خلال بضعة أسابيع، تحول حداد وطني عقب مقتل ثلاثة شبان اسرائيليين إلى حرب مدمرة على غزة الصيف الماضي، لاتزال ارتداداتها تهز القدس التي تعيش على إيقاع الاغتيالات والمواجهات. يوم 12 يونيو 2014 تم اختطاف ثلاثة شبان يهود (نافتالي فرانكل وجلعاد شار 16 وايال ايفراخ 19 سنة. في الضفة الغربية, الثلاثة كانوا من طلبة إحدى المدارس الدينية, أحدهم يقطن بإحدى المستوطنات والاخران يسكنان في القدس. الثلاثة ليلة اختطافهم كانوا متواجدين على محور طرقي مهم قرب مستوطنة كفر اتسيون الصغيرة، كانوا عائدين إلى منازلهم... لم يتم العثور على جتثهم إلا بعد 18 يوما في أحد الحقول على بعد 3 كلم من بلدة حلحول شمال الخليل. بدأ التحقيق يشبه حقيقة مؤكدة, وهي أن مقتل الشبان الثلاثة تم منذ ليلة اختطافهم. ومع ذلك وبدل تهييء الرأي العام للحداد، ستعمل حكومة بنيامين نتياهو على تنظيم تعبئة عسكرية مهبطية تؤثر بشكل كبير في أذهان السكان. وخلال الأسابيع الأولى للتحقيق لم يتم الكشف عن كامل التسجيل الصوتي للمكالمة التي توصلت بها الشرطة (مكالمة أحد المختطفين يقول فيها بصوت مخنوق لقد اختطفوا.. تسجيل صوتي مدته دقيقتان و9 ثوان لا يترك أدنى شك حول مصير الشبان الثلاثة، لأن صوت الرصاص متضمن فيه طيلة شهر يونيو, احتلت صور الضحايا الثلاثة شاشات التلفزات واشعلت تعاليق الطبقة السياسية لتهيئة آلية الرد التي ستقود خطوة بعد أخرى إلى عملية اسرائيلية جديدة ضد حماس في قطاع غزة. منذ وقوع الاختطاف كانت هناك عملية التباس كبيرة أبطأت عمل الشين بين (مصالح الأمن الداخلي) . فعندما حاول أحد المختطفين الثلاثة الاتصال بالشرطة عبر هاتفه الخلوي، كان رجل الشرطة الذي تلقى المكالمة مترددا, أخبر اثنين من رؤسائه, لكن الاثنين اعتبرا أن القضية مجرد مزحة أو أخبار كاذبة. بعد أن استمعا إلى التسجيل الصوتي للمكالمة، حاولوا دون جدوى إعادة الاتصال بالرقم الهاتفي دون أن يخبروا مصالح الأمن الداخلي بالموضوع كما يقتضي ذلك البرتوكول، بدأت الأبحاث إذن متأخرة بساعات, تم العثور على سيارة الجناة محروقة على بعد حوالي 15 كلم عن المكان الذي سيتعرف فيه على جثث الشبان الثلاثة. اختفى ركاب السيارة وسيدوم فرارهم ثلاثة أشهر . ويؤكد الشين بيت أنه تمكن من تحديد هويتهم بعد أقل من 24 ساعة على عملية الاختطاف. ويؤكد مسؤول بالمخابرات العسكرية أن ذلك» لم يتطلب منا وقتا طويلا، لدينا عناصر جيدة كانت القضية مجرد ساعات...» لم يتم الكشف عن اسمي المشتبه فيهما الفارين إلا يوم 26 يونيو, مروان قواسمة 29 سنة وعمار أبو عيشة 33 سنة. من مدينة الخليل المعقل التاريخي للمقاومة الفلسطينية للاحتلال في الضفة الغربية. سبق لمروان قواسمة أن سجن عندما كان عمره 18 سنة ومنذ أفرج عنه اعتقل أربع مرات من طرف القوات الاسرائيلية. وحسب الجيش، فهو من نشطاء حماس المعروفين كان يشرف على تدريبات عسكرية ويقوم بعمليات الاستقطاب في منطقة الخليل. أما عمار أبو عيشة فقد سبق أن اعتقل مرتين وكذلك الأمر بالنسبة لوالده، أخوه قتل سنة 2005 وهو يحاول تشغيل عبوة ناسفة. ليلة 30 يونيو وبعدما تم التعرف على جثث الشبان الثلاثة, جمع الوزير الأول بنيامين نتنياهو كبار مسؤولي القضايا الأمنية في اسرائيل, وعبر شاشة التلفزة، ذكر الشبان الثلاثة بأسمائهم الشخصية, وأشار إلى أنه »تم اختطافهم واغتيالهم بدم بارد من طرف حيوانات. ثم أضاف حماس مسؤولة وحماس ستؤدي الثمن ودون أي دليل لقد بدأت ترتسم ملامح مواجهة جديدة بين الحكومة الاسرائيلية وحركة حماس. فتح تفاجأ منذ اختطاف الجندي شاليط في غزة والافراج عنه في أكتوبر 2011 مقابل تحرير حوالي ألف أسير فلسطيني، أصبح الاختطاف سلاحا مفضلا تستعمله حماس. وقبل أسبوع على اكتشاف جثث الشبان اليهود الثلاثة، أثار خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس بعض الالتباس عقب تصريحاته لقناة الجزيرة القطرية, حيث قال انه لا يستطيع تأكيد أو نفي علاقة حماس في الاختطاف، مضيفا بارك الله الايادي التي اعتقلتهم، فهذا واجب فلسطيني، ومسؤولية الشعب الفلسطيني يجب تحرير أسرانا. وتعتبر قضية اعتقال اسرائيل لحوالي 5 الاف فلسطيني قضية محورية. في أبريل بدأ العشرات منهم إضرابا عن الطعام احتجاجا على اعتقالهم الاداري بعد فشل مفاوضات جديدة بين اسرائيل والفلسطينيين بوساطة أمريكية. كما ان اسرائيل رفضت الافراج عن مجموعة أخيرة تشمل 30 أسيرا من أصل 104 المقررة لاظهار حسن النية. واختطاف الشبان الثلاثة يرفع من شعبية حماس التي بثت شريط فيديو وصور لشبان يرفعون ثلاثة أصابع وكتابات ثلاثة شاليط. من جانبه فوجئ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعملية الاختطاف الذي تم في اسوأ الظروف. فقبل أسبوعين وقعت حركة فتح اتفاق مصالحة بفتح الطريق أمام تشكيل حكومة مصالحة مع حماس. حكومة ائتلافية يفترض ان تمكن السلطة الفلسطينية من العودة الى القطاع غزة التي تسيطر عليها حماس منذ 2007 . نتنياهو وجد نفسه مدعوما في انتقاداته ضد السلطة الفلسطينية ولم يتوقف عن التنديد بمصالحتها مع حركة حماس, ويؤكد حسام زملط مسؤول فتح في العلاقات الدولية» »كنا أمام فراغ بعد فشل وساطة جون كيري قبل شهرين. كان هناك توافق شكلي مع حماس كان توافقا هشا، تم تنصيب الحكومة يوم 2 يونيو، بعد ذلك بأيام، عندما علمنا باختطاف الاسرائيليين الثلاثة، قلت في نفسي: انها من فعل شخص أغضبته المصالحة، بالنسبة للحكومة لا مجال لفتح تحقيق جنائي كلاسيكي فالمس بطفل يهودي يعني المس باسرائيل» في هذا المناخ المكهرب اطلقت الاجهزة الامنية الاسرائيلية عملية حارس اخواننا في الضفة الغربية, هدفها الرئيسي هو العثور على الشبان الثلاثة. دامت العملية حوالي ثلاثة اسابيع. والحصيلة كانت ثقيلة: مقتل 9 مدنيين فلسطينيين وعشرات الجرحى خلال مواجهات متفرقة مع الجنود، اعتقال حوالي 400 من اعضاء المتعاطفين مع حماس من بينهم 54 اسيرا فلسطينيا افرج عنه في اطار صفقة جلعاد شاليط. محافظة الخليل بسكانها البالغ عددهم 750 الف نسمة، منطقة مغلقة بشكل محكم. فمرتفعات هذه المدينة الاكبر في الضفة الغربية معقل الانتفاضات السابقة، محصنة بشبكة من المغامرات والشعاب والمخابئ الطبيعية. ولذلك قام الجنود الاسرائيلي ونصبت الخيام مدججين بالاسلحة المصوبة للقرى والبلدان المحيطة، وداخل المدينة المخنوقة بحرارة شهر رمضان. تحمل أبواب المحلات التجارية الفلسطينية اثار علميات التفتيش الليلية. منظمة العفو الدولية تحدثت عن عقاب جماعي ونائب وزير الدفاع داني دانون (ليكود) يقترح قطع الكهرباء، لعدة أيام عن الفلسطينيين والحكومة لا تبالي بالتفاصيل وتدعى استهداف المشتبه فيهم: كل متعاطف مع حماس , يوضح مصدر حكومي اسرائيلي, علينا ان نبعث برسالة واضحة لأن حماس تعتقد أن الاختطاف هو نقطة ضعفنا. نريد أن نظهر لحماس انها لا يمكنها الحصول على ما تريد بفضل هذا السلاح السحري المزعوم. احمد الطيبي النائب العربي في الكنيست والمحامي والمدافع عن العرب الاسرائيليين يقول إن 20 في المائة من سكان إسرائيل يحتجون بغضب على ردود الفعل الاسرائيلية غير المكافئة ويؤكد «يزعمون أن الوضعية تدهورت كثيرا بعد الاختطاف. إنها كذبة, قبل أسابيع قتل الجنود الإسرائيليون طفلين فلسطينيين لا يتعدى عمرهما 16 سنة. في بلدة بيتونيا. اذا تم قتل شبان فلسطينيين يجب الصمت, ولكن اذا قتل ثلاثة إسرائيليين، فهذا اعلان حرب««. نتنياهو يتقدم المجتمع الإسرائيلي يتناغم مع نفسه, وبينما يتواصل التحقيق في اختطاف الشبان الثلاثة ، تلتزم وسائل الإعلام بواجب التكتم وهو إجراء غريب في زمن شبكات التواصل الاجتماعي التي تكسر كل الحواجز، ويشرح أحد الصحفيين في صحيفة »هاريتس«« القنوات التلفزية قامت بعمل موجه بالإعلان عن أن عمليات البحث تركز على قنوات ومخازن المياه...« وبدأت حملة مسمومة تتصاعد على شبكات التواصل الاجتماعي تحت شعار «»أعيدو لنا أبناءنا» شعار مستلهم من الحملة العالمية التي انتشرت عقب اختطاف حركة بوكو حرام ل 273 شابة في نيجيريا. وبدأت تسمع لدى أقلية من الشباب والجنود نداءات للانتقام من العرب. وتحولت منازل المختطفين الثلاثة محجا للمواطنين , كان آباؤهم يظهرون باستمرار على شابات التلفزة التي تتابع العملية باستمرار... وجدت السلطة الفلسطينية نفسها محاصرة بالانتقادات من كل جانب، وكان نتيناهو يواصل تقدمه. محملا السلطة الفلسطينية »مسؤولية« سلامة الشبان الثلاثة المختطفين, في الوقت الذي تمت عملية الاختطاف في المنطقة من الضفة الغربية التي تسيطر عليها اسرائيل عسكريا ومدنيا. حماس من جانبها تندد بالاتفاق الأمني مع المحتل وتعتبره »تعاونا مع العدو, لتحديد مكان أبطال عملية الخليل واعتقالهم، حسب فوزي برهوم الناطق الرسمي باسم حماس. من هذا الطرف أو من الطرف الآخر, أصبح صوت المتطرفين هو السائد. السلطة الفلسطينية أمرت أجهزتها الأمنية بمنع المظاهرات في الضفة الغربية, وهو ما أذكى نار الغضب في صفوف الفلسطينيين ضدها. مسؤولو حماس ومنافسوها في غزة الجهاد الإسلامي يدعون إلى »انتفاضة ثالثة« ,أما اليسار الاسرائيلي فهو مشتت و فاقد لهويته. وأمام الجميع يظهر المستوطنون ينظمون قوتهم ويمارس حلفاء ليكود المتطرفون ضغطا متزايدا داخل الحكومة. ومنذ بدء عملية البحث عن الشبان الثلاثة، بدأت تتكثف القدائف التي تطلق من غزة نحو اسرائيل، وبدأت عمليات الرد الجوي الإسرائيلي بشكل ممنهج. بدأ الجناح اليميني في الحكومة يضغط على نتنياهو لتنفيذ عملية »استئصال »لحماس ، بل حتى المحسوبون على الاعتدال أمثال وزير المالية يائيرلابيد دعوا نتنياهو لضرب حماس بقوة. لكن وكعادته، يمنع نتنياهو عن اتخاذ أي قرار حربي قد يضطره إلى إعادة احتلال غزة التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي سنة 2005 والتي لم يعد يعيش فيها أي اسرائيلي. ويشرح مصدر مقرب من الحكومة موقف نتنياهو بالقول, »الوزير الأول فقد شقيقا له في الحرب وهو نفسه أصيب في الحرب.. فهو يعرف أنه في ساحة الحرب تقع أشياء كثيرة ضد كثير من الأمور, بالنسبة له الحرب هي الخيار الأخير، وخلال الأسبوع الحاسم قبل العملية في غزة، وجهت له اتهامات بالعجز والإكثار من المشاورات. في الحقيقة كان يبحث عن التهدئة وعندما رفضت حماس ذلك، لم يكن أمامه خيار آخر...» حماس من جانبها كانت تعاني من عزلة غير مسبوقة. منذ سنة ونصف كان قطاع غزة يعيش اختناقا بسبب الحصار الاسرئيلي وتدمير الأنفاق من الجانب المصري والتي كانت تشكل المتنفس الوحيد الذي تعبر منه المعدات والأسلحة والرجال. والحماس الذي رافق وصول الإخوان المسلمين للسلطة في مصر انتهى. وعبد الفتاح السيسي الذي أمسك بالسلطة في مصر يكن عداء واضحا لحماس. أما إيران وسوريا حلفاء حماس التقليديين، فإن علاقاتهما مع حماس بدأت تدهور. وفي غزة نفسها لا تريد حماس التخلي عن صفة المقاومة لفائدة جماعات إسلامية أخرى. في المحصلة، ومن الجانبين، لم تكن هناك رغبة حقيقية للتفاوض لاسيما في غياب وسيط خارجي. وبالتالي كانت حماس تهدد وتعبر أن »إسرائيل تفتح باب جهنم« إذا ما اختارت التصعيد أو الحرب. انكسار المكابح يوم 30 يونيه، خلق العثور على جثث الإسرائيليين الثلاثة انفجارا لدى الرأي العام، توالت التغطيات الإعلامية الخاصة واشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي، تم تنظيم مظاهرات بالشموع حدادا في القدس، بدأ مئات الإسرائيليين مسيرة في وسط المدينة رافعين شعارات »الموت للعرب!« تم اعتقال بعض المتظاهرين لكن السلطات العمومية أبدت بعض التسامح. فالظرف يقتضي التعبئة وليس الفرقة والانقسام.شنت إسرائيل غارات مكثفة على قطاع غزة رسمياً ضد أهداف إرهابية، لكن المكابح انخرطت يوم 2 يوليوز، تم العثور على جثة الشاب محمد أبو خفير، وهو فلسطيني لا يتعدى عمره 16 سنة من القدس الشرقية، في غابة تم اختطافه في الصباح من أمام منزل عائلته في حي الشوافات، وكان متوجها إلى المسجد. وأظهرت كاميرات المراقبة أن ثلاثة أشخاص أجبروا الشاب على الركوب في سيارتهم، تعرض لتعذيب فظيع، تم إحراق جسده بالكامل تقريبا (90%)، بعد أن أصيب بجرح في الرأس. وأظهر التشريح وجود آثار الدخان في رئتيه. لقد كان لايزال حياً عندما أضرموا النار في جسده »ثم حرقه من الداخل ومن الخارج، لأنه ربما أجبر على شرب البنزين. لقد عاد قانون القصاص يفرض إيقاعه، وأدى الإعلان عن هذه الجريمة البشعة إلى مظاهرات ومواجهات عنيفة لم يسبق أن شهدتها القدس الشرقية منذ 10 سنوات، امتدت المواجهات إلى العديد من المدن العربية داخل إسرائيل. عائلة أحد الضحايا الاسرائيليين أدانت جريمة اغتيال الشاب الفلسطيني, بالتأكيد على أن »ليس هناك فرق بين دم ودم, الجريمة هي الجريمة، كيفما كان جنسية الفرد وسنه، ليس هناك أي تبرير أو عذر ممكن . من جانبه، دعا اسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، المجتمع الدولي إلى وضع حد »للجرائم الاسرائيلية«. يوم 4 يوليوز، كان الجو مشحوناً قبيل وصول جثمان الشاب محمد إلى منزل العائلة في حي الشوافات. كانت وجوه الشباب متعبة جراء مواجهات الليالي السابقة, زاد منها تعب الصيام. في الحي يعيش السكان داخل جدران البيوت في خوف رهيب من حصول اختطافات جديدة, وقبل أن تنتهي مراسيم الدفن، كان غطاء برميل البارود قد انفرط وعلى إيقاع شعارات من قبيل »بلغ السيل الزبى,انتفاضة أفيقي وسيري إلى الأمام«، كانت مجموعات من الشبان الفلسطينيين تتقدم نحو القوات الاسرائيلية المتمركزة على بعد 500 متر من موقع التشييع. حجارة تلقى وإطارات مطاطية تحرق ... استعاد الشباب ردود أفعال سابقيهم من أجيال الانتفاضات السابقة..قامت الشرطة بمئات الاعتقالات في صفوف المتظاهرين، وبالموازاة أكدت السلطات أنها تبذل جهودها من أجل العثور على منفذي الجريمة، سيتم اعتقال 6 متهمين يوم 6 يوليوز, ثلاثا منهم من اليهود الأرتوذكسيين ستوجه لهم التهمة يوم 17 يوليوز، يتعلق الأمر بمستوطن عمره 29 سنة من مستوطنة آدم في الضفة الغربية وقاصرين لا يتعدى عمرهما 16 سنة من بيت شمس, ومن القدس اعترفوا بالأفعال المنسوبة إليهم، حاول إثنان منهم عشية الجريمة اختطاف طفل فلسطيني عمره 7 سنوات في أحد الأحياء المجاورة, المدعي الاسرائيلي أكد الدافع »العنصري« للجريمة. في نفس الوقت كانت الغارات والأعمال الانتقامية تتصاعد في غزة, لم يعد الأمر يتعلق بتحقيق أو بحث عن الحقيقة أو مفاوضات ولكن يتركز الاهتمام على القدرات العسكرية لحماس وآلاف الصواريخ التي تحوزها، وعن انفاقها السرية التي تمكنها من التسلل إلى اسرائيل، يوم 7 يوليوز سيتم قتل 6 من أعضاء حماس داخل أحد الأنفاق، قررت حركة حماس كسر الهدنة الضمنية الجارية مع اسرائيل منذ نونبر 2012 وفجر يوم 8 يوليوز بدأت اسرائيل عملية »الرصاص المصبوب« بذريعة »إعادة الاستقرار« على الحدود مع قطاع غزة والقضاء على قدرات حماس وتدمير البنية التحتية الارهابية، استدعت الحكومة 40 ألف جندي احتياط, طلب نتنياهو من الجيش »التشمير على السواعد« في مكافحة حماس. حرب استمرت 50 يوما بحصيلة جد ثقيلة 2140 قتيلا من الجانب الفلسطيني معظمهم من المدنيين و71 من الجانب الاسرائيلي من بينهم 66 جنديا, مجمعات سكنية وأحياء بأكملها تحولت إلى أكوام من التراب والحجارة, أزيد من 20 ألف منزل دمرت كليا أو تضررت بشكل كبير، مرة أخرى طرحت منظمات حماية حقوق الانسان والمنظمات الانسانية والأوساط الحقوقية قضية الاستعمال اللامتكافئ للقوة، ويوم 12 نونبر، أعلنت اسرائيل رفضها التعاون مع لجنة التحقيق الأممية حول الحرب في غزة وهي مقتنعة مسبقا بأن ادانتها ثابتة. يوم 23 شتنبر, أي بعد شهر تقريبا على سريان مفعول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قتلت اسرائيل كلا من مروان قواسمة وعامر أبو عيشة، الفلسطينيان المتهمان بالمسؤولية عن عملية اختطاف الاسرائيليين الثلاثة. خلال غارة على الخليل وطيلة فترة فرارهما( 3 أشهر) نجحا في الإفلات من شبكة الملاحقة التكنولوجية والبشرية للأجهزة الأمنية الاسرائيلية، وهما يتحركان في رقعة جغرافية ضيقة ,مباشرة بعد عملية الاختطاف نجحا في الاختباء داخل خزان تحت الأرض، تم خرجا منه بعد 5 أيام وبعد أن استطاعا الحصول على مخابئ مختلفة قرب الخليل بمساعدة حسام، عمر مروان ليجدوا مأوى في أحد المساجد. وحسب التهمة التي وجهتها محكمة أوفران العسكرية لحسام، فإن هذا الأخير خطط لعملية الاختطاف مع شقيقه محمود في غزة، هذا الأخير تم الإفراج عنه في إطار الاتفاق للإفراج عن الجندي جلعاد شاليط، وحسب الشين بيت، فإن حسام اعترف أنه طلب من أخيه توفير الأموال من أجل تنفيذ عملية »مثيرة« ويعتقد أن الأموال 220 ألف شيكل (46 ألف أورو) وصلته عن طريق مرسولة، وكان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس قد أكد نهاية غشت الماضي، »لم نكن على علم بالعمل الذي قامت به هذه المجموعة« ولم يتم تقديم أي دليل على وجود أمر مباشر أو طلب أو مخطط مسبق من قيادة حماس. بتصرف عن لوموند