن هذه اللجنة لم تمارس بعضا من صلاحياتها، وخاصة فيما يتعلق بدراسة مشاريع الصفقات والعقود والاتفاقيات المراد إبرامها، بشكل مباشر أو غير مباشر، مع المجموعة التي تراقب الشركة المفوض إليها. وفضلا عن ذلك، فإن مصالح المراقبة المحدثة من طرف المفوض لا تتوفر على الموارد البشرية والمادية التي تمكنها من الاضطلاع بالدور المنوط بها على أحسن وجه. تتولى المصلحة الدائمة للمراقبة ممارسة المهام المخولة إليها من طرف السلطة المفوضة ولحسابها، وذلك في مجال المراقبة الاقتصادية والمالية والتقنية وتدبير المرافق المفوضة. غير أن هذه المصلحة لا تتوفر على الاستقلالية الكافية عن الشركة المفوض إليها، ذلك أنه يعود لهذه الأخيرة تدبير المسارات المهنية لأعضاء هذه المصلحة واتخاذ القرار بشأن الموارد البشرية التي توضع رهن إشارتها. لا تقوم السلطة المفوضة بالمراقبة بعين المكان، بل تكتفي بمراقبة الوثائق، بناء على المعلومات المعروضة عليها من طرف الشركة المفوض إليها. وغالبا ما تعترض الشركة المفوض إليها على الإثباتات والآراء الصادرة عن المدققين الخارجيين، مما يجعل توصياتهم في الموضوع غير قابلة للتطبيق. وعلى المستوى العملي، يلجأ الطرفان المتعاقدان إلى لجنة خاصة لمعالجة «نتائج التدقيق المعترض عليها»، مما يؤدي، في الغالب، إلى مفاوضات طويلة الأمد، وأحيانا دون بلوغ النتائج المتوخاة. إن مراجعة العقود، والتي من المفروض أن تتم بعد مضي خمس سنوات كأجل أقصى، لا تتم عمليا إلا بعد انصرام عشر سنوات فأكثر، مما يفضي إلى الإخلال بالتوازن المالي والاقتصادي لعمليات التدبير المفوض. وضع التدبير المفوض حدا للتعريفة الموحدة المعتمدة من طرف الدولة في مجال توزيع الكهرباء والماء والتطهير السائل، وذلك بالسماح بضبط الأثمان بواسطة العقد، وهو ما أتاح إمكانيات اعتماد تعريفات تتلاءم و طبيعة المجال الترابي والساكنة المستفيدة من خدمات الشركات المفوض إليها. وتحدد التعريفات التي تطبقها الوكالات وتلك التي يطبقها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، من طرف الحكومة، بعد استشارة لجنة للأثمان مشتركة بين الوزارات تجتمع تحت إشراف الوزارة المكلفة بالشؤون العامة. أما التعريفات المطبقة من طرف الخواص المفوض إليهم، فيتم التفاوض بشأنها حسب كل عقد للتدبير المفوض. ويستند حساب التوازن الاقتصادي والمالي على مفهوم الثمن المتوسط (رقم المعاملات على حجم المبيعات)، ويتم تنزيل هذا المعدل في شكل تعريفات حسب كل شطر للاستهلاك وكل نوع من الاستعمال، وذلك على أساس تحقيق نوع من الموازنة التي تمليها، في غالب الأحيان، اعتبارات اجتماعية واقتصادية. وقد مكنت مرونة التعريفة، المحدثة بموجب عقود التدبير المفوض، من رفع قدرات التمويل الذاتي للشركات المفوض إليها، حيث حققت هامشا أكبر لتمويل الاستثمارات وعمليات التجديد والصيانة. إن نظام التعريفة المعمول به لا يمكن من تحقيق الهوامش الكفيلة بتغطية التكاليف وتمويل حاجيات الاستثمار في مرافق التوزيع، ذلك أن المداخيل التعريفية للتطهير السائل تبقى جد ضعيفة. ومن جهة أخرى، لم يتم تفعيل القرارات الصادرة عن مجالس الإدارة للوكالات المستقلة سنة 2331، بشأن الرفع من التعريفات الناتجة عن الزيادة في هامش التوزيع، في الوقت الذي استمر فيه إنجاز الاستثمارات بوتيرة متزايدة. وأمام هذه الوضعية، وعلاوة على اللجوء إلى الاقتراض، عملت الوكالات المستقلة على الرفع من الأسعار الخاضعة للنظام «الشبه تعريفي». إلا أن المداخيل المحصلة في هذا الإطار تبقى رهينة بالظرفية الاقتصادية، وخاصة في قطاع العقار. ومن أبرز الانتقادات التي توجه لنمط التدبير المفوض، تحميله للمستهلك الزيادات في الأسعار. ويلاحظ في هذا الصدد، أن الأسعار المطبقة من طرف الشركات المفوض إليها ليست دائما في مستوى أعلى من تلك المطبقة من طرف الوكالات المستقلة، رغم المراجعات التي تسمح بها السلطة المفوضة على مستوى التعريفة: تسجل تعريفات الماء مستويات مرتفعة من طرف شركة ليديك ووكالتي وجدة وآسفي، فيما التعريفة الأقل ارتفاعا تلاحظ على مستوى وكالة العرائٔش؛ تسجل تعريفات التطهير السائل الأكثر ارتفاعا لدى شركة ليديك الدارالبيضاء والمحمدية وعلى مستوى وكالة مراكش؛ تعريفات الكهرباء موحدة على العموم، مع استثناء بخصوص شركة أمانديس طنجة التي تطبق تعريفات نسبيا مرتفعة، مقارنة بالمدن الأخرى. وتضم البنية التعريفية شطرا «اجتماعيا» مشتركا بين جميع الموزعين. ويمتد هذا الشطر إلى حدود المائة كيلوواط الأولى المستهلكة، بالنسبة للكهرباء، وإلى حدود الستة أمتار المكعبة الأولى، بالنسبة للماء. ويعتبر ثمن البيع المطبق بخصوص هذا الشطر في مستوى أقل من التكلفة. ومن شأن إجراء دراسة لتقييم نظام التعريفة المنخفضة أن يمكن من قياس الانعكاسات على فئات المستهلكين، من حيث الموازنة في الأسعار، ومن تحسين مسلسل اتخاذ القرار. ورغم ما تمت إثارته من نقائص بخصوص التدبير المفوض، فقد عملت الشركات المتعاقد معها على إدخال ممارسات التسيير المعمول بها في القطاع الخاص، وذلك من خلال تحديث أنظمتها التدبيرية، وتحسين سياساتها التجارية، وتوفير المعلومات العملياتية والمالية والمحاسبية.