أوصى المشاركون والمشاركات على هامش أشغال الدورة العادية الثانية للمجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي احتضنتها الحاضرة الإدريسية خلال يومي 3و4 نونبر 2018 بقاعة المؤتمرات بجماعة فاس، بالعمل على وضع برنامج تكوين تأهيلي لفائدة الأئمة المرشدين والمرشدات رهن إشارة الفروع بهدف تحديد مسارات في التكوين، تستجيب لمقتضيات الثوابت الدينية المشتركة، وتضمن الحصول على مخرجات تتلاءم مع الاختيارات والتوجهات والمواقف المعتبرة، إلى جانب تفعيل مسطرة التنسيق والتعاون في مجال نقل تجربة المملكة المغربية في تدبير شأن التعليم الديني العتيق، وذلك بتيسير سبل استفادة الجهات المختصة بدول الفروع الراغبة في استلهام التجربة المغربية في هذا المجال، مطالبين بوضع تصور شامل لبناء مشروع المنهاج الإفريقي في مجال محاربة الأمية وتعليم الكبار يستجيب للحاجات المحلية المعبر عنها وتلائم مكوناته ومبادؤه العامة الخصوصيات الثقافية والتنوع اللغوي، مع تعزيز الإشعاع الإفريقي من خلال تأسيس مجلة مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة لجميع الكفاءات العلمية المنضوية تحت لواء المؤسسة وغيرها بما يحقق البعد القاري للمجلة، مع دعوة الفروع إلى الإسهام بكثافة في الموقع الإلكتروني للمؤسسة، إن على مستوى تعزيز بواباته ومداخله الرئيسية بالمقالات والأبحاث وأخبار الأنشطة العلمية المنظمة على مستوى الفروع بمختلف اللغات المعتمدة أو على مستوى توظيف التطبيقات التشاركية والتدبيرية التي تفتح الباب واسعا أمام فرص التواصل والتفاعل. كما أوصى أكثر من 300 عالم إفريقي من 32 دولة بينهم 100 امراة عالمة، بتشجيع المرأة الإفريقية العالمة على الانعتاق من ظروف التهميش في بعض المناطق الإفريقية، وذلك بدعمها وتحفيزها على ارتياد مواقع متقدمة في مجال نشر الوعي الثقافي والاجتماعي في صفوف النساء وتقدير إمكاناتها في مجال تدبير الشأن الديني، فضلا عن تعزيز إسهامها في مختلف المجالات، مقترحين تنظيم ملتقى دولي تشجيعا للمرأة العالمة… وقد ترأس أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والرئيس المنتدب للمؤسسة، أشغال هذه الدورة حيث أكد في كلمته الافتتاحية على أهمية هذا الاجتماع، لتنزيل الأهداف النبيلة والحضارية، المتمثلة في توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين بالمغرب، وباقي الدول الإفريقية، للتعريف بقيم الإسلام السمحة، ونشرها وترسيخها، والقيام بمبادرات في إطار كل ما من شأنه تفعيل قيم الدين السمحة في كل إصلاح تتوقف عليه عملية التنمية في إفريقيا، سواء على مستوى القارة أوعلى صعيد كل بلد على حدة، وتنشيط الحركة العلمية والفكرية والثقافية في المجال الإسلامي، وتوطيد العلاقات التاريخية التي تجمع المغرب وباقي الدول الإفريقية، والعمل على تطويرها، والتشجيع على إقامة المراكز الدينية، والمؤسسات العلمية والثقافية، وإحياء التراث الثقافي الإفريقي الإسلامي المشترك، من خلال التعريف به ونشره والعمل على حفظه وصيانته. واعتبر الرئيس المنتدب هذا البرنامج هو الانطلاقة الفعلية للمؤسسة، بعد إرساء هياكلها، وتنزيل برامجها الهادفة، والتي همت برامج محو الأمية، تنظيم ندوات فكرية وعلمية، توزيع المصحف الشريف، تعزيز عملية التواصل بين الأعضاء في مختلف الدول الإفريقية، نشر العلوم الشرعية الصحيحة، ومحاربة الغلو في الدين، والتطرف بالحكمة والموعظة الحسنة والدعوة للتعايش، داعيا إلى استغلال تقنيات مختلف وسائل التواصل الحديثة لتقريب المسافات، وإشراك كل الفروع انطلاقا من بلدانهم الأصلية دون عناء التنقل، وهدر الجهد والمال. ومن جهته، أكد محمد يسف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، على الخطوات التي تسعى المؤسسة لتنزيلها، وتقييم حصيلة الخطوة الأولى، والنظر الى الخطوات القادمة بعين التفاؤل، من أجل تحقيق الأمن والأمان، والاستقرار، ومواصلة البناء، من خلال المشروع الهام الذي تقوده مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس وصيانة وحفظ العقيدة من كل قاسمة، موجها دعوته إلى التمسك بالعلم والإيمان من أجل تجاوز الصعاب وتحقيق المعجزات لكونهما سلاح العلماء الصادقين. وقد أبرز الشيخ إبراهيم صالح الحسيني، مفتي نيجيريا ورئيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، فرع نيجيريا ورئيس هيئة الإفتاء، والمجلس الإسلامي النيجيري، أهمية هذا اللقاء، الذي يجمع العالمات والعلماء الأفارقة، في تجديد بيعتهم لأمير المؤمنين لتحقيق أهداف المؤسسة التي أصبحت إطارا مرجعيا جامعا ومركزا عريقا تلتقي به الرؤى، مباركين الخطوة الجبارة التي أعطى جلالته انطلاقتها، والمتمثلة في الدروس الحسنية، التي تسعى إلى تعميق النظر في السنة النبوية السمحة، مؤكدا على أن علماء إفريقيا متشبثون بفطرة الإسلام، ومتمسكون بهذا الدين العظيم . بعد ذلك، استمر الاجتماع، بتقديم التقرير المتعلق بالحصيلة السنوية بأنشطة المؤسسة لسنة 2018، وبلورة تصور شامل للأنشطة السنوية المزمع تنفيذها سنة 2019، انطلاقا من اقتراحات اللجن الأربع، مع مناقشة عدة أوراق مشاريع، والتي عرضت على أنظار المشاركين، مؤكدا أن علماء إفريقيا باقون على فطرة الإسلام أحرارا لا وصاية لأحد عليهم متمسكين بهذا الدين العظيم ويسعدهم تجديد العهد والعمل على إنجاح مختلف أهداف المؤسسة. كما قامت الأمانة العامة للمؤسسة خلال هذه الدورة بتقديم التقرير المتعلق بالحصيلة السنوية لأنشطتها لسنة 2018 بالإضافة إلى بلورة تصور شامل للأنشطة السنوية المزمع تنفيذها سنة 2019 انطلاقا من اقتراحات اللجان، حيث انكب العلماء الأفارقة خلال اللقاء على مناقشة ثمان ورقات مشاريع وعرضها على المصادقة تشكل في مجموعها مجالات عمل كبرى تستند إلى أفكار ومقترحات تم التعبير عنها من طرف أعضاء المؤسسة أثناء انعقاد الدورة الأولى لمجلسها الأعلى في ديسمبر 2017، وتدخل كلها ضمن أهداف المؤسسة وتتجاوب مع تطلعات الناس في البلدان الإفريقية.