بعد ديوانه الجميل « أغنية خريف الحلم»، الأديب حسن بوفوس يسافربنا – هذه المرة- من عالم الصورالفنية والألفاظ الشعرية الرائعة الى عالم المتن الحكائي عبر نافذتي السرد السلس والوصف الدقيق ، أولا بمذكرات معتوه « وهي مجموعة قصصية في غاية الجمال الروحي و الامتاع الفكري وثانيا برواية جديدة تحت عنوان « الرقص على حبال المكر» تتكون من إهداء وتقديم وتتضمن 14 فصلا مثيرا للقراءة والإمتاع. ونظرا لأهميتها الفنية الجديدة في عالم كتابة الرواية ، وبناء على تيمة النصوص المنتقاة ، و حتى يتمكن المتلقي من تكوين فكرة شاملة على المؤلف ، فقد أبيت إلا أن أضع لهذا السحر الأدبي قراءة توجيهية تليق بمقامها الفني ومكانتها الابداعية، وذلك من خلال أربع عتبات أساسية ، وهي: 1 – عتبة المؤلِف يتعلق الأمر بأحد الكتاب المعاصرين الذين نحتوا أسماءهم في ساحة الكتابة و القراءة عن جدارة و استحقاق ،بناء على ما أبدعوه وألفوه سواء في عالم الشعر أو الخطاب السردي باللغتين العربية و الفرنسية . ولد بطنجة عام 1962،و تابع دراسته الابتدائية بمدرسة طارق بن زياد ، فإعدادية ابن بطوطة ثم الثانوية بابن الخطيب اما الجامعية فكانت بكلية الاداب و العلوم الانسانية بفاس . و هو يعمل حاليا أستاذا للغة الفرنسية بثانوية ابن الخطيب التأهيلية بنيابة طنجةأصيلة . 2 – عتبة المؤلَف يتألف المؤلف من 152صفحة ، افتتحها الكاتب بإهداء جميل جاء في حلة قصيدة شعرية معنونة ب «إني أرقص» وأنهاه بفهرس لذيذ ، تثير فصوله الأربعة عشرتارة أنطولوجية القارئ وتارة أنتربولوجية المكان وتارة أخرى سوسيولوجية العلاقات الباردة المبنية على المكر و النفاق الاجتماعي بين شخوص النص ، وذلك في تفاعلهم مع أحداث الرواية و تأثرهم بالتحولات المعرفية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية الحاصلة ، مما يدفع هؤلاء الى التخلي عن أفكارهم و تصوراتهم الايجابية وتبني سلوكات منحرفة تقوم على الخداع وسوء النية والسرقة والتحايل وتكوين العصابة و التآمر والإيقاع بالأخر الخ . يمكن تقسيم سيولة الألفاظ الموظفة في النص الى ثلاثة حقول دلالية وهي: 1-حقل الألفاظ الدالة على بعض فئات المجتمع و ما يروج في فلكها : كالنادل والصناع التقليديين و العاهرات والسكارى والانخداع وطأطاة الرأس والاجتماع و…… الخ. 3 – حقل الألفاظ الدالة على الحب والوجدان : مثل يغنون ويرقصون – نساء أروبيات – سعادة الماضي – الحنونة – النشاط – امرأة جميلة وفاتنة – الخ . 3- حقل الالفاظ الدالة على العنف و الجريمة : كالمكر: – منظمة – سجن – ثار – شنق – طرد -لا تقتل – عضو في العصابة – تمردت – الخداع – عذاب – تشاؤم – المخدرات – …الخ . 4 – عتبة العنوان: من حيث الشكل ، يتألف العنوان من جملة إسمية مكونة من أربع كلمات ، أما اصطلاحا ، فالعنوان يحمل دلالات فنية وإيحاءات ثقافية و اجتماعية يحددها اللفظان التاليان : أ) الرقص ب) المكر. وإذا كان الرقص يعد فنا تعبيريا للجسد ، فإن المكر المرادف للخداع هو سلوك اجتماعي ذميم ينم عن تربية غير سوية وغير متوازنة.. 5 – عتبة الغلاف يتصدر الغلاف الأمامي للرواية اسم الكاتب» حسن بوفوس « و يتبعه العنوان المكتوب بخط بارز، ثم مربع يشتمل على صورة رأس امرأة جميلة في ريعان شبابها ، ثم معالم لشخصية غريبة – شبح -. يلاحظ طغيان لون» كريما» على كل المكونات السابقة ، وحضور ضعيف للأزرق الممزوج بالاخضر، مما يترجم حب الكاتب للحياة ورؤيته التفاؤلية للمستقبل رغم السلوكات المريضة والتضاربات القيمية والاختلافات الاجتماعية الحادة والصراعات الفكرية والثقافية التي اضحت تعتري المجتمع . في الاخير ، لا يسعني إلا أن أهنئ صديقي المبدع سي حسن بوفوس على هذا العمل الأدبي الرائع ،ذي الطبيعة الاجتماعية و الخصوصية الثقافية التي كان غالبا ما يطلق عليها المفكر والفيلسوف الفرنسي « ميشيل فوكو « االجنسانية ، وبذلك يعتبر هذا المؤلف الممتع إضافة نوعية للريبرتوار الحكائي المغربي .