يعيش العالم حملة برتقالية لمناهضة كل أشكال العنف ضد النساء، تخليدا لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة ،الذي يصادف 25 نونبر من كل سنة ويستمر حتى 10 دجنبر تحت شعار “اقضوا على العنف ضد النساء والفتيات”، وتقود هيئة الأممالمتحدة هذه الحملة هذه السنة باللون البرتقالي كشعار يرمز “لعالم خال من العنف” عززته بعبارة “عندما يتوقف العالم عن العنف ضد المرأة لونوا العالم بالبرتقالي”. وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن الواقع اليومي يؤكد أن أكثر من ثلث النساء حول العالم يتعرضن للعنف وأن 750 مليون امرأة تزوجن قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة، وأكثر من 250 مليونا خضعن لختان الإناث. والمغرب من البلدان التي تشهد تصاعدا في ظاهرة العنف ضد النساء، حيث كشف تقرير هيئة الأممالمتحدة لعام 2017 عن أرقام صادمة لواقع النساء المغربيات، 62 بالمئة من مجموع نساء المغرب يتعرضن للعنف،ونصف النساء المتزوجات يتعرضن للعنف الزوجي وعددهن قارب 3.7 ملايين يعانين الاضطهادوالعنف الجسدي من طرف الزوج، وأن 4.6 ملايين امرأة تعرضن للعنف النفسي، بينما تعرضت 1.4 مليون منهن للعنف الجسدي. التقرير كشف أيضا أن 3 ملايين امرأة تعرضن للمساس بحريتهن الفردية، فيما تعرضت 827 ألف امرأة لعنف جنسي، و181 منهن لعنف اقتصادي، مشيرا إلى أن أعلى نسب العنف الذي يمارس في حق المرأة المغربية هو العنف النفسي ب 48 بالمئة من مجموع الحالات المسجلة بالتقرير. كما سلط التقرير الأممي الضوء على النساء المعنفات جنسيا، وكشف أن 22.6 في المئة من نساء المغرب تعرضن لفعل من أفعال العنف الجنسي، من اغتصاب وألفاظ وعبارات وممارسات وتحرش جنسي، ويشمل أيضا تزويج القاصرات والعنف الجنسي الممارس في حق الأطفال. وبالرغم من المستوى التعليمي والثقافي للمرأة المغربية، وبغض النظر عن مكانتها المجتمعية، ترى المنظمة الأممية أن ظاهرة تعنيف النساء بالمغرب متجذرة وأن عدد النساء المعنفات في تزايد مستمر، الأمر الذي قد ينتج عنه صدمات نفسية وحالات وفيات في صفوف النساء. تقرير هيئة الأممالمتحدة، وإن حمل أرقاما صادمة، لم يكشف عن واقع مجهول في بلادنا، فقد سبق للمندوبية السامية للتخطيط، أن أصدرت تقريرا حول تنامي ظاهرة تعنيف النساء في الشوارع والفضاءات العامة، فاقت فيه نسبة المعنفات 40 بالمئة من نساء المغرب، 5.7 ملايين معنفة في المدن، بين 18 و64 سنة، 2.3 مليون امرأة تعرضت للعنف في فضاء عام، حيث يعتبر العنف البدني في المرتبة الثانية ضمن قائمة أشكال العنف التي تتعرض له المغربيات في الفضاءات العامة، بلغت ضحاياه 808 آلاف ضحية. بما يعادل 14.2 في المئة من النساء الحضريات. وتعد ظاهرة انتشار العنف بالفضاءات العامة من الظواهر الدخيلة على قيم المجتمع المغربي والأكثرها تفشيا بشكل كبير، خصوصا وأنها تمارس على النساء اللواتي تتوفرن على مستوى تعليمي عال مقارنة مع غيرهن. وكلما ارتفع مستوى تعليم النساء زاد معدل انتشار العنف في صفوفهن،حيث تتراوح هذه النسبة بين 29 بالمئة لدى النساء الحضريات اللواتي لم يسبق لهن ارتياد المدرسة، و40،6 بالمئة في صفوف اللواتي تتوفرن على مستوى التعليم الابتدائي و57،9 بالمئة في صفوف من لديهن مستوى تعليمي عال، مما يطرح أكثر من علامة استفهام، لماذا تستهدف بالخصوص النساء اللواتي يتوفرن على مستوى تعليمي واقتصادي واجتماعي متميز، هل يعود السبب لحقد اجتماعي رجولي يرى في تفوق المرأة تجاوزا لنرجسية ذكورية ؟ هذا العنف المستهدف للنساء بالفضاءات العامة لم تسلم منه أيضا النساء ذات الاحتياجات الخاصة، رغم معاناتهن مع الإعاقة، بل تكاد تعادل نفس نسبة العنف الذي تتعرض له النساء عموما، حيث لا تزيد النسبة إلا بمقدار 6 نقاط مئوية (40،8 بالمئة مقابل 34،7 بالمئة). واقع المرأة المغربية اليوم يتطلب اكثر من حملة تحسيس موسمية، يتطلب إرادة حقيقية لحمايتها قانونيا وزجريا من حالات العنف المختلفة التي أصبحت تتعرض لها والتي تزداد حدتها من يوم لآخر، عنف لم يعد يشكل فقط تهديدا لسلامتها الجسدية والنفسية، بل أصبح يدمر البناء الأسري والمجتمعي بكامله، ويشكل أحد المعيقات التي تحول دون تحقيق المساواة والتنمية، في وقت لم يعد فيه السياق الدولي ولا الوطني، دستوريا وسياسيا، يسمح باستمرار ممارسة العنف ضد المرأة.